إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > الخطب المكتوبة > خطبة مكتوبة بعنوان: “خطبة العيد الأول للمسلمين عيد الفطر”. ملف: [word] مع نسخة الموقع.

خطبة مكتوبة بعنوان: “خطبة العيد الأول للمسلمين عيد الفطر”. ملف: [word] مع نسخة الموقع.

  • 9 مايو 2021
  • 5٬468
  • إدارة الموقع

خطبة العيد الأول للمسلمين عيد الفطر


خطبة العيد الأول للمسلمين عيد الفطر

الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــــــ

الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر.

الحمدُ للهِ الرحيمِ الرحمن، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه المَمدوحُ في القرآن، اللهمَّ صَلِّ عليه وآلِه وأصحابِه الأبرار.

أمَّا بعدُ، فيَا عِبادَ الله:

اتقوا اللهَ حقَّ التقوى، واجعلوا تقواهُ نَصْبَ أعيُنِكم في السِّر والعلَن، فقد قال سبحانَه آمِرًا لكم:{ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ }، واعلموا أنَّ تقواهُ إنَّما تكونُ بالمسارعةِ إلى مغفرتِه ورضوانِه، بفعلِ الحسناتِ، وترْكِ الخطيئات، قبلَ انتهاءِ الأجل، وحُلولِ الحسابِ والجزاء،{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا }.

عِبادَ الله:

احذرُوا الوقوعَ في الشِّركِ بالله، فإنَّه أعظمُ ذَنْبٍ، وهو ناقضٌ للإسلامِ ومُبطِلٌ له، ولا يُغفَرُ لِمَن ماتَ ولم يتُب مِنه، ويُحبِطُ جميعَ طاعاتِ صاحبِه، ومُحرَّمٌ على فاعلِه دخولُ الجنَّة، وهو مِن الخالدينَ في النَّار.

ألَا وإنَّ مِن الشِّركِ: صَرفَ عبادةِ الدعاءِ لغيرِ الله، حيثُ يَصرِفُها بعضُ الناسِ لِعبادٍ مِثلِهم، فتَسمعَهُم يَدعونَهم قائلين: “فرِّج عنَّا يا رسولَ الله”، “مَدَد يا بَدَوي”، “أغثنا يا جَيلَاني”، “شيئًا للهِ يا رِفاعِي”، وقد قال الله زاجِرًا لنَا عن دعاءِ غيره:{ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا }، وصحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:(( مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ )).

عبادَ الله:

ابتعِدوا عن الحَلِفِ بغيرِ الله، فقد صحَّ أنَّ ابنَ عمر ــ رضي الله عنه ــ: (( سَمِعَ رَجُلاً يَحْلِفُ: لاَ وَالْكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ )).

عبادَ الله:

اللهَ اللهَ في الصلاةِ المكتوبة، فإنَّها  الفاصِلةُ بينَ إيمانِ العبدِ وكُفرِه، لِمَا صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ))، وصحَّ عن عمر ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( أَمَا إِنَّهُ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِأَحَدٍ تَرَكَ الصَّلَاةَ ))، وثبتَ عن ابنِ مسعودٍ ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ )).

عبادَ الله:

إيَّاكُم وإحداثَ البدعِ في الدِّين، أو فِعلَها، أو دعوةَ الناسِ إليها، أو نشرَها بينَهم، فإنَّ البدعةَ مِن أغلظِ المُحرماتِ، وأكثرِها خطَرًا، فقد صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال زاجِرًا لكُم عنها: (( إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ))، وصحَّ عن ابنِ عمرَ ــ رضي اللهُ عنه ــ أنَّه قال: (( كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَإِنْ رَآهَا النَّاسُ حَسَنَةً )).

عبادَ الله:

احذرُوا التَّفرُّقَ في الدِّين إلى أحزابٍ وجماعاتٍ، وطُرقٍ صوفيه، فذلكَ مِن غِلاظِ المُحرَّمات، وأشدِّها ضررًا على الدِّين والدُّنيا والعِباد والبلاد، وقد جاء في ذلك وعيدٌ شديد، فصحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَتَانِ، وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمُ الْجَمَاعَةُ» )).

