إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > التربية > خطبة مكتوبة بعنوان: ” الأسباب المعينة على استقرار الحياة الزوجية واستمرارها “.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” الأسباب المعينة على استقرار الحياة الزوجية واستمرارها “.

  • 19 نوفمبر 2020
  • 6٬046
  • إدارة الموقع

الأسباب المعينة على استقرار الحياة الزوجية واستمرارها

الخطبة الأولى: ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ المُنفردِ بكلِّ الحمدِ والثناء، والصلاةُ والسلامُ الأفضلانِ على رسولِه خاتَمِ الأنبياء، وعلى آلِه وأصحابه النُّجَباء.

أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:

فإنَّ الزواجَ في شريعةِ الإسلامِ لَه حِكَمٌ عاليةٌ رفيعة، وغاياتٌ نبيلةٌ، وأهدافٌ جليلةٌ، مِنها:

أوَّلًا: صيانةُ الزوجينِ عن الحرام، لِصحيحِ قولِ النبي صلى الله عليه وسلم:((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ)).

ثانيًا: حفظُ المُجتمع عن الفواحشِ، وتَحلُّلِ الأخلاقِ، إذ لولا النكاحُ لانتشرَتْ الرذائلُ، وزَادَ عددُ أولادِ الزِّنا، وكثُرَ مَن لا أهلَ لَه، وضَاعوا وتَشرَّدوا واسْتُغِلُّوا في الفسادِ والإجرامِ إنْ لم يَتدارَكْهُم اللهُ برحمةٍ مِنه.

ثالثًا: استمتاعُ كلٍّ من الزوجينِ بالآخَرِ، وبما يَجبُ لَه مِن حُقوقٍ وعِشرة، فالرجلُ يَكفلُ المرأةَ، ويقومُ بالنَّفقةِ عليها بالمعروف، والمرأةُ تَكفلُ الرَّجلَ بالقيامِ بما يَلزمُها في البيت مِن رعايةٍ وإصلاح، وغيرِ ذلك.

رابعًا: إحكامُ الصِّلةِ بينِ الأُسَرِ والقبائلِ، فكَم مِن أُسْرتَينِ أو قَبيلتَينِ لا تَعرِفانٍ بعضٍ، أو مُتعادِيَتين، وبالزواجِ تقاربَا وتعاشَرا، وزالت عداوتُهُما، وقد جعلَ اللهُ الصِّهرَ قسيمًا للنسَبِ، فقال سبحانه مُمتنًّا:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا}.

خامسًا: بقاءُ النوعِ الإنسانيِّ على وجْهٍ سليمٍ، لأنَّ النكاحَ سببٌ للنسلِ الذي بِه بقاءُ الإنسانِ، حيثُ قال اللهُ تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}، ولولاهُ للزِمَ أحدُ أمرين: إمَّا فناءُ الإنسان، أو وجودُ إنسانٍ ناشئٍ مِن سِفاحٍ، لا يُعرَفُ لَه أصلٌ، ولا يقومُ على أخلاق.

سادسًا: توسيعُ بابِ الرِّزقِ، إذ جعلَ اللهُ الزواجَ سببًا فيه، فقال سبحانه:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، وجاءَ عن أبي بكرٍ وعمرَ وابنِ مسعودٍ ــ رضي الله عنهم ــ أنَّهم قالوا:((ابْتَغُوا الغِنَى في النِّكَاحِ)).

أيُّها المسلمون:
لمَّا كانَ الزواجُ بهذهِ المكانةِ العظيمةِ، كان الشيطان شديدَ الحرصِ على التفريقِ بينَ الزوجينِ، وبِسُبلٍ كثيرةٍ، حيثُ قال تعالى:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}، وصحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:((إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ، ويَلْتَزِمُهُ))، وفي المُقابِلِ فإنّ شريعةَ الإسلامِ قد رغَّبَتْ في استمراره، وبيَّنَت سُبُلَ دوامِه، وعالَجَتْ مُنَغِّصاتِه، وأعْظَمَتْ أُجُورَ أهلِه.

فدونَكم ــ سدَّدكُمُ الله ــ بعضَ الأسبابِ المُعينةِ على استقرارِه واستمراره:
السببُ الأول / عدمُ العجلةِ في الحُكمِ على الحياةِ الزوجيةِ بعدمِ صلاحِها، ولُزومُ الأناةِ، فقد تتأخَّرُ الأُلفَةُ والمَحبَّةُ شهورًا، أو أكثر.

وقد ذمَّ اللهُ العجلةَ، فقال سبحانه:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا}، ومدحَ الأناةَ، فصحَّ أنَّ رسولَه صلى الله عليه وسلم قال لِرَجُلٍ:((إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ:الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ))، ويا للهِ كم ضَيَّعتِ العجَلةُ مِن خَيرٍ، وكم سَبَّبَتْ مِن ضرَر، وقد قال اللهُ لِعبادِه:{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ}، وقال ابنُ حِبَّانَ ــ رحمه الله ــ:«والعَجِلُ تَصحَبُه النَّدامَة، وتَعتزِلًه السلامَة، وكانتِ العربُ تُكنِّي العجلَةَ: أُمَّ النَّدَامَات».
السببُ الثاني / استحضارُ كلِّ واحدٍ مَن الزوجينِ مَحاسِنِ الآخَرِ عندَ الغضبِ والاختلافِ والتَّشاجُرِ وإرادةِ الافتراق.

