إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > الحديث > خطبة مكتوبة بعنوان: ” الأحكام التي يحتاجها العباد وقت نزول الأمطار “.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” الأحكام التي يحتاجها العباد وقت نزول الأمطار “.

  • 3 ديسمبر 2020
  • 2٬499
  • إدارة الموقع

الأحكام التي يحتاجها العباد وقت نزول الأمطار

الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ لله المُنعِمِ بالخيرات، السابغةِ نِعمُه على جميع المخلوقات، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالتيسيرات، اللهم صلِّ عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم حشرِ البريَّات.

أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:

فإنَّ نُزولَ الأمطارِ على الأرض وما فيها مِن مخلوقاتٍ لَمِن أجلِّ نِعَمِ اللهِ، وأعظمِ ما وهَب، فبالماء حياةُ العِبادِ والبلاد، حيث قال سبحانه:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}، وقال تعالى مُمتَنًّا:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا}، وقال ــ جلَّ وعزَّ ــ مُتفضِّلًا:{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}.

أيُّها المسلمون:

إنَّنا نعيشُ في أوقات نُزولِ الأمطار، وإنَّ الأحكامَ المتعلِّقةَ بنُزولِها كثيرة، وتدخلُ في أبوابٍ عديدةٍ مِن الدِّين، وتعلُّمُها مِن تقوى اللهِ، وسُبلِ رِضَاه.

فَمِن أحكامِ الأمطارِ المُتعلِّقةِ بالعقيدةِ: أنَّ اللهَ هو المُتفضِّلُ على عبادِه بالمطر، رحمةً مِنه لهم، وجُودًا بِه عليهم، وإحسانًا إليهم، لدفعِ حاجتهم، وسَدِّ ضروراتِهم، وإصلاحِ معيشتِهم، ونِسبَتُه إليه وحدَه إيمانٌ، ونِسبَتُه إلى غيره كالنجومِ والكواكب كُفر، لِمَّا صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:((قَالَ اللَّهُ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَبِرِزْقِ اللَّهِ وَبِفَضْلِ اللَّهِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ كَافِرٌ بِي))، ونِسبته إلى غيره سبحانه مِن عقائد كُفَّار الجاهلية الأولى، حيث صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:((أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ ــ وذَكَرَ مِنها ــ: الْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ))، أي: اعتقادُ نُزولِ المطرِ بسبب سقوطِ نجمٍ في جهة، وطلوعِ نجمٍ آخَرَ في الجهة التي تُقابلُه.

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالعقيدةِ أيضًا: أنَّ العلمَ بوقتِ نُزولِ المطرِ إلى الأرض خاصٌ بالله وحدَه، لا يَعلمْهُ أحدٌ، لا الأنبياءُ، ولا الأولياءُ، ولا أهلُ الفَلِكِ والأرصاد، ولا الكُهَّانُّ والمُنجِّمونَ والسَّحرة، ولا غيرُهم، لِما صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:((مَفَاتِحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ ــ وذَكرَ مِنها ــ: وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي المَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا اللهُ))، ويُخالِفُ هذا الحديثَ النَّبويَّ، ويَضِلّ في هذا الأمرِ فريقان، أحدُهما: الصوفيةُ، حيثُ يَزعمونَ أنَّ بعضَ الأولياءِ يعلمونَ وقتَ نُزولِ المطر، والآخَرُ: بعضُ أهلِ الأرصاد، حيثُ نسمعُ مِنهم ونقرأُ لهم الجزمَ بنُزولِ المطرِ في وقت مُحدَّد، وقال القاضي ابنُ الطيِّبِ المالكي: “مَن قال: غدًا يَنزلُ الغيثُ، ضُرِبَ وسُجِنَ واستُتِيبً مِن ذلك، على هذا نصَّ أهلُ العلمِ مِن أهل السُّنَّةِ والجماعة”.اهـ

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالطهارةِ: أنَّ ماءَ المطرِ طاهرٌ في نفسِه، مُطهِّرٌ لغيرة، يَرفع الحدَثَ الأصغرَ والأكبر، ويُطهِّرُ الأبدانَ والثيابَ وأماكنَ الصلاةِ مِن النجاسة والقذَر، لِقول الله سبحانه:{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، وقولِه تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}.

