إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > الحديث > رسالة بعنوان: ” التَّبصِرة بالأذكار والأدعية الثابتة بعد السلام مِن صلاة الفريضة وذِكر مَن خرجَّها وحكَم أنَّها صحيحة “. ــ ملف: [pdf – word] مع نسخة الموقع.

رسالة بعنوان: ” التَّبصِرة بالأذكار والأدعية الثابتة بعد السلام مِن صلاة الفريضة وذِكر مَن خرجَّها وحكَم أنَّها صحيحة “. ــ ملف: [pdf – word] مع نسخة الموقع.

  • 23 أبريل 2017
  • 8٬739
  • إدارة الموقع

التَّبصِرة بالأذكار والأدعية الثابتة بعد السلام مِن صلاة الفريضة وذِكر مَن خرجَّها وحكَم أنَّها صحيحة

 

الحمد لله رَبِّ كل شيء ومليكه، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه، وعلى آله وأصحابه وجميع مِن آمن بِه واتَّبعه.

وبعد، أيُّها المُصَلُّون المُفلِحون:

ــــ فإنَّ ذكر الله ــ جلَّ وعلا ــ عقيب السلام مِن الصلاة المفروضة:

مشروع بالسُّنَّة النَّبوية المُتضافرة المُشتهرة، وإجماع العلماء.

فيُستَحب لكل مُصَلٍّ مِن إمامٍ، ومأموم، ومُنفرِد، وبالغٍ، وغير بالغ، وذَكرٍ، وأنثى، ومقيمٍ، ومسافر، المُداومة عليه، والمحافظة.

1 ــ حيث قال الفقيه أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الأذكار” (ص:116 ــ وقبل حديث رقم:166):

«أجمَع العلماء على استحباب الذِّكر بعد الصلاة، وجاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة، في أنواع مِنه مُتعدِّدة».اهـ

2 ــ وقال الفقيه ابن سيِّد الناس اليعمري الأندلسي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “النَّفح الشَّذي شرح جامع الترمذي” (4/ 559):

«وقد اتفق الأصحاب، والشافعي، وغيرهم:

على أنَّه يُستَحب ذِكر الله تعالى بعد السَّلام للإمام والمأموم والمُنفرِد، والرَّجل والمرأة، والمسافر، وغيره».اهـ

ــــ وكذلك يُشرع لهم دعاء الله ــ عزَّ وجلَّ ــ بما ورَد:

عقبب السَّلام مِن صلاة الفريضة بدَلالة السُّنّة النبوية، وإجماع العلماء.

1 ــ حيث قال الفقيه أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المجموع شرح المُهذَّب” (3/ 465):

«اتفق الشافعي، والأصحاب، وغيرهم ــ رحمهم الله ــ:

على أنه يُستحَب ذكر الله تعالى بعد السَّلام، ويُستحب ذلك للإمام والمأموم والمُنفرِد، والرَّجل والمرأة، والمسافر، وغيره.

ويستحب أنْ يدعو أيضًا بعد السَّلام بالاتفاق.

وجاءت في هذه المواضع أحاديث كثيرة صحيحة في الذِّكر والدعاء، قد جمعتها في كتاب “الأذكار”، مِنها: عن أبي أمامة ــ رضي الله عنه ــ».اهـ

2 ــ وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي البغدادي ــ رحمه الله ــ في كتابه “فتح الباري شرح صحيح البخاري” (5/  254):

«واستَحب أيضًا أصحابنا، وأصحاب الشافعي: الدُّعاء عقب الصلوات.

وذكره بعض الشافعية اتفاقًا».اهـ

3 ــ وقال الفقيه عبد الرحمن ابن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الإحكام شرح أصول الأحكام” (1/ 241):

«فصل في الذِّكر بعدها.

أي: في الدُّعاء والذِّكر المشروع بعد الصلاة.