لأنَّ المحاسنَ تُهَدِّأُ النفوسَ، وتُقلِّلُ النُّفرَةَ، وتأتلِفُ بها وعليها القلوب، وقد صحَّ أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ))، ومعنى:((لَا يَفْرَكْ)) أَيْ: لَا يُبْغِض.
السببُ الثالث / استمرارُ القَوامَةِ والسِّيادَةِ للرجال، ولا تَنتقِل للمرأة.

لأنَّ اللهَ جعلها في الرِّجالِ ولَهُم، فقال سبحانَّه:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، واللهُ لا يَقضِي إلا ما فيه صلاحُ وسَدادُ وسعادةُ عبادِه ذكورًا وإناثًا، صغارًا وكبارًا، وقد ميَّز سبحانَه الرِّجالَ في خِلقَتِهم وتركيبَتِهم وشخصيَّتِهم بما يَتناسَبُ مع هذهِ القَوامَةِ التي لا تَستقيمُ الحياةُ الزوجيةُ إلا بِها، وإذا انعكسَ الأمرُ، فغَلبَتِ المرأةُ، وأنزَلَتْ نفسَها منزلةَ الرِّجلِ، فشِلَتِ الحياةُ الزوجية، وتضرَّرَ أهلُ البيتِ جميعًا، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:((لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً))، وليس معنى هذا: أنْ تُترَكَ استشارةُ الزوجةِ، ولا يُستفادُ مِن رأيها، بل تُستَشارُ، ويُتعاونُ معها على الخير، ويُستفادُ مِن رأيها، وقبولُ ذلكَ مِنها، مِن كمالِ عَقلِ وقوامَةِ الرَّجل، لا نَقْصِه.
السببُ الرابع / معرفةُ مقصودِ الحياةِ الزوجيةِ، وتَذكُّرُهُ باستمرار.

ألَا وهوَ بِناءُ أُسْرةٍ صالحةٍ، وإعفافُ النفسِ، وإعانةُ بعضٍ على مصالحِ الدُّنيا والآخِرة، ومَن لم يَلتفِتْ إلى هذهِ المقاصدِ، أو يَجعلْهَا دومًا على بالِه، فسَتَختَلُّ حياتُه الزوجية، وتَكثُر مُنغِّصَاتُها، ويَتضَّررُ الزَّوجانِ والأبناءِ والبنات، بل قد لا تَستمِر، وليس مقصودُ الزواجِ التسلِيةَ واللعِبَ والسُّفرَ والنُّزهةَ، والتَّسلُّطَ والإذلالَ، ونِدِّيَةَ المرأةِ للرَّجل.
السببُ الخامس / فِعلُ الأسبابِ المُجدِّدَةِ والمُرَغِّبَةِ في الحياةِ الزوجيةِ واستمرارِها، كتَجَمُّلِ الزَّوجينِ لِبعضٍ، والهدايا بينهما، واستعمالِ الكلامِ الطيِّبِ الرفيقِ الليِّن، ونِّداءِ بعضٍ بأحبِّ الأسماء إليه، والإعانةِ على الطاعاتِ عندَ التكاسُلِ والانشغالِ لاسِيَّما في أوقاتِ مُضاعَفةِ الأُجور، والمساعدةِ في أمورِ البيتِ أحيانًا، وإذا احتِيج.

وقد ثبَتَ أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال في بيانِ أثَرِ الهديةِ:((تَهَادَوْا تَحَابُّوا))، وقال الله تعالى:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ}، وثبتَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:((رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ))، وصحَّ أنَّ عائشةَ ــ رضي الله عنها ــ سُئِلَتْ:((مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، كَانَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ))، وعكسُ هذا انشغالُ الزَّوجةِ عن زوجِها بأولادِها وأحفادِها وصديقاتِها وخُروجَتِها وزياراتِها وطبخِها، وغيرِ ذلك، وانشغالُ الزوجِ عن زوجتِه بأصدقائِه، بكثرةِ مُسامرتِهم والخروجِ مَعهم، وأسفارِهِ المُتعدِّدةِ مِن دونِ حاجَة.

السببُ السادس / الإنصافُ بينَ الزوجينِ عند الاختلافِ والتنازُعِ والمُناقشةِ، مع الاعترافِ بالجميلِ والفِعلِ الحسَنِ وصوابِ الآخَر، وسُلوكِ التسامُحِ والعفوِ والسُّهولة.

حيثُ قال الله ــ جلَّ وعلا ــ مُذكِّرًا أهلَ الإيمانِ:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، ولمَّا فجَرَتْ في الخُصومةِ كثيرٌ مِن النساءِ مع أزواجِهنَّ وكفَرْنَ إحسانَهُم وجميلَهُم تسبَّبنَ لأنفسِهنَّ بِشَرٍّ عظيمٍ، وخسارةٍ كبيرةٍ، فكُنَّ أكثرَ أهلِ النَّار، فصحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:((أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِالله؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ))، ولو فَعَلَ الرِّجالُ مِثلَ ذلك، دخلوا في هذا الوعيدِ أيضًا، لأنَّه مذمومٌ مِن الجميعِ، بل قد يُذَمُّ الرَّجلُ بِه أكثر.

