أمور تفسد الصيام وأمور لا تفسده
أمور تُفسِد الصيام وأمور لا تُفسِده
الخطبة الأولى:ـــــــــــــــــــ
الحمدُ للهِ كثيرًا، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وأكبِّرهُ تكبيرًا، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالحقِ بشيرًا ونذيرًا، فصَلَّى اللهُ وسلَّمَ عليه وعلى إخوانِه مِن النَّبيين، وآلِ كلٍّ وأصحابِهم وأتباعِهم على الإيمان.
أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:
فاتقوا اللهَ ربَّكُم حقَّ تقواه، وأجِلُّوهُ حقَّ إجلالِه، وعظِّموا أوامِرَه، وأكْبِروا زواجِرَه، ولا تُهينوا أنفسكم بعصيانِه، وتُذِلّوا رقابَكم بالوقوعِ في ما حرَّم عليكم، وتنقادوا للشيطان، وتخضعوا لشهواتِكم، فتُفطِروا في نهارِ رمضانَ بطعامٍ أو شرابٍ أو استمناءٍ أو جِماعٍ، فإنَّ الإفطارَ قبْل حُلولِ وقتِه مِن غيرِ عُذرٍ ذنْبٌ خطير، وتجاوزٌ لحدودِ اللهِ فظيع، ومَهْلَكَةٌ للواقعِ فيه، فقد ثبتَ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قالَ مُبيِّنًا عقوبةَ مَن يُفطرونَ قبل تَحِلَّة صومِهم وإتمامَه: (( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالَا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أُطِيقُهُ، فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ )).
أيُّها المسلمون:
أنَّ مُفسِداتِ الصومٍ لعديدةٌ، وأنَّ مِنها: الأكلَ، والشُّربَ، والجِماعَ، وهي مُفطِّراتُ بنصِّ القرآنِ والسُّنَّةِ النَّبويةِ واتفاقِ العلماء.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: إخراجُ القَيءِ عمدًا، وذلك: بإخراجُ ما في المعدةِ مِن طعامٍ وشراب بإدخالِ إصبَعٍ أو غيره، وهو مُفسِّد للصومِ باتفاقِ العلماء، وصحَّ أنَّ ابنَ عمرَ ــ رضي الله عنه ــ قال: (( مَنِ اسْتَقَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ ))، ومعنى: (( اسْتَقَاء )) أي: تَقَيَّء متعمِّدًا.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: إخراجُ المَنِيِّ عن طريقِ الاستمناءِ، وهو مُفسِّدٌ للصومِ عندَ الأئمةِ الأربعةِ وسائرِ فقهاءِ الأمصار.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: إنزالُ المَنِيِّ بسببِ تَقبِيلٍ أو مَسٍّ أو ضَمٍّ أو مُباشَرةٍ للمرأةِ فيما دُون الفرْجِ، وهو مُفسِّدٌ للصومِ باتفاقِ العلماء.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: السَّعُوطُ إذا وصلَ طعمُه إلى الحلق، وهوَ: دواءٌ يُوضَعُ في الأنفِ ثم يُجذَبُ إلى داخلِه بالنَّفَسِ أو غيرِ ذلك، وهو مُفسِّدٌ للصومِ عندَ الأئمةِ الأربعة، وغيرِهم، وعلى هذا: تُخرَّجُ قطرةُ الأنفِ الطبية، فإذا قطَّرَها الصائمُ في أنفِهِ ووجَدَ طعمَها في حلْقه فقد فسدَ صومُه، وبهذا يُفتِي الأئمةُ: الألبانيُّ، وابنُ بازِ، والعُثيمينُ، والفَوزان.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: خروجُ دَمِ الحيضِ والنِّفاسِ مِن المرأةِ أثناءَ الصيام، وهو مُفسِّدٌ للصومِ باتفاقِ العلماء، وصحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ في شأنِ المرأة: (( أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ )).