وقد أجمع العلماء على استحبابه بعدها».اهـ

4 ــ وقال الفقيه سليمان بن سحمان الحنبلي ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “الدُّرر السَّنية في الأجوبة النَّجدية» (4/ 317):

«وأمَّا الدُّعاء بعد المكتوبة، فإنْ كان بالألفاظ الواردة في الأحاديث الصَّحيحة مِن الأذكار، مِن غير رفع اليدين، كما ورَد في “الصحيحين”، وغيرهما مِن الكتب، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب لا يَمنعه، ولا أحد مِن أتباعه، ولا أحد مِن أهل الحديث».اهـ

5 ــ وجاء في كتاب “مواهب الجليل في شرح مختصر خليل” (2/ 126-127)، للفقيه الحطاب الرُّعيني  المالكي ــ رحمه الله ــ:

«ولا خلاف في مشروعية الدُّعاء خلْف الصلاة، فقد قال ــ عليه الصلاة والسلام ــ: (( أَسْمَعُ الدُّعَاءِ: جَوْفُ اللَّيْلِ، وَأدْبَارُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ ))».اهـ

قلت:

ودونكم ــ سدَّدكم الله ــ هذه الأذكار والأدعية الصَّحيحة الثابتة:

الذِّكر الأوَّل:

الاستغفار ثلاث مرَّات، بقول: [ أسْتَغْفِرُ اللهَ، أسْتَغْفِرُ اللهَ، أسْتَغْفِرُ الله. ]

الذِّكر الثاني:

قول: [ اللهُمَّ أنتَ السَّلامُ، ومِنكَ السَّلامُ، تبارَكتَ ذَا الجَلالِ والإكرام. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه مسلم في “صحيحه” (591)، مِن طريق الوليد، عن الأوزاعي، عن أبي عمَّار، عن أبي أسماء، عن ثوبان ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

«(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثًا، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ» )).

قال الوليد: فقلتُ للأوزاعي: كيفَ الاستغفارُ؟ قال: يقول: أَسْتَغفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ».اهـ

وقال العلامة عُبيد الله المُبارَكفوري ــ رحمه الله ــ في كتابه “مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح” (3/ 317):

«قوله: (( إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ )) أي: سَلَّم مِنها».اهـ

وصحَّح هذا الحديث:

مسلم، وأبو زُرعة الرَّازي، والترمذي، وابن خُزيمة، وابن حِبَّان، والبَغوي، وابن حجَر العسقلاني، والسَّخاوي، والسِّيوطي، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وكثيرون غيرهم.

وأسنَده الحافظ البَزَّار ــ رحمه الله ــ ثم قال عقبه: «وإسناده حسن».اهـ

وقال الإمامان ابن تيمية وابن باز ــ رحمهما الله ــ: «ثبَت».اهـ

وأخرج مسلم في “صحيحه” (592)، عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّها قالت:

(( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلاَّ مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ» )).

وفي رِواية أُخْرَى:

(( تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ )).

ومعنى قولِها: (( إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ )) أي: إلى جِهة القِبلَة.

وبعد ذلك يَستقبِل صلى الله عليه وسلم المأمومين بوجْهه.

وصحَّح هذا الحديث أو نصَّ على تحسينه أو ثبوته:

مسلم، وأبو زُرعة الرَّازي، والترمذي، وابن حِبَّان، وأبو علي الطُّوسي، والبَغوي، وابن عُصْم، وأبو الحسن المجهز العتيقي، وابن عساكر، وعبد الحق الأشبيلي، وابن حجَر العسقلاني، والسِّيوطي، والألباني، وابن باز، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وكثيرون غيرهم.

الذِّكر الثالث:

قول: [ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ، ولَهُ الحَمدُ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، اللهمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيتَ، ولا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، ولا يَنفعُ ذَا الجَدِّ مِنكَ الجَد. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه البخاري (844)، ومسلم (593)، واللفظ له، عن وَرَّاد مَولَى المُغِيرَة بن شُعبَة قال: كتب المُغِيرَة بن شُعبَة إلى معاوية ــ رضي الله عنهما ــ:

(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

البخاري، ومسلم، وأبو زُرعة الرَّازي، وابن خُزيمة، وابن حِبَّان، وابن عُصْم، وابن عبد البَرِّ النَّمِري، والبَغوي، وابن عساكر، وضياء الدِّين المقدسي، وعبد الحق الأشبيلي، وابن العربي، وأبو البركات النيسابوري، وابن الشيخة الغَزي، وابن حجَر العسقلاني، والألباني، وابن باز، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وكثيرون غيرهم.