عبادَ الله:

احذرُوا مِن أربابِ العلمانيةِ واللبراليةِ واللادِينيةِ وأهلِ التغريبِ والإلحادِ، والشُّذوذِ الجِنسِيِّ والفُجور، فهُم يَسعونَ جاهدينَ لِسلخِكُم عن دِينِكُم الإسلام، وإبعادِكُم عن الإرتباطِ بأُمَّتِكُم وبلدانِكُم، وجعلِكُم أتباعًا أذلَّاءَ مِثلَهُم لِسادتِهم مِن رجالات ومُفكِّري الغربِ والشَّرق، وأداةً لِمُخطَّاطاتِهم وأفكارِهم وعاداتِهم، فتُصبِحوا أعداءً لِدينِكُم، وحربًا على أصولِه وتشريعاتِه، وعونًا لهُم على أوطانِكُم وعادات مُجتمعِكُم وقِيَمِهِ القويمة، وتَحُلُّوا أخلاقَهُ، وتُفكِّكوا ترابُطَ أُسَرِهِ، وتَملؤوهُ بالعُهرِ والفُجورِ، والشهوانيةِ الجِنسيةِ البهيميةِ المُحرَّمةِ القبيحةِ شرعًا، وعقلًا، وطبعًا.

عبادَ الله:

إنَّ مصالحَ العبادِ في دِينِهم ودُنياهُم، لا تستقيمُ إلا بحاكمٍ عليهم، ولِعظمِ شأنِ الحاكمِ بادرَ الصحابةُ إلى تنصيبِ خليفةٍ عليهم قبلَ الصلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ودَفنِه، فاجتمعوا في السَقيفةِ وبايَعوا أبا بكرٍ الصِّديقَ ــ رضي الله عنه ــ خليفةً عليهم، ولو لم يَكنْ على الناسِ حُكَّامٌ لسَفكَ بعضُهم دماءَ بعض، ولأكلوا أموالَ بعض، ولهُتِكَت الأعراض، ولم يأمَنْ على نفسِه وأهلِهِ ومالِهِ حاضِرٌ ولا مسافرٌ ولا بَاد، ولَخافَ الناسُ حتى في المساجد، ولَتَسَلَّطَ أهلُ الإجرامِ والفسادِ والإرهاب، ولنَحَرَ واضطَهدَ الأقوياءُ الضُّعفاء، ولتَمكَّنت القبائلُ والعِرقياتُ والقومياتُ الأكثرُ عددًا ومالًا مِن إذلالِ مَن هُم أقلُ رجالًا وعتادًا ومالًا، ولَتقاتَلَ أهلُ البلدِ الواحدِ على ثرَواتِها، فاتقوا اللهَ في ولاةِ أمرِكم، واسمعوا وأطيعوا لهم في المعروف، وأكثِروا مِن الدُّعاءِ لهم بالتسديد، وكونوا عونًا لهُم على الخير، لا عونًا عليهم، فتتضرَّرونَ أنتم وبلادُكم وأمنُكم وأموالُكم وأهليكم.

عِبادَ الله:

تجنبوا مُشاهدةَ المُحرماتِ في القنواتِ الفضائيةِ، أو اليوتيوب، أو الفيسبوك، أو تويتر، أو مواقعِ الإنترنت، أو المسارحِ، أو السِّينما، أو الطُّرقات، وحاذروا الغِشَ والخِداعَ والتدليسَ والتغريرَ في البيع والشراء، أو في الأعمالِ الحِرَفيةِ والمِهنية، أو في العقودِ والمُناقصاتِ والمُضارباتِ التجارية، وابتعدوا عن التشبُّهِ بأهلِ الكفرِ في أفعالِهم، وأقوالِهم، عاداتِهم، وألبستِهم، وقصِّ شُعورِهم، وإيَّاكم والكذبَ، والغِيبةَ، والنميمةَ، والسُّخريةَ، والاستهزاءَ، والظُّلمَ والعُدوانَ، والبَغيَ والفجورَ، والغِلَّ والحِقدَ والحسَد، ولا تُؤذوا الناسَ في أبدانِهم، ولا في أموالِهم، ولا في أعراضِهم، ولا في بيوتِهم، ولا في طُرقاتِهم، ولا في مراكبِهم، واعلموا أنَّ الذُّنوبَ مِن شركياتٍ وبدعٍ ومعاصٍ شرٌّ وضررٌ مُحققٌ عليكُم في دنياكُم، وفي قبورِكم، وفي الدارِ الآخِرة، وإنَّها لتؤثِّرُ في أمْنِ البلاد، وتؤثِّرُ في رخائِها واقتصادِها، وتؤثِّرُ في قلوبِ أهلِها، وتؤثِّرُ في وِحْدَتِهم وائتلافِهم، وإنَّ ما يُصيبُ الناسَ مِن المصائبِ العامةِ أو الخاصةِ، الفرديةِ أو الجماعية، فإنَّه بما كسبَتْ أيديهِم، هُم سبَبُهُ، وهُم أهلُه، هُم سبَبُهُ حيثُ فعَلوا ما يُوجبُه، مِن شركياتِ وبدعِ ومعاصِ، وهُم أهلُه حيثُ كانوا مُستحقينَ له، لِقولِ اللهِ سبحانَه: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }.

