إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > الفقه > خطبة مكتوبة بعنوان: “فضل يوم عرفة وشيء مِن أحكام التكبير وعيد النحر والأضحية “.

خطبة مكتوبة بعنوان: “فضل يوم عرفة وشيء مِن أحكام التكبير وعيد النحر والأضحية “.

  • 25 أغسطس 2017
  • 45٬606
  • إدارة الموقع

فضل يوم عرفة وشيء مِن أحكام التكبير وعيد النَّحر والأضحية

الخطبة الأولى: ــــــــــــــ

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شُرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، مَن يَهد الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وسلَّم تسليمًا كثيرًا. 

أمَّا بعد، أيُّها المسلمون:

فإنَّكم لا تزالون تَنْعمون بعشرٍ مباركة، عشرِ ذي الحِجَّة الأُوَلِ، أفضلِ أيِّام السَّنَة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ ــ عَزَّ وَجَلَّ ــ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى ))، وإنَّكم غدًا مُقبلون على يومٍ جليل عظيم، ألا وهو يوم عرفة، وما أدراكُم ما يومُ عرفة، إنَّه يومُ الرُّكنِ الأكبر لحجِّ الحُجَّاج، ويومُ تكفيرِ السيئات، والعِتقِ مِن النار لهُم، إذ صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ ))، وهنيئًا لمَن صامَ هذا اليومَ مِن غير الحُجَّاج، مع أنَّ صيامَه عملٌ يَسير، حيث صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ))، فأين المُشَمِّرون لِهذا الأجْر الكبير جدًّا بصيام هذا اليوم، هُم وأزواجُهم وأولادهم ذكورًا وإناثًا، وسائر مِن في بيتهم مِمَّن يُطيق الصوم.

أيُّها المسلمون:

يُسَنُّ للرجال والنساء، الكِبار والصغار، تكبيرُ الله ــ عزَّ وجلَّ ــ: “الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد”، بعد السلام مِن صلاة الفريضة، سواء صَلَّوها في جماعة أو مُنفرِدين، ويَبدأ وقت هذا التكبير: مِن صلاة فجْرِ يومِ عرفةَ إلى صلاة العصر مِن آخِر أيِّام التشريق، ثُم يُقطَع، وقد أجمَع على مشروعية هذا التكبير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومَن بعدهم مِن أهل العلم.

والمشهور في كُتب المذاهب الأربعة: أنَّ هذا التكبيرَ يكون بعد السلام مِن صلاة الفريضة على الفَور، وقبلَ أذكارها.

أيَّها المسلمون:

إنَّكم على مشَارف عيدِ المسلمين الثاني، وهو عيد الأضحى، وإنَّه يُشرَعُ لكم فيه عِدَّةُ أمور:

أوَّلًا ــ أداء صلاة العيد، وهي مِن أعظم شعائرِ الإسلام في هذا اليوم، وقد صلَّاها النبي صلى الله عليه وسلم، وداومَ على  فِعلها هو وأصحابُه والمسلمون في زمَنه وبعدَ زمنه، بل حتى النساء كُنَّ يَشهدنها في عهده صلى الله عليه وسلم وبأمْره، لكنَّ المرأةَ إذا خرجت لأدائها لم تَخرج مُتطيبةً ولا متزينةً ولا سافرةً بغير حجاب، ومَن فاتتْهُ صلاةُ العيدِ أو أدرَكَ الإمامَ في التشهد قضاها على نفس صفتها التي صَلَّى بِها الإمام.

وثانيًا ــ الاغتسال للعيد، والتجمُّل فيه بأحسن الثياب، والتطيُّب بأطيب ما يَجد مِن الطِّيب.

وثالثًا ــ أنْ لا تَطعموا شيئًا مِن الأكل بعد أذان الفجر حتى تَرجعوا مِن صلاة العيد.

ورابعًا ــ إظهار التكبير مع الجَهر بِه: “الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد” مِن حين الخروج إلى صلاة العيد حتى يأتي الإمامُ ليُصليَّ بالناس صلاةَ العيد، وأمَّا النساء فلا يَجهرنَ إذا كُنَّ بحضْرة رجالٍ أو تَصِلُ أصواتهنَّ إليهم.