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالأذانِ: أنَّه يُشرَعُ للمؤذنِ حينَ نُزولِ المطرِ أنْ يقول في أذانه:“الصَّلاةُ فِي الرِّحَال” أو “صَلُّوا فِي بُيُتِكُم”، لثبوتِ ذلك في عدِّة أحاديث، وصحَّ:((أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ المُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقُولَ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ))،أي: صَلُّوا في أماكنِكم مِن بيوتٍ وغيرها، ومَحلُّ قَولِ:“صَلُّوا فِي رِحَالِكُم” بعد آخِر جملةٍ مِن الأذان، لِمَا صحَّ في الحديث:((فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ:أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ))، أو يقولها بعدَ قولِ: “حيَّ على الفلاح”، لِمَا صحَّ عن رجلٍ مِن ثقيفٍ:((أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:”حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ”: “صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ”)).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالصلاةِ: أنَّ وجوبَ شهودِ صلاةِ الجمعةِ والجماعةِ يَسقطُ عن المأمومينَ حين نُزولِ المطرِ الذي يَبُلُّ الثيابَ، ويُتَأذَّى بِه، عندَ أكثرِ الفقهاء، لِمَا صحَّ أنَّ ابنَ عباسٍ قال لِمؤذنِه في يوم جمعةٍ مَطير:((إِذَا قُلْتَ:أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَلاَ تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، قُلْ:صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، فَقَالَ:إِنَّ هَذَا فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، يَعْنِي: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم))، وصحَّ عن جابرٍ أنَّه قال:((خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَمُطِرْنَا، فَقَالَ:لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ))، يَعني: مكانه، وأمَّا الإمامُ فإنَّه يَحضُر ويُصلِّي الجمعة والجماعة بمَن حضرَ مِن الناس، لحديثِ ابنِ عباسٍ السابقِ، وغيرِه، ولِمَا صحَّ عن أبي سعيدٍ أنَّه قال:((جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ السَّقْفُ، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي المَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ )).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالصلاةِ أيضًا: أنَّه يُباحُ للإمامِ أنْ يَجمعَ العشاء مع المغرب في الليلة المَطيرة، عند أكثر الفقهاء، لثبوتِ الجمعِ عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حيثُ صحَّ:((أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ، فَيُصَلِّي مَعَهُمُ ابْنُ عُمَرَ لَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ))، وأمَّا جَمْعُ الإمامِ العصرَ مع الظهرِ بسبب المطرِ فأكثرُ الفقهاءِ يقولون: لا يجوزُ، لِعدمِ ورُودِه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، وذهب الشافعيُّ وآخَرونَ إلى جوازه، وأمَّا جمعُ العصرِ مع الجمعةِ فلا يجوز، لا في مطرٍ، ولا سفرٍ، ولا غيرِ ذلك، لِعدمِ ورُودِه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابِه، والتابعينَ.

وهنا تنبيهان:

الأوَّل: أنَّ بعضَ الأئمةِ يَجمعونَ لِمجرَّدِ نُزولِ المطرِ، حتى ولو كان قليلًا لا تقعُ مِنهُ مشَقَّةٌ على الناس في أبدانِهم ولا ثيابِهم، ولا يَتأذَّونَ به، وهذا الجمعُ لا يجوز، ومَن فعلَه فإنَّه يُعيدُ الصلاةَ الثانيةَ في وقتها، وقد نصَّ الفقهاءُ على أنَّه لا بُدَّ لِجوازِ الجمعِ مِن أنْ يَبُلَّ المطرُ الثيابَ، وتَلحقُ المشقَّةُ بالخروج فيه.

الثاني: أنَّ الجمعَ  بينَ الصلاتينِ بسببِ المطر إنَّما أُبِيحَ لأجلِ دفعِ الأذى الحاصلِ على أبدانِ الناسِ وثيابِهم إذا خرجوا إلى المسجد في وقت الصلاة الثانية، وعليه فلا يَدخلُ في هذه الإباحةِ: مَن كان في مكانٍ لا يَخرج مِنه إلى المسجد، كمَن يكون في البيت أو خيمةٍ في البَّر أو سِجنٍ، أو مَقرِّ عملٍ، وأشباهِ ذلك، لأنَّه لا مشقَّةَ ولا أذىً يَلحقُه.

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالزكاةِ: أنَّ ما سُقِي مِن الحُبوب والثِّمار بماءِ المطرِ فزكاتُه العُشرُ، لأنَّه لا كُلفَةَ في سَقيِة، وما سُقِيَ بكُلفَةٍ ومشَقَّةٍ فزكاتُه نصفُ العُشرِ، لِمَا صحّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ))، والعُشرُ هو: عشرةٌ مِن المِئةِ، ونِصفُ العشرِ: خمسةٌ مِن المِئة.

