إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > الفقه > رسالة بعنوان: ” سنة لحوم الأضاحي التثليث فيؤكل ويتصدق ويهدى “. ــ ملف [word و pdf ] مع نسخة الموقع.

رسالة بعنوان: ” سنة لحوم الأضاحي التثليث فيؤكل ويتصدق ويهدى “. ــ ملف [word و pdf ] مع نسخة الموقع.

  • 21 يونيو 2023
  • 331
  • إدارة الموقع

سُنَّة لحوم الأضاحي التثليث فيُؤكل مِنها ويُتصدّق ويُهدى

 

الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى.

وبعد:

فهذه وُرِيقات قليلة عن:

«استحباب تثليث لحوم الأضاحي».

وأسأل الله النفع بها للقارئ والكاتب، إنَّه سميع مُجيب.

حيث قال الفقيه أبو عبد الله القرطبي المالكي ــ رحمه الله ــ في “تفسيره” (12/ 32):

«ذهب أكثر أهل العلم إلى أنَّه:

يُستحب أنْ يَتصدَّق بالثلث، ويُطْعِمَ الثلث، ويَأكل هو وأهله الثلث».اهـ

ويدُل على ذلك:

ما أخرجه ابن حزم الظاهري ــ رحمه الله ــ في كتابه “المُحلَّى بالآثار” ( 5/ 313)، فقال:

ومِن طريق وكيع، عن ابن أبي رَوَّاد، عن نافع، عن ابن عمر ــ رضي الله عنه ــ قال:

(( الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا: ثُلُثٌ لِأَهْلِك، وَثُلُثٌ لَك، وَثُلُثٌ لِلْمَسَاكِين )).

والإسناد حسنٌ، إنْ كان ابن حزم يَرويه مِن “جامع” الإمام وكيع ــ رحمه الله ــ مباشرة.

وصحَّ عن علْقَمة التابعي ــ رحمه الله ــ أنَّه قال:

(( بَعَثَ مَعِي عَبْدُ اللَّهِ بِهَدْيِهِ قَالَ: وَأَمَرَنِي إِنْ نَحَرْتُهُ: أَنْ أَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهِ، وَآكُلَ ثُلُثًا، وَأَبْعَثَ إِلَى أَهْلِ أَخِيهِ بِثُلُثٍ )).

وعبد الله هو ابن مسعود ــ رضي الله عنه ــ.

وقد أخرجه:

ابن أبي عَروبة في كتاب “المناسك” (رقم: 110)، وابن أبي شَيبة في “مصنَّفه” (13190) واللفظ له، والطبراني في كتابه “المُعجم الكبير” (9702 و 9181)، وابن حزْم في كتاب “المُحلَّى” (5/ 313)، والبيهقي (10238)، وأبو يوسف في كتابه “الآثار” ( 582).

واحتجَّ بِه الإمام أحمد بن حنبل ــ رحمه الله ــ:

على استحباب التثليث في الأضحية.

وقال الإمام مُوفَّق الدَّين ابن قُدامة الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المُغني” (13/379-380)، في تقوية استحباب التثليث، والاستدلال له:

«وَلَنَا: ما رُوِيَ عن ابن عباس في صِفة أضحية النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:

(( يُطْعِمُ أَهْلَ بَيْتِهِ الثُّلُثَ، وَيُطْعِمُ فُقَرَاءَ جِيرَانِهِ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى السُّؤَّالِ بِالثُّلُثِ )).

رواه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في “الوظائف”، وقال: “حديث حسن”.

ولأنَّه: قول ابن مسعود، وابن عمر، ولم نَعرف لَهما مُخالفًا في الصحابة، فكان إجماعًا.

ولأنَّ: الله تعالى قال: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ }.

والقانع: السائل، والمعترُّ: الذي يَعتَريك، أي: يَتعرَّض لك لِتُطعمه، فلا يَسأل.

فذَكر ثلاثة أصناف، فينبغي أنْ يُقسَم بينهم أثلاثًا».اهـ

ــــ وقال أيضًا (13/ 379):

«قال أحمد: “نحن نذهب إلى حديث عبد الله، يأكل هو الثلث، ويُطعِم مَن أراد الثلث، ويَتصدَّق على المساكين بالثلث”.

قال علْقَمة: (( بَعَثَ مَعِي عَبْدُ اللَّهِ بِهَدِيَّةٍ، فَأَمَرَنِي أَنْ آكُلَ ثُلُثًا، وَأَنْ أُرْسِلَ إلَى أَهْلِ أَخِيهِ عُتْبَةَ بِثُلُثٍ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِثُلُثٍ )).