ومَن كبَّر في أيَّام عشر ذي الحِجَّة الأُوَلِ ويومِ عيد الفطر ويومِ عيد الأضْحى وأيَّامِ التشريق فإنَّه يُكبِّر لوحْدِه، وأمَّا التكبير الجماعيُّ مع الناس بصوتٍ متوافِقٍ في ألفاظ التكبير بحيثُ يَبتدئونَ ويَنتهونَ سَويًّا، فلا يُعرَفُ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه ــ رضي الله عنهم ــ.

وخامسًا ــ أنْ تذهبوا إلى صلاة العيد مَشيًا، وأنْ يكونَ ذهابُكم إلى مُصلَّى العيد مِن طريق، ورجوعُكم مِن طريق آخَر، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وسادسًا ــ رفع اليدين عند التكبيرات الزوائد مِن صلاة العيد، في أوَّل الركعة الأولى، وأوَّل الركعة الثانية، قبل القراءة، لثبوت ذلك عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذَكر الإمام ابنُ القَيِّم ــ رحمه الله ــ.

وسابعًا ــ الجلوس لِسماع خطبة العيد، وعدم الانشغال عنها بشيءٍ كالتهنِئةِ أو رسائلِ الهاتف الجوال أو غيرِ ذلك.

وثامنًا ــ تَهنئة الأهلِ والقَرَابةِ والأصحابِ والجِيران بهذا العيد، بطيِّبِ الكلامِ وأعذَبِه، وأفضلُ ما يُقال مِن صِيَغِ التهنئةِ: “تقبَّلَ اللهُ مِنَّا ومِنكَ” لثبوتها عن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ.

أيَّها المسلمون:

لا يجوز لأحد أنْ يصومَ يومَ عيدِ الأضْحى ويومَ عيدِ الفِطر وأيَّامِ التشريق لا لمُتطوعٍ بالصيام، ولا لناذرٍ، ولا لقاضٍ فرْضًا، ولا لحاجٍّ، ولا لغيرِهم، لثبوتِ التحريمِ بالسُّنَّة النبوية وإجماع العلماء، ويَجوز للحاجِّ المُتمتِّعِ الذي لم يَجد هديًا أنْ يصومَ أيَّامَ التشريق، لثبوت ذلك في السُّنَّة النَّبوية.

أيَّها المسلمون:

إنَّ التَّقرُّبَّ إلى الله تعالى بذبح الأضاحِي لَمِنَ العباداتِ الجليلة الطيبة التي يتأكَّدُ فِعلها في يوم العيد، فالأضحية مِن أعظم شعائر الإسلام، وهي النُّسُكُ العامُّ في جميع الأمصار، والنُّسُكُ المَقرونُ بالصلاة، وهي مِن مِلَّة إبراهيمَ الذي أُمِرْنا باتِّباع مِلَّتِه، وهي مشروعةٌ بالسُّنَّة النَّبوية المستفيضة، وبالقول والفِعل عنه صلى الله عليه وسلم، فقد ضَحَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وضَحَّى المسلمونَ معه، بل وضَحَّى صلى الله عليه وسلم حتى في السفر، وأعطَى أصحابه ــ رضي الله عنهم ــ غنمًا ليُضَحوا بها، ولم يأت عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه ترَكها، فلا يَنبغي لِمُوسِرٍ ترْكُها، وقد قال ربَّكم سبحانه عن البُخل على النفس بِما يُقرِّبُها منه: { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ الله فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ }، فاتقوا الله ولا تبخلوا بها عن أنفسكم، فإنَّها مِن السُّنن المؤكَّدة عند أكثر أهل العلم مِن الصحابة والتابعين فمَن بعدهم، كما ذَكر العلامة محمد الأمين الشنقيطي ــ رحمه الله ــ، وغيره، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.

بارك الله لي ولكم في ما سمعتم، وزادنا فقهًا في دينه، والحمد لله ربِّ العالمين.

الخطبة الثانية: ـــــــــ

الحمد لله مُعزِّ مَن أطاعَه واتقَاه، ومُذلِّ مَن أضاعَ أمرَهُ وعصَاه، والصلاةُ والسلام على عبده ورسوله محمدٍ المُنيبِ الأوَّاه، وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حقَّ جهاده.

