إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > الخطب المكتوبة > خطبة مكتوبة بعنوان: ” أمور اتفق وأجمع العلماء على تحريمها “. ملف: [word] مع نسخة الموقع.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” أمور اتفق وأجمع العلماء على تحريمها “. ملف: [word] مع نسخة الموقع.

  • 2 يونيو 2022
  • 2٬676
  • إدارة الموقع

أمور اتفق وأجمع العلماء على تحريمها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أمور اتفق وأجمع العلماء على تحريمها

الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الخالقِ وغيرُهُ مخلوق، المعبودِ بحقٍّ وغيرُهُ عُبِدَ بالباطل، العالِمِ بما يُصلِحُ عبادَهُ في جميعِ الأزمانِ، الزَّاجِرِ لهُم عن جميعِ المَضَارِّ والقِباح، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على النبيِّ المبعوثِ رحمةً للعالَمين، بشريعٍة لا أصلحَ مِنها للمخلوقِين، وعلى الآلِ لهُ، ثُمَّ الأصحابِ.

أمَّا بعدُ، أيُّها الناس:

فإنَّ الشِّركَ هوَ: صرْفُ العبادةِ أو شيْ مِنها لغيرِ اللهِ، حتى ولو كانت عبادةً واحدةَ كالدعاءِ، وهوَ مُحرَّمٌ بنصِّ القرآنِ والسُّنةِ النَّبويةِ واتِّفاقِ العلماءِ، ومِن الأمورِ الواضحِ تحريمُها في الدِّين، ومعَ ذلك فقد وُجِدَ كثيرونَ يَفعلُونَه، فتَسمَعُهم يدعونَ غيرَ اللهِ فيقولونَ: “فرِّجْ عنَّا يا رسولَ الله”، “مَدَد يا بدَوي”، أغِثنَا يا جَيلانِي”، ” اشْفِنا يا حُسين”، “شيئًا للهِ يا سَيدَّة”، ووُجِدَ أئِمَّةُ ضَلالٍ يُفتونَهُم بجوازِ ذلك، ويَدعونَهُم إليه، ويُشاركونَهم فيه، حيثُ قالَ اللهُ تعالى آمِرًا وزاجِرًا: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا }، وقال سبحانه ناهيًا: { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدً }، وقال تعالى مُتوعِّدًّا: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ }، وصحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال آمِرًا وزاجِرًا: (( اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ))، وصحَّ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال مُتوعِّدًّا: (( مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ))، وصحَّ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: (( مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ ))، وقالَ الفقيهُ سليمانُ بنُ عبدِ اللهِ ــ رحمهُ الله ــ: «وقد نصَّ العلماءُ مِن أهلِ المذاهبِ الأربعةِ، وغيرِهم، على: أنَّ مَن أشرَكَ باللهِ فهوَ كافر، أي: عَبدَ معَ اللهِ غيرَهُ بنوعٍ مِن أنواعِ العباداتِ، وقد ثبتَ بالكتابِ، والسُّنةِ، والإجماع: أنَّ دعاءَ اللهِ عبادةٌ لَه، فيكونَ صرفُهُ لِغيرِ اللهِ شِركًا».

أيُّها الناس:

إنَّ إحداثَ البدَعِ في الدِّين، وفِعلَها مُحرَّم بنصِّ السُّنةِ النَّبوية واتِّفاقِ العلماء، ومِن الأمورِ الواضحِ تحريمُها في الدِّين، ومعَ ذلك فقد وُجِدَ كثيرونَ يُحدِثُونَ البدعَ ويفعلونَها، ووُجِدَ أئِمَّةُ ضَلالٍ يُفتونَهُم بجوازِ ذلك، ويَدعونَهُم إليه، ويُشاركُونَهُم فيه، حيثُ صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ مُرهِّبًا مِن البدعِ، ومُحرِّمًا لَها: ((إنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ))، وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ))، وصحَّ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: (( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ))، وقالَ الفقيهُ السِّجزيُّ الحنفيُّ ــ رحمهُ الله ــ: «ولا خِلافَ في أنَّ الأُمَّةَ ممنوعونَ مِن الإحداثِ في الدِّين»، وقال الفقيهُ ابنُ تيمِيَّةَ ــ رحمهُ الله ــ: «البِدعُ أعظمُ مِن المعاصِي بالكتاب، والسُّنة، وإجماعِ الأُمَّة».اهـ