الذِّكر الرابع:

قول: [ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ، ولَهُ الحمدُ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ، لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولا نَعبُدُ إلَّا إيِّاهُ، لَهُ النِّعمَةُ، ولَهُ الفضلُ، ولَهُ الثَّناءُ الحسَنُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ مُخلِصينَ لَهُ الدِّينَ ولو كَرِهَ الكافرون. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه مسلم في “صحيحه” (594) عن أبي الزُّبير، قال: كان ابن الزُّبير ــ رضي الله عنهما ــ يقول في كلِّ دُبُرِ صلاةٍ حين يُسَلِّم:

(( «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ، وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».

وَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

مسلم، وأبو زُرعة الرَّازي، وابن خُزيمة، وابن حِبَّان، وأبو عَوانة، والبَغوي، وعبد الغني المقدسي، وابن حجَر العسقلاني، والألباني، وابن باز، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وكثيرون غيرهم.

الذِّكر الخامس:

قول: [ سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، واللهُ أكبَر ] ثلاثًا وثلاثين مرَّة.

وبعدَ الانتهاءِ مِنهُنَّ وإتمامِهنَ يُقال: [ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ، ولَهُ الحمدُ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ. ] مرَّة واحدة، فيُصبِحَ عدَد الجميع مِئة.

وذلك:

لِمَا أخرجه البخاري (843)، واللفظ له، ومسلم (595)، عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلاَ، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، قَالَ: «أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ»، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا، فَقَالَ بَعْضُنَا: نُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: تَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

البخاري، ومسلم، وأبو زُرعة الرازي، وابن خُزيمة، وابن حِبَّان، وأبو عَوانة، والبَغوي، وعبد الحق الأشبيلي، وابن حجَر العسقلاني، وأحمد شاكر، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وكثيرون غيرهم.

وأخرج مسلم في “صحيحه” (597)، عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًاً وَثَلاَثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاَثًاً وَثَلاَثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاَثًاً وَثَلاَثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ )).

وصحَّح هذا الحديث:

مسلم، وأبو زُرعة الرَّازي، وابن خُزيمة، والبَغوي، وعبد الحق الأشبيلي، وابن تيمية، وابن حجَر العسقلاني، وأحمد شاكر، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وكثيرون غيرهم.

ــــ [ وإنْ جَعلَ المُصلِّي في بعض الأحيانِ:

التَّسبِيحَ ثلاثًا وثلاثين، والتَّحمِيد ثلاثًا وثلاثين، والتَّكبِير أربعًا وثلاثين، فيكون الجميع مِئة، فحسَن. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه مسلم في “صحيحه” (596)، عن كَعب بن عُجْرَة ــ رضي الله عنه ــ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( مُعَقِّبَاتٌ لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ: «ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ تَكْبِيرَةً» )).

وصحَّح هذا الحديث:

مسلم، وأبو زُرعة الرَّازي، وأبو عَوانة، وابن حِبَّان، وأبو نُعيم الأصبهاني، والبَغوي، ووزَين الدِّين ابن الشيخة الغزي، وعبد الغني المقدسي، وابن حجَر العسقلاني، والسِّيوطي، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وكثيرون غيرهم.

وقال الإمام الترمذي ــ رحمه الله ــ: «هذا حديث حسن».اهـ

ــــ [ وإنْ كبَّرَ وسبَّحَ وحمِدَ المُصلِّي أحيانًا:

عشرًا، فيكون الجميع ثلاثين، فحسَن.

كأنْ يقول: “سُبحانَ اللهِ، والحَمدُ للهِ، واللهُ أكبَر”، عشر مرَّات.