أمَّا بعد، أيُّها المسلمون:

فهذه جملة مِن الأحكام المتعلقة بالأضحية:

أولًا ــ الأضحية لا تُجزأ إلا مِن الإبل والبقر والضأن والمعز، ذكورًا وإناثًا، كِباشًا ونِعاجًا، تُيوسًا ومَعْزًا.

وثانيًا ــ الأضحية بشاةٍ كاملةٍ أو مَعزٍ كاملةٍ تُجزأ عن الرَّجل وأهلِ بيتهِ ولو كان بعضهم مُتزوِّجًا، ما دام أنَّهم يَسكنون معه في نفس البيت، وطعامهم وشرابهم مُشتَرِك بينهم، لِمَا صحَّ عن أبي أيوب ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ، يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ ))، وأمَّا إذا كان لكلِّ واحدٍ مِنهم شَقَةً مُنفردةً نفقتُها مستقلة، ومطبُخها مستقل، فله أُضْحيةُ تخُصُّه.

ولا يجوز لأهلِ البيتِ الواحدِ أنْ يَشتركوا في ثمن شاةِ الأضحية، بحيثُ يَدفع كلُّ واحدٍ مِنهم جزءً مِن القِيمة لِيُضَحُّوا بها عنهم جميعًا، بل يُضَحِّيَ أحدُهم بماله ثُمَّ يُدخِل في ثوابها أهلَ بيته، لأنَّ اشتراكَ أكثرَ مِن واحدٍ في الشاة الواحدة لا يجوز باتفاق العلماء، وإنْ أعانوا والدَهُم أو أخاهُم أو المرأةُ زوجَها في ثمن الأضحية مِن باب التَّبرُعِ لًه والهِبَةِ لِيُضَحِّي عن نفسه، ثُمَّ إنْ شاء أشرَكَهم معَهُ في الثواب، وإنْ شاء تَرَك، فيجوز.

وثالثًا ــ يَبدأ أوَّلُ وقتِ الأضحية: مِن ضُحَى يومِ العيد بعدَ الانتهاء مِن صلاته وخُطبته، وهذا الوقت هو أفضلُ أوقاتِ الذبح، لأنَّه الوقتُ الذي ذبحَ النبي صلى الله عليه وسلم فيه أضحيَته، ومَن ذبحها قبل صلاة العيد لم تُجزئه، لِمَا صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا )).

وأمَّا مَن كان في مكان لا تُقامُ فيه صلاةُ العيد كالبَريَّةِ وأماكنِ العمل البعيدةْ عن الناس، فإنَّه يَنتظر بعدَ طلوعِ شمسِ يومِ العيد وارتفاعِها قِيدَ رُمحٍ مِقدارَ صلاةٍ العيد وخطبته ثمَّ يَذبح أضحيته.

وآخِر وقت ذبح الأضاحي هو: غروب شمسِ اليومِ الثاني مِن أيَّام التشريق، فتكون أيَّامُ الذبحْ ثلاثة: يومً العيد ويومان بعده، يَعني: اليومَ العاشر، واليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر إلى غروب شمسه، وبهذا قال أكثر أهل العلم مِن السَّلف الصالح فمَن بعدهم، وهو الثابت عن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ، بل عدَّه بعض الفقهاء إجماعًا مِنهم، ومَن ذبحَ في اليوم الأخير مِن أيَّام التشريق وهو الثالث، فللعلماء خلافٌ في إجزاء أضحيته، وأكثرهم على أنَّها لا تُجزأ.

ورابعًا ــ السُّنَّة في الأضحية أنْ تكونَ سليمةً مِن العيوب.

ومِن العيوب التي لا تُجزأ عند جميعِ العلماء أو أكثرِهم: العمياء والعوراء البيِّن عوَرُها، والمريضة البيَّن مرَضُها، ومقطوعة أو مكسورة الرِّجلِ أو اليدِ أو الظَّهر، والمشلولة والعرجاء البيِّن عرَجُها، والهزيلة الشديدة الهُزال، ومقطوعة الأذُنِ كلِّها أو مقطوعة أكثرِها أو التي خُلِقَت بلا أذنين، والتي لا أسنان لها، والجَرْباء، والمقطوعة الإلْيَة.