وعن ابن عمر، قال: (( الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا: ثُلُثٌ لَك، وَثُلُثٌ لِأَهْلِك، وَثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ ))».اهـ

وأخرج البخاري (5569)، عن سلَمة بن الأكوع ــ رضي الله عنه ــ أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن لحوم الأضاحي:

(( كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَادَّخِرُوا )).

وأخرج مسلم (1971)، عن أمِّ المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( فَكُلُوا، وَادَّخِرُوا، وَتَصَدَّقُوا )).

وصحَّ عن أبي أيوب الأنصاري ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ، وَيُطْعِمُونَ )).

أخرجه:

الترمذي (1505)، وابن ماجه (3147)، وغيرهما.

وصحَّحه: الترمذي، وابن العربي، وموفق الدِّين ابن قدامة المقدسي، والسيوطي، والألباني، وغيرهم.

وأخرج مسلم (1975)، عن ثوبان ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ»، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ )).

1 ــ وقال الفقيه ابن رُشد المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “بداية المجتهد ونهاية المقتصد” (2/ 450):

«واتفقوا على: أنَّ المُضحِّي مأمور أنْ يأكل مِن لحم أضحيته، ويَتصدق، لقوله تعالى: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }.

وقوله تعالى: { وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ }.

ولقوله صلى الله عليه وسلم في الضَّحايا: (( كُلوا وتصدَّقوا وادَّخِروا )).

فإنْ لم يأكل المُضحِّي مِن أضحيته شيئًا، وأطْعَم الفقراء جميعها جاز، وكان تاركًا للأكمل».اهـ

2 ــ وقال القاضي عِياض المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “إكمال المعلم بفوائد مسلم” (6/ 425):

«وقال الطَّبَري: جميع أئمَّة الأمصار على جواز أنْ لا يأكل مِنها شيئًا، ويُطعِم جميعها».اهـ

قلت:

والطَّبري هو الإمام المُفسِّر، والفقيه المُحدِّث: أبو جعفر محمد بن جَرير الطبري ــ رحمه الله ــ.

3 ــ وقال الفقيه أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المجموع شرح المُهذَّب” (08/ 391):

«بل يجوز التصدُّق بالجميع، هذا هو المذهب، وبِه قطَع جماهير الأصحاب.

وهو مذهب عامة العلماء».اهـ

ــــ وقال أيضًا في شرحه على “صحيح مسلم” (13/ 140 ــ عند حديث رقم:1972):

«وأمَّا الأكل مِنها، فيُستحب ولا يَجب.

هذا مذهبنا، ومذهب العلماء كافة، إلا ما حُكِيَ عن بعض السَّلف: أنَّه أوجَب الأكل مِنها، وهو قول أبى الطيِّب ابن سلَمة مِن أصحابنا، حكاه عنه المَاوردي، لِظاهر هذا الحديث في الأمْر بالأكلِ، مع قوله تعالى: { فَكُلُوا مِنْهَا }.

وحَمَل الجمهور هذا الأمْر على النَّدب أو الإباحة».اهـ

4 ــ وقال الإمام مُوفَّق الدِّين ابن قُدامة الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المُغني” (13/380):

«والأمْر في هذا واسع، فلو تَصدَّق بها كلها، أو بأكثرها جاز، وإنْ أكلها كلها إلا أوقية تصدَّق بها جاز.

وقال أصحاب الشافعي: يجوز أكلها كلها».اهـ

5 ــ وقال الفقيه بدر الدِّين العَيني الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “البَناية شرح الهداية” (12 / 52):

«الأكل مِن أضحيته مُستحب عند أكثر العلماء.

وعند الظاهرية: واجب، وحُكي ذلك عن أبي حفص الوكيل مِن أصحاب الشافعي».اهـ

6 ــ وقال الفقيه المَحلِّي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “معين الأُمَّة” (ص:318):

«لو كانت الأضحية تطوعًا يُستحب له أنْ يأكل مِنها بالاتفاق، وقال بعض العلماء بوجوبه».اهـ

7 ــ وقال الفقيه بدر الدِّين العَيني الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “عُمدة القاري شرح صحيح البخاري” (7/ 265):

«وفي أمْر عمر ــ رضي الله تعالى عنه ــ بالأكل مِن لحم النُّسك إشارة إلى مشروعية الأكل مِن الأضحية.

وهو متفق على استحبابه، واختلف في وجوبه».اهـ

وكتبه:

 عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.