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: قَطْعُ نِيَةِ الصومِ بقصدِ الإفطارِ في جُزءٍ مِن نهارِ الصومِ ولو لم يأكل، وهو قولُ أكثرِ الفقهاء، لِما صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ))، حيثُ دَلَّ على أنَّ مَن نَوَى إبطالَ ما هو فيهِ مِن الصومِ فلَه ما نَوَى.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: ابتلاعُ ما لا يُتغذَّى بِه كالتُّراب والحَصَى والنَّوى، وغيرِها، وهو مُفسِّدٌ للصومِ عندَ الأئمة الأربعة، وعامَّةِ العلماء.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: إتيانُ المرأةِ أو الرَّجلِ في الدُّبُر، سواءٌ أنْزَلَ مَنيًّا أو لم يُنزِل، وهو مُفسِّدٌ للصومِ عند الأئمة الأربعة، وغيرِهم، وقد ثبَتَ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ))، وثبتَ أنَّ أبا هُريرةَ ــ رضي اللهُ عنه ــ قال: (( مَنْ أَتَى أَدْبَارَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَقَدْ كَفَرَ )).
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: ابتلاعُ ما يَتبقَّى في الأسنانِ مِن لحمٍ ونحوِه مع القُدْرةِ على إخراجِه، وهو مُفسِّدٌ للصومِ عندَ عامَّة الفقهاء.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: الرِّدةُ عن الإسلامِ باتفاق العلماء.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: الحُقْنَة الشَّرْجيَّة، والمُرادُ بها: ما يُحقَن مِن دواءٍ عن طريقِ فتحَةِ الدُّبُر، وهي مُفسِّدَةٌ للصومِ عندَ المذاهبِ الأربعةِ وعامَّةِ العلماء، لأنَّ فتحَةَ الدُّبُرِ مُتَّصِلةٌ بالمُستقيم، والمُستقيمٌ مُتصِلٌ بالأمعاء، وتمتصُّ الأمعاءُ ما دخلَ عن طريقها، وعلى هذا: تتخرَّجُ التحاميلُ الطِّبيةُ التي تُدخَلُ عن طريقِ فتحَة الدُّبُر، فيَفسُدُ الصومُ بها.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: غسيلُ الكُلَى بطريقتيه، وبهذا يُفتِي العلماءُ: ابنُ بازٍ، والفوزانُ، والغُدَيَّانُ، والمُفتي آلُ الشيخ.
أعوذُ باللهِ مِن الشيطانِ الرَّجيم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.
والحمدُ للهِ أوَّلًا وآخِرًا، وعلى كلِّ حال.
الخطبة الثانية:ـــــــــــــــــــ
الحمدُ للهِ العَليِّ الأعلى، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على النبيِّ محمدٍ المُرتضَى.
أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:
فإنَّ مِنَ الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصوم: خروجَ المَنِيِّ مِن الرَّجلِّ أو المرأةِ بسببِ احتلامٍ في نهارِ الصومِ حالَ النوم، ولا يَفسُدُ بِه الصومُ باتفاقِ العلماء، لأنَّه يَخرجُ بغيرِ إرادةٍ مِن الإنسانِ وقصْد.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: خروجُ القَيءِ ــ وهو: عُصارةُ الطعامِ والشرابِ ــ مِن المعدةِ بغيرِ تَسبُّب مِن الصائم، ولا يُفسِدُ الصومَ باتفاقِ العلماء، وصحَّ أنَّ ابن عمر ــ رضي الله عنه ــ قال: ((مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ))، ومعنى (( ذَرَعَه )) أي: غلبَه.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: إنزالُ المَنِيِّ بسبب التفكِيرِ في الذِّهن بالجماعِ وأمور الشهوة، وسواء غلًبَهُ التفكِيرُ أو استدعاهُ بنفسه، حيثُ قال الفقيهُ المَاوَرْدِيُّ الشافعيُ ــ رحمهُ الله ــ: أمَّا إذا فكَّر بقلبِه مِن غيرِ نظرٍ فتَلذَّذَ فأنزَلَ، فلا قضاءَ عليهِ ولا كفارةَ بالإجماع.اهـ