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالزكاةِ أيضًا: أنَّ منعَ النَّاسِ زكاةَ أموالِهم مِن أسبابِ مَنْعِ المطرِ عنهم، لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:((وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا))، وحسَّنه العلامة الألباني، وباركَ اللهُ لكم فيما سمعتُم، ونفعَكم بِه، إنَّه سميعٌ مُجيب.

الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ على نبيِّنا الأمين، وصحابتِه المَيامِين.

أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:

فإنَّ مِن أحكامِ نُزولِ الأمطارِ المُتعلِّقةِ بالأذكارِ: أنَّه يُستحَبَّ أنْ يقولَ العبدُ إذا رَأى المطرَ”اللهمَّ صيِّبًا نافعًا”، لِمَا صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رَأى المطرَ قال: ((اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا))،وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه: ((كَانَ يَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ:«رَحْمَةٌ»))، وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أيضًا أنَّه قال: ((قَالَ اللهُ:أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ)).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالأذكارِ أيضًا: أنَّه يُستحَبُّ أنْ يُقالَ عندَ سماعِ الرَّعدِ ما صحَّ عن ابنِ الزُّبيرِ:((أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ:سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ))، وثبت أنَّ ابن عباس قال:((مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ فَلْيَقُلْ:سُبْحَانَ مَنْ سبَّحْتَ لَهُ)).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالتَّيَمُّنِ: أنَّه يُستحَبُّ التَّيَمُّنُ بالمطرِ بكشفِ شيءِ مِن اللباسِ عن البَدنِ لِيُصيبَهُ المطرُ، وتعريضُ شيءٍ مِن المتاعِ والثيابِ له، لِمَا صحَّ عن أنس أنَّه قال:((أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ  صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ، فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى))، وصحَّ أنَّ ابنَ عباسٍ:((كَانَ إِذَا مَطَرَتِ السَّمَاءُ يَقُولُ: يَا جَارِيَةُ أَخْرِجِي سَرْجِي أَخْرِجِي ثِيَابِي، وَيَقُولُ:{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا})).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالدعاءِ: أنَّه يجوزُ لِخطيبِ الجمعةِ أنْ يدعوَ في الخطبةِ بنُزولِ المطرِ إذا احتاجَ الناسَ، ويَرفعُ يديه في هذا الدعاء، ويَرفعُ الناسُ أيديَهم معَه، ويؤمِّنوا على دعائه، لِمَا صحَّ:((أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا»))، وفي لفظٍ صحيحٍ آخَر: ((فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ يَدْعُو، وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَهُ يَدْعُونَ)).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالدعاء أيضًا: أنَّه نُقِلَ عن جماعةٍ مِن السَّلفِ الصالحِ الدعاءُ عندَ نُزولِ المطرِ، فقال الإمامُ الشافعيُّ:«وَقَدْ حَفِظْتُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ طَلَبَ الْإِجَابَةِ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ»، وثبتَ عن عطاءٍ وهو مِن تلامذةِ الصحابةِ أنَّه قال:((ثَلَاثُ خِلَالٍ تُفَتَّحُ فِيهِنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَاغْتَنِمُوا الدُّعَاءَ فِيهِنَّ:عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ، وَعِنْدَ الْتِقَاءِ الرَّجْفَيْنِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ))، وقد ورَدَ الدعاءُ عندَ المطرِ في أحاديثَ نبويَّةٍ، ولكنْ لا يَصحُّ مِنها شيء.

هذا وأسألُ اللهَ لِي ولكم المغفرةَ والرحمةَ ودخولَ الجنَّة، ربَّنا هَبْ لنَا مِن أزواجَنا وذُرِّياتِنا قُرَّةَ أعيُن، واجعلنا للمتقينَ إمامًا، ربَّنا لا تُزغ قلوبَنا بعد إذ هديتنا وهَبْ لنَا مِن لدُنكَ رحمةً إنَّك أنت الوهاب، اللهمَّ إنَّا نعوذُ بكَ مِن دعاءٍ لا يُسمَع، وعلمٍ لا يَنفع، وقلبٍ لا يَخشع، ونفسٍ لا تَشبع، اللهمَّ إنَّا نسألُكَ عِيشةً سَويَّة، ومِيتَتةً نقيَّة، ومَرَدًّا غيرَ مُخْزٍ، اللهمَّ اكفنا بحلالِك عن حرامِك، واغننا بفضلِك عمَّن سِواك، وأقولُ هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.