عِبادَ الله:

هَا قد تَرَحَّلت أيُّامُ رمضانَ ولياليه، تِلكَ الأيامُ الغُرُّ، والليالي الزُّهْرُ بعدَ أنْ سَعِدنا بالصيام، وتمتَّعنا بالقيام، وانشرحَت صُدورُنا بِذكرِ اللهِ، ودعائِه، واستغفارِه، وتلاوةِ القرآنِ، ثم جاءَ العيدُ بزُهُّوِهِ وبَهجَتِه وأُنْسِه وفرْحتِه، فهو تُحفةٌ للصائمين، ومَكرُمَةٌ للمُتعبدين، وسُرورٌ للمُحسنين، وقد قال الله تعالى ممتنًا علينا بِه:{ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }.

عِبادَ الله:

إنَّ العيدَ لَمِن أجملِ ما امتنَّ اللهُ على عبادِه، فاحرِصوا فيه على صفاءِ النفوسِ وتَصفيتِها مِن الضَّغائنِ والشَّحناءِ، حتى يَغفرَ لكُم ربُّكم، وكونوا فيه مِن أهلِ العفوِ والصَّفحِ والتجاوز، وتغافَلوا عن الزَّلاتِ والهَفواتِ، وأظهِروا الأُلْفَةَ والتآلفَ، واجتنِبوا الفُرْقةَ وأسبابَها، وابتعِدوا عن الخصوماتِ والمنازعاتِ، فقد صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ))، نفعنِ ي اللهُ وإيَّاكُم بما سمعتُم، والحمدُ لله البَرِّ الرَّحيم.

الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــــ

الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر.

الحمدُ للهِ، وسلامٌ على عبادِه الذينَ اصطَفى.

أمَّا بعدُ فيَا عِبَادَ الله:

اشكُروا اللهَ على ما أنعمَ بِه عليكُم مِن إتمامِ الصيامِ والقيام، واسألُوهُ أنْ يَتقبَّلَ مِنكُم، ويَتجاوزَ عن تقصيرِكم، فإنَّه جوادٌ كريمٌ، عَفوٌّ غفورٌ رحيم، واعلموا أنَّه قد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ))، فلا تتكاسَلوا عن صيامِ هذهِ السِّت.

واعلموا أيضًا: إنَّ التهنئةَ بالعيدِ قد جَرَى عليها عملُ السَّلفِ الصالحِ، وعلى رأسِهم الصحابةُ ــ رضي الله عنهم ــ، وقد قال الإمامُ الآجُرِّيُّ ــ رحمه الله ــ عنها إنَّها: “فِعلُ الصحابةِ، وقولُ العلماء”، وثبت: (( أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانوا إِذَا الْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ )).

واعلموا أيضًا: أنَّ السُّنَّةَ لِمَن خرجَ إلى مُصلَّى العيدِ مِن طريقٍ أنْ يَرجعَ إلى بيتَه مِن طريقٍ آخَر، لِمَا صحَّ أنَّ: (( النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ )).

اللهمَّ أعنَّا على الاستمرارِ والإكثارِ مِن طاعتكَ إلى حين الوفاة، اللهمَّ اغفر لنَا ولجميعِ أهلينا، اللهم احقِنْ دماءَ المسلمينَ في كلِّ مكان، وارفعِ الضُّرَ عنْهُم والكُروب، وأعذْنا وإياهُم مِن الفتنِ ما ظهرَ مِنها وما بطَن، اللهم وفِّق ولاةَ أُمورِ المسلمينَ لِمَرَاضِيكَ، وأزِل بِهمُ الشِّركَ والبدعَ والآثامَ والظلمَ والعُدوانَ والبَغيَ والفجورَ والفساد، اللهمَّ اجعلنا مِمَّن صامَ رمضانَ وقامَهُ، وقامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا فغَفرْتَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِه، إنَّكَ سميعُ الدعاء، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لِي ولكُم.