أيُّها الناس:

إنَّ الدعاءَ للكافرِ المَيِّتِ بالمغفرةِ والرَّحمةِ والصلاةِ عليهِ والعُمرة عنه مُحرَّمٌ بنصِّ القرآنِ والسُّنةِ النَّبويةِ واتِّفاقِ العلماءِ، ومِن الأمورِ الواضحِ تحريمُها في الدِّين، ومعَ ذلك فقد وُجِدَ كثيرونَ يفعلونَه، ووُجِدَ أئِمَّةُ ضَلالٍ يُفتونَهم بجوازِ ذلك، ويَدعونَهُم إليه، ويُشاركُونَهُم فيه، حيث قال الله تعالى ناهيًا عن ذلك: { وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ }، وقال سبحانَه زاجِرًا: {  مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }، وقال تعالى في شأنِ ما عمِلَهُ الكفارُ مِن خير في دُنياهم: { وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ }، وأحرجَ البخاريُّ ومسلمٌ أنَّه حينَ ماتَ أبو طالبٍ عَمُّ الرسولِ صلى الله عليه وسلم، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((«أَمَا وَاللهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ»، فَأَنْزَلَ اللهُ ــ عَزَّ وَجَلَّ ــ: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } ))، وأخرجَ الإمامُ مسلمٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ))، وقالَ الفقيهُ النَّوويُّ الشافعيُّ ــ رحمهُ الله ــ: «الصلاةُ على الكافرِ والدعاءُ لهُ بالمغفرةِ حرامٌ بنصِّ القرآنِ والإجماع»، وقالَ الفقيهُ ابنُ تَيمِيَّةَ ــ رحمهُ الله ــ: «الاستغفارُ للكفارِ لا يجوزُ بالكتابِ والسُّنة والإجماع»، وقالَ الفقيهُ النَّفراويُّ المالكيُّ ــ رحمهُ الله ــ: «حُرمةُ الاستغفارِ للكافرِ بعدَ موتِهِ مُجْمَعٌ عليها، ولَو للأبوين»، والاستغفارُ: دعاءٌ بالمغفرةِ والرَّحمة.

أيُّها الناس:

إنَّ سماعَ المُوسِيقى، والعَزْفَ على آلاتِها مُحرَّمٌ بنصِّ السُّنةِ النَّبويةِ واتِّفاقِ العلماءِ، ومِن الأمورِ الواضحِ تحريمُها في الدِّين، ومعَ ذلك فقد وُجِدَ كثيرونَ يَفعلونَه، ووُجِدَ أئِمَّةُ ضَلالٍ يُفتونَهم بجوازِ ذلك، ويَزعمونًا كذِبًا أنَّ العلماءَ اختلفوا في تحريمِه، حيثُ قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مُرَهِّبًا وزاجِرًا: (( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ: الحِرَ، وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ، وَالمَعَازِفَ ))، وهو حديثٌ صحيحٌ، صحَّحَهُ عشراتُ أو مئاتُ الأئمةِ والمُحدِّثين، والمعازِفُ هِي: آلاتُ المُوسيقى، وقُرِنَ تحريمُها واستحلالُها مع استحلالِ الزِّنى والخمرِ والحرير، وجاءَ بإسنادٍ صحيحٍ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ: الْخَمْرُ، وَالْمَيْسِرُ، وَالْكُوبَةُ ))، والكُوبَةُ هِيَ: الطَّبل، وقالَ الفقيهُ ابنُ رجبٍ الحنبليُّ ــ رحمهُ الله ــ: «وأمَّا استماعُ آلاتِ المَلاهِي المُطْرِبةِ فمُحرَّمٌ مُجمَعٌ على تحريمِه، ولا يُعلَمُ عن أحدٍ مِنهم الرُّخصَةُ في شيءٍ مِن ذلك، ومَن نَقلَ الرُّخصَّةَ فيه عن إمامٍ يُعتَدُّ بِه فقد كذَبَ وافترَى»، ونَقلَ الإجماعَ أيضًا على التحريمِ: عشراتُ الأئمَّةِ مِن الفقهاءِ والمُحدِّثين مِن مُختلِفِ العصورِ والبلدانِ والمذاهب.