هذا وأسألُ اللهَ أنْ يُؤلِّفَ بينَ الأزواج، ويزيدَهُم أُلفَةً ورحمَة، ويجعلَ زواجَهم سعادةً لهم، إنَّه سميعُ مُجيب.

الخطبة الثانية: ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الملِكِ الأعلى، وسلَّمَ على محمدٍ النَّبيِّ المُصطَفَى، وآلهِ وصحبِه وصَلَّى، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ عالمُ السِّرِ والنَّجوى وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه المَبعوثُ للناسِ رحمَةً وهُدى.

أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:

فأوصيكُم ونفسِي بطاعةِ اللهِ وتقواه، فهيَ سببُ كلِّ خيرٍ وفلاح، وأُحَذِّرْكُم مِن معصيتِه، فإنَّها سببُ كلِّ شَرٍّ وبلاء، ثمَّ أعلموا أنَّه لا يَزالُ الحديثُ معَكُم عن الأسبابِ المُعينةِ على استقرارِ الحياةِ الزوجيةِ واستمرارِها، فأقولُ مُستعينًا بالله ــ جلَّ وعزَّ ــ:

السببُ السابع / القناعَةُ بما كتبَ اللهُ مِن رِزقٍ وبيتٍ وجمالٍ، وعدمُ المُنافسةِ للآخَرِين، أو التَّطَلُّعِ إلى ما عندَهُم، والتَّوجُّعِ مِن ضِيقِ الحال.

وإنَّه بسببِ عدمِ مُراعاةِ هذا تدَمَّرتْ كثيرٌ مِن البيوتِ، أو زادتِ المشاكلُ فيها، وكَبُر حجمُها، وبعضُ النساءِ إذا رأتْ ما عندَ غيرِها تَشوَّفَتْ لَه نفسُها، ونَدَبَتْ حظَّها وتَسخَّطَتْ أنْ ليسَ عندَها مِثلَه، والواجبُ أنْ تَشكُرَ اللهَ على كلِّ حال، وتَرضَى بما كَتبَ لَها، وتَسْعَدَ بأجْرِ ذلك، وتَنظرَ إلى مَن هو أقلُّ مِنها حالًا، فهوَ أقوى لِصَبرِها، وأكثرُ لِشُكرِها، لِما صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:((انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ))، وبعضُ الرِّجالِ يَزهَدونَ في نسائِهم بسببِ ما يُشاهدونَ مِن جمالٍ خَدَّاعٍ يَحْرُمُ النظرُ إليهِ عبرَ المُسلسلاتِ والأفلامِ والدِّعاياتِ وبرامجِ التواصُلِ، أخرجَه بهذِه الصورةِ أدواتُ وأصباغُ التَّجميلِ، والمُجمِّلونَ المُتخَصِّصونَ، وصالاتُ التَّجميل.
السبب الثامن / الرًّغبةُ الجادَّةُ في الإصلاحِ إذا وقعَت خصومةٌ ونِزاع، فإنَّه بابُ التوفيق.

حيث قال الله تعالى:{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}، إذِ الرَّغبَةُ في الإصلاحٍ سببٌ عظيمٌ للإنصاف، وللسُّهولةِ والتنازُل عن بعض ِالأمور، واللينِ مع بعضٍ، مِمَّا يُرجِعُ الحياةَ الزوجيةَ إلى سابقِ استقرارِها، وقد قال الله سبحانه في شأن النساء:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.
السببُّ التاسع / إكثارُ الدعاءِ مِن الزَّوجينِ لبعضٍ، لاسِيَّما في أوقات الإجابة، وعندَ الاختلافِ: بالتوفيقِ والسَّدادِ والإنصافِ.

إذِ الدعاءُ سهلٌ ويَسير، ويَتأتَّى في كلِّ وقتٍ، وهو مفتاحٌ لِخيرِ الدُّنيا والآخِرة، ومِغلاقٌ لكلِّ شَرٍّ، وقد قال الله سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، وثبتَ أنَّ  النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا )).

اللهم لا تجعل لَنَا أيِّمًا ولا أعزَبَ إلا زوَّجْتَه، ولا ذُرِّيَّةً إلا باركتَ لَنَا فيها، اللهم اجعل زواجَ المسلمينَ زواجَ خيرٍ وبَركةٍ وتعاونٍ على البِرِّ والتقوى، اللهم جنِّبنَا كيدَ الكائدين، ومَكرَ الماكِرين، وأصلِحِ العبادَ والبلادَ، وسدِّدِ الوُلاةَ، إنَّك سميعُ الدعاء، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.
تنبيه:

أصل هذه الأسباب لأحد طلاب العلم ــ سدده الله وشَكر له ــ فزدت في بسط ألفاظها ومعانيها وأدلتها، فخرجت بهذه الصورة.