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: خروجُ المَذْيِ بسببِ مسٍّ للمرأة، أو تقبيلٍ، أو تفكيرٍ بشهوة، وإلى أنَّه لا يُفْسِدُ الصيامَ ذهبَ عامَّةُ الفقهاء.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: التقطيرُ في الإحْلِيل، والإحليلُ هو: ذَكَرُ الرَّجل، ومِثلُه: رَحِمُ المرأة، فإذا وُضِع فيهما دواء نهارَ الصومِ فإنَّ الصومَ لا يَفْسُد عندَ أكثرِ العلماء، لأنَّه لا مَنفذَ بينَ الذَّكَرِ والرَّحِمِ وبينَ الجوفِ يُوصِلُ ما وُضِعَ إلى داخلها، وعلى هذا: تتخرَّجُ جملةُ مِن الأشياءِ المُعاصرة، فلا يَفْسُدُ بسببها الصوم، ومِن أمثلتِها: إدخالُ أُنبوبُ القسطرةِ عن طريقِ فتحَةِ الذَّكَر، أو إدخالُ منظارِ طِّبيٍّ عن طريقِ فتحةِ الذَّكَر أو الرَّحِم، أو إدخالُ مَحلولٍ لغسلِ المَثانةِ، أو مادةٍ تُساعِدُ على وضوحِ الأشعة، أو عملِ لَولبٍ في الرَّحِم، أو تنظيفِ المِهبَل، وقد ذهبَ إلى أنَّها لا تُفَطِّر الصائم: العلامةُ ابنُ بازِ، ومَجْمَعُ الفقهِ الإسلامي.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: الأكلُ والشُّربُ نسيانًا، أو فِعلُ أيّ مُفطِّرٍ نسيانًا، لِقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّحيحِ: ((مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ)).
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: ما طارَ إلى حلْق الإنسانِ أو دخَلَ إلى جوفِه بغيرِ إرادةٍ مِنهُ واختيارش، ومِن أمثلتِه: الذُّبابُ والبَقُّ والغُبارُ والدَّقيقُ والدُّخَانُ، وهو لا يُفسِدُ الصومَ باتفاقِ العلماء.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: وصولُ شيءٍ إلى حلْقِ الصائمِ مِن ماءِ المضمضةِ والاستنشاقِ بغيرِ قصدٍ ولا إسرافٍ ولا مُبالغةٍ مِن المُتوضِئ، وبذلكَ قال كثيرٌ مِن الفقهاء، لأنَّه وصَل إلى الحلْق بغير إرادةٍ ولا تَقَصُّدٍ ولا تجاوُز، وأمَّا إنْ بالغَ فيهما حتى سَبَقهُ الماء إلى حلقِه فيَفْسُدُ صومَهُ عندَ المذاهبِ الأربعةِ، لقولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الثابتِ: (( وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ))، حيثُ دَلَّ على: تأثُّرِ الصومِ بالمبالغة.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: فِعلُ شيءٍ مِن المُفطِّراتِ على وجْهِ الإكراهِ مِن قِبَلِ الغير، سواء فَعَلهُ المُكْرَهُ بنفسِه أو فُعِلَ بِه مِن قِبَلِ غيرهِ، نصَّ على ذلكَ كثيرٌ مِن الفقهاء، وذلكَ قياسًا على الإكراهِ على الكُفرِ الواردِ في قولِ اللهِ تعالى: { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا }، حيثُ دلَّتِ الآيةُ: على أنَّ قولَ أو فِعلَ الكُفرِ عن رضًا مِن الفاعلِ يُفسِدُ إسلامَهُ ويَنقضُه، وفِعلُهُ له عن إكراهِ لا يُفسِدُهُ ولا يَنقُضُه، والإكراهُ على الإفطارِ أولَى بعدمِ الفساد.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: تذَوُّقُ الطعامِ على طَرَفِ اللِّسانِ لِمعرفةِ حلاوتِه أو مُلوحتِه، أو تليينُ شيءٍ أو كسْرُهُ بالأسنانِ للصغيرِ دونَ بلعٍ لذلكَ ولا وجودِ طعمٍ في الحلْق، وهو مذهبُ الأئمةِ الأربعةِ، وغيرِهم، إلا أنَّه يُكرَهُ عندَ عدمِ الحاجةِ باتفاقِ المذاهبِ الأربعة، وقد صحَّ أنَّ ابن عباس ــ رضي الله عنه ــ قال: (( لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ القِدْرَ أَوِ الشَّيْءَ )).