أيُّها الناس:

إنَّ الغناءَ المشهورَ المعروفَ في أيِّامِنا هذهِ، والأيِّامِ التي قبلَها، الذي يُهيِّجُ الطِّبَاعَ، ويُثيرُ الهوى، ويَدعو إلى الفُسوقِ والرَّذيلة، بِذِكْرِ النساءِ والحُبِّ والعِشقِ والغَرامِ وأوصافِ النساءِ والقُبَلِ والعِناقِ، مُحرَّمٌ بنصِّ القرآنِ واتفاقِ العلماءِ، ومِن الأمورِ الواضحِ تحريمُها في الدِّين، فإنْ كانَ معهُ صورٌ وأفعالٌ وعوراتٌ أُخْرِى مُحرَّمة، كانَ التحريمُ أشدَّ وأغلَظ، ومعَ ذلك فقد وُجِدَ كثيرونَ يَفعلونَه، ووُجِدَ أئِمَّةُ ضلالٍ يُفتونَهم بجوازِ ذلك، ويَزعمونًا كذبًا أنَّ العلماءَ اختلفوا في تحريمِه، حيثُ قالَ اللهُ عن هذا الغِناءِ: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }، وصحَّ عن صاحبِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ ــ رضي اللهُ عنه ــ أنَّه كانَ يُقْسِمُ بِرَبِّه على أنَّ المُرَادَ بَلَهْوِ الحديثِ في هذهِ الآيةِ: الغِناءُ، فيقول: (( هُوَ وَاللهِ الغِنَاءُ ))، ووجهُ تحريمِ الغِناءِ مِن هذهِ الآيةِ: أنَّ اللهَ قد سَمَّى الغِناءَ لَهْوًا، وجعَلَهُ مِن اللَّهوِ المُضِلِّ عن سبيلِه، ولا يكونُ هذا الوصْفُ إلا في حقِّ شيءٍ مُحرَّمٍ شديدِ التحريم، وقالَ الفقيهُ أبو العباسِ المالكيُّ ــ رحمه الله ــ، وغيرُهُ مِن العلماء: «الغناءُ المُعتادُ عند المُشتهرِينَ بِه، الذي يُحرِّكُ النُّفوسَ، ويَبعثُها على الهَوى والغَزَلِ والمُجُون، الذي يُحرِّكُ الساكِنَ، ويَبعثُ الكامِن، وهذا النوعُ إذا كان في شِعْرٍ يُشَبَّبُ فيه بِذكرِ النساء، ووصْفِ محاسِنِهنَّ، وذِكِر المُحرَّمات، لا يُختلَفُ في تحريمِه، لأنَّه اللَّهوُ واللَّعبُ المَذمومُ بالاتفاق»، وأمَّا إذا كانَ الغناءُ مِن امرأةٍ، كان أشدَّ وأغلظَ في التحريمِ باتِّفاقِ العلماءِ، لأنَّ اللهَ قد نَهَى النساءَ عن الخُضُوعِ في القولِ، والغناءُ مِن أشدِّ أنواعِ الخضوعِ، حيثُ قال سبحانَه: { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً }، وقالَ الفقيهُ الطَّرْطُوشِيُّ المالكيَّ ــ رحمه الله ــ: «وأمَّا سماعُهُ مِن المرأةِ فكُلهُ مُجْمَعٌ على تحريمه».

أيُّها الناس:

إنَّ سَفرَ المَرأةِ مِن غيرِ محرمٍ لا يجوزُ بنصِّ السُّنةِ النَّبوية واتِّفاقِ العلماء، ومع ذلكَ فقد تساهلَ فيه كثيرون، حيثُ أخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ  ))، ومسيرةُ اليوم تقرُبُ مِن ثمانينَ كِيلو مِتر، وإنَّما اختلَفَ العلماءُ في سفرِ المرأةِ لِحَجِّ الفريضةِ، وعُمرةِ الفريضةِ عندَ مَن يُوجِبُ العُمرةِ، إذا لم تجِدَ مَحْرَمًا لَها, وأمَّا باقِي الأسفارِ، فقد نُقِلَ اتِّفاقُ العلماءِ وإجماعُهم على تحريمِه، واستثنَوا بعضَ المواضِعِ لِلضَّرورةِ، ودفعِ الشَّرِ والفسادِ الأعظم، وقالَ القاضي عِياضٌ المالكيُّ ــ رحمهُ الله ــ: «ولم يَختلفوا ــ أي: العلماء ــ أنَّه ليسَ لَها أنْ تَخرجَ في غيرِ فرضِ الحَجِّ إلَّا مع ذي مَحرَم»، وقالَ الفقيهُ ابنُ حَجَرٍ العَسقلانيُّ الشافعيُّ ــ رحمهُ الله ــ: «عدمُ جوازِ السَّفرِ بلا مَحْرَمٍ هو إجماعٌ في غيرِ الحجِّ والعُمرة»، وقالَ الفقيهُ ابنُ قاسمٍ الحنبليُّ ــ رحمه الله ــ: «أجمَعوا يَعني: العلماء ــ على عدمِ جواز السَّفرِ للمرأةِ بلا مَحْرَمِ في غيرِ الحَجِّ والعُمرة»، بل وحتى الحَج، فالصَّحيحُ أنَّ المرأةَ لا تُسافرُ إليهِ إلا معَ ذي مَحْرَمٍ، لِمَا أخرجهُ البخاريُّ ومسلمٌ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: ((«لاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً، قَالَ: «اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ» ))، والعُمرةُ أيضًا عندَ أكثرِ العلماءِ سُنَّة لا واجبة، وبذلكَ صحَّت الفتوى عن عددٍ مِن الصحابة.

وسُبحانَ اللهِ وبِحمدِهِ، سُبحانَ اللهِ العظيم.

الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ العالِمِ بالبواطِنِ والظواهرِ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ الحليمُ العظيمُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، الرَّاجِي أنْ يكونَ أخشَانا للهِ.

أمَّا بعدُ، أيُّها الناس:

فاتَّقوا اللهَ بفعلِ ما فرَضَهُ عليكُم، واجتنابِ ما حرَّمَ أنْ تَفعلوه، وزِيدُوا بفعلِ السُّننِ والفضائلِ والمكارمِ، واعلَموا أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لم يَمُتْ إلا بعدَ أنْ تركَنا على دِينٍ كاملٍ تامٍّ واضحٍ بيِّن، كأنَّه في وضُوحِهِ نهارٌ، حيثُ صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ ))، وصحَّ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ ))، وقال الله ــ جلَّ وعزَّ ــ: { قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا }، وخافَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم علينا صِنْفًا ونوعًا مِن الناس، حيثُ صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قالَ مُرهِّبًا لَنا: (( إِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ ))، والأئِمَّةُ المُضِلُون، هُم: الدُّعاةُ إلى الشِّركياتِ والبدعِ والضَّلالاتِ والفِسقِ والفُجورِ عن طريقِ تحريفِ نصوصِ شريعةِ الله، وتبديلِ معانِيها، والكذبِ في بابِ العلمِ، وعلى العلماءِ، والقولِ في دِينِ اللهِ بالهَوى وليسَ الأدلة، ورغباتِ الناسِ والأحزابِ والطُّرق.

هذا، وأسألُ اللهَ الكريمَ: أنْ يُعينَنا على الاستمرارِ على الإكثارِ مِن طاعتِه إلى ساعةِ الوفاة، وأن يقيَنا شرَّ أنفسِنا، وشرَّ أعدائِنا، وشرَّ الشيطان، اللهمَّ اغفر لَنا ولوالِدِينا وأجدادِنا وجميعِ أهلينا، اللهمَّ ارفعِ الضُّرَّ عن المُتضرِّرينَ مِن المسلمينّ في كلِّ مكان، اللهمَّ وفِّق ولاةَ أمورِ المسلمينَ لِما يُرضيكَ، وسدِّدهُم في الأقوالِ والأفعالِ، اللهمَّ تُبْ علينا إنَّكَ أنتَ التوابُ الرحيم، وأكرِمنَا برضاكَ والجنَّةِ والنظرِ إلى وجهكَ الكريمِ في جنَّاتِ النَّعيم، إنَّكَ سميعُ الدعاء، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لِي ولكم.