ومِن العيوب التي لا تُؤثر في صِحَّة وإجزاءِ الأضحية: الأضحية بما لا قَرْن له خِلقة، أو مكسور القرْن، والمَخْصِيَ مِن ذكور الأضاحي، وما لا ذنَبَ له خِلْقة، والقطع اليسير أو الشَّق أو الكيّ في الأذن.

وخامسًا ــ المستحب عند أكثر أهل العلم في لحم الأضحية أنْ يَتصدقَ المُضحِّي بالثلث، ويُطْعِمَ الثلث، ويأكلَ هو وأهله الثلث، لثبوت ذلك عن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في شأن لحوم الأضاحي: (( كُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا ))، فإنْ لم يأكل المُضحِّي مِن أضحيته شيئًا، وأطْعَم الفقراء جميعَها جاز، وكان تاركًا للأفضل، وكذلك مَن أوْلَمَ عليها قرابته ولم يُعطِي مِنها الفقراء جاز فِعله، وكان مُقصِّرًا تاركًا للأفضل، وفاته أجْرٌ عظيم، ويجوز أنْ يُعْطى مِن لحمها الكافر عند أكثر العلماء لاسِيَّما إنْ كان جارًا أو لتأليفِ قلبه، أو دفعِ شَرِّه.

وسادسًا ــ مَن ضَحَّى بالغنم فالأفضل مِنها ما كان موافقًا لأضحية النبي صلى الله عليه وسلم مِن جميع الجهات، ثم الأقرب مِنها، وقد صحَّ عن أنس ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ ))، والأملح هو: الأبيض الذي يشوبه شيء مِن السواد في أظلافه وبين عينيه ومَبَارِكه.

وسابعًا ــ يُستحبُّ أنْ تكون الأضحية سَمينة، لِمَا ثبت عن سهل بن حُنيف ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ )).

وثامنًا ــ السُّنَّة عند ذبحِ الأُضحية أنْ تُوَجَّهَ إلى القِبلة، ويقول الذابح عند إضْجَاعِها: “بسم الله، والله أكبر، اللهم مِنكَ ولكَ، اللهم تقبَّل مِن فلانٍ وآل بيته”، هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأقصِدُ بفلانٍ: أنْ يَذكرَ اسمَ نفسه.

وتاسعًا ــ الأضحية مِن جهة السِّن تنقسم إلى قسمين:

القسم الأوَّل: الإبل والبقر والمَعز.

وهذه الأصناف الثلاثة قد اتفق العلماء على أنَّه لا يُجزأ منها في الأضحية إلا الثني فما فوق، والثَّني من المَعز: ما أتمَّ سَنَة ودخل في الثانية، ومِن البقر: ما أتمَّ سنتين ودخل في الثالثة، ومِن الإبل: ما أتمَّ خمس سنين ودخل في السادسة.

القسم الثاني: الضأن مِن الغنم.

ولا يُجزأ مِنه إلا الجَذَعُ فما فوق عند عامَّةِ أهل العلم، والجَذَعُ على الأصحِّ: ما أتمَّ سِتَّة أشهر، ودخل في الشهر السابع فأكثر.

فانتبهوا ــ بارك الله فيكم ــ لِسِنِّ ضحاياكم، وراعوا ذلك، لِيَتقبَّلها الله مِنكم، وتنالون بها رضاه، ويُكرمَكم بأجْره العظيم.

هذا وأسأل الله تعالى أنْ يوفقنا لمعرفة الحقِّ واتباعه، ومعرفةِ الباطل واجتنابه، وأنْ يَهدينا الصراط المستقيم، اللهم تجاوز عن تقصيرنا وسيئاتنا، واغفر لنا ولوالدينا وسائر أهلينا، وبارك لنا في أعمارنا وأعمالنا وأقواتنا وأوقاتنا، اللهم اكشف عن المسلمين ما نزل بهم مِن ضُر وبلاء، وفقر وتشريد، وضعف وتقصير، وقتل واقتتال، ووسِّع علينا وعليهم في الأمن والرِّزق والعافية، وجنِّبنا وإيَّاهم الفتن ما ظهرَ منها وما بطن، ووفِّق الولاةَ ونُوَّابَهم وجُندَهم لِمَا فيه صلاحُ الإسلام والمسلمين وبلادهم، إنَّك سميع الدعاء، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.