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: القُبْلَةُ والمَسُّ والنَّظرُ للمرأةِ إذا لم يُصَاحَب بإنزالِ مَنِيٍّ أو مَذْيٍ، لِما صحَّ عن عائشة ــ رضي اللهُ عنها ــ: (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ )).
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: بقاءُ الجُنُبِ مِن جماعٍ أو احتلامٍ أو المرأةِ الحائضِ والنُّفساءِ إذا طهُرَتا بالليلِ مِن غيرِ اغتسالٍ حتى يطلُعَ عليهم الفجر، وتنتهِي صلاته، لِما صحَّ عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّها قالت: (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ )).
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: بلعُ الإنسانِ رِيقَ ولُعابَ نفسِه حتى ولو كَثُرَ ما دامَ في محلِّه وهو الفَم، ولم يَتجاوزْهُ فيَخرجَ مِنه وهو لا يُفسِدُ الصومَ باتفاقِ العلماء.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: ابتلاعُ ما بينَ الأسنانِ مِن فضْلِ طعامٍ وغيرِه بدونِ قصْدٍ مِن الصائم، ولا قُدْرةٍ على دفعِه، وهو لا يُفسِدُ الصومَ باتفاقِ العلماء.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: شرطَ العِرقِ بسكينٍ حتى يَخرجَ الدَّمُ مِنه، ولا يَفسُدُ بِه الصومُ عند أكثر العلماء، وقد صحَّ عن بعضِ الصحابةِ أنَّه قال: (( إِنَّمَا الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ )).
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: الدَّمُ والقيحُ الخارِجَينِ مِن الأسنانِ واللِّثَّةِ إذا لم يَرجعا إلى الحلْق، ولا يُفسِدُ الصومَ باتفاقِ العلماء.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: الاكتحالُ حتى ولو وجَدَ الصائمُ طَعْمَهُ في حلْقه، وإلى هذا ذهبَ أكثرُ الفقهاء، لأنَّ العينَ ليست مَنفذًا إلى الجوف.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: إنزالُ الرَّجلِ المَنِيِّ بتقبيلِ غيرِه لَه مِن غيرِ اختيارِه ورِضاه، ولا يَفسُدُ صومُهُ باتفاقِ العلماء.
هذ وأسألُ اللهَ: أنْ يُجنِّبَنا ما يُسخِطُه، ويُباعِدَ بينَنا وبينَ ما يُفسِدُ صيامَنا أو يُنقِصُ أجْره، اللهمَّ اجعلنا مِمَّن يصومُ رمضانَ ويقومُهُ إيمانًا واحتسابًا فيُغفرُ له ما تقدَّمَ مِن ذنْبه، اللهمَّ باعِد بينَنا وبينَ خطايانا كما باعدتَ بينَ المشرقِ والمغرب، وتُبِ علينا إنَّك إنَّكَ أنتَ التَّوابُ الرحيم، اللهمَّ أعنَّا على ذِكرِكَ، وشُكرِكَ، وحُسْنِ عبادتِك، واجعلنا مِن الذَّاكِرينَ لكَ كثيرًا، إنَّكَ سميعُ الدعاء، وأقولُ قولِي هذا، وأستغفرُ اللهَ لِي ولكُم.