أو يقول: “سُبحانَ الله”، عشر مرَّات، ثمَّ: “الحمدُ لله”، عشر مرَّات، ثمَّ: “اللهُ أكبَر”، عشر مرَّات. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه أحمد (6910 و 6498)، والبخاري في “الأدب المُفرَد” ( 1216)، وأبو داود (5065)، واللفظ له، والترمذي (3410)، والنسائي (1348)، وابن ماجه (926)، عن عبد الله بن عمرو ــ رضي الله عنهما ــ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:

(( خَصْلَتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ لَا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، هُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ:

يُسَبِّحُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُ عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ.

وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ، وَيَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ.

فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟ قَالَ: يَأْتِي أَحَدَكُمْ ــ يَعْنِي الشَّيْطَانَ ــ فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلَاتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا )).

وصحَّح هذا الحديث:

الترمذي، وأبو علي الطُّوسي، وابن حِبَّان، والنَّووي، وابن حجر العسقلاني، والسِّيوطي، والمنُاوي، وأحمد شاكر، والألباني، وعُبيد الله المباركفوري، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وغيرهم.

وقد ذَكَر الحافظ أبو عبد الله الحاكم ــ رحمه الله ــ في كتابه “المُستدرَك” مِن هذا الحديث عقد التسبيح، وبنفس الإسناد، ثم صحَّحه، ووافقه على تصحيحه الحافظ شمس الدِّين الذهبي ــ رحمه الله ــ.

وله شاهد يقويه:

أخرجه ابن عرفة في “جُزء له” (79)، ومِن طريق النسائي في “السُّنن الكبرى” (9907)، عن سعد بن أبي وقاص ــ رضي الله عنه ــ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( أَيُمْنَعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُكَبِّرَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيُسَبِّحُ عَشْرًا، وَيُحَمِّدُ عَشْرًا، فَذَلِكَ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَان )).

وصحَّح هذا الحديث:

أبو الفتوح الطائي، وزَين الدِّين ابن الشيخة الغزِّي، وابن جماعة، وغيرهم.

وحسَّنه:

ابن حجَر العسقلاني.

وأخرج البخاري في “صحيحه”(6329)، عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، قَالَ: «كَيْفَ ذَاكَ؟» قَالُوا: صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا، وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ، قَالَ: «أَفَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ بِهِ إِلَّا مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ:

تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا» )) مِن كلام سهيل.اهـ

وصحَّح هذا الحديث:

البخاري، وابن عبد البَرّ النَّمري، والبَغوي، وغيرهم.

ــــ [ وإنْ سَبَّحَ وحمِدَ وكبَّرَ وهَلَّلَ المُصلِّي أحيانًا:

خمسًا وعشرين مرَّة، فيكون الجميع مِئة مرَّة، فحسَن ].

وذلك:

لِمَا أخرجه النسائي (1351)، واللفظ له، والبَزار (5919)، والسَّراج  (1535 و 881)، وابن الأعرابي في “مُعجمه” ( 939)، والطبراني في “الدعاء” ( 730)، عن ابن عمر ــ رضي الله عنهما ــ:

(( أَنَّ رَجُلًا رَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، قِيلَ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَمَرَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَمَرَنَا أَنْ نُسَبِّحَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ مِائَةٌ، قَالَ: سَبِّحُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَاحْمَدُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَكَبِّرُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَهَلِّلُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، فَتِلْكَ مِائَةٌ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْعَلُوا كَمَا قَالَ الْأَنْصَارِيُّ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

الألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي.

وحسَّنه:

ابن حجَر العسقلاني.

ويشهد له:

ما أخرجه أحمد (21600 و 21659)، والنسائي (1350)، واللفظ له، وابن خُزيمة (752)، وابن حِبَّان (2017)، والحاكم (928)، عن زيد بن ثابت ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( أُمِرُوا أَنْ يُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيَحْمَدُوا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَأُتِيَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي مَنَامِهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُوا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «اجْعَلُوهَا كَذَلِكَ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

ابن خُزيمة، وابن حِبَّان، والحاكم، والذهبي، وابن حجَر العسقلاني، والألباني، ومُقبل الوادعي، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وغيرهم.

وقال الفقيهان أبو عبد الله ابن مُفلح ومحمد بن عبد الوهاب ــ رحمهما الله ــ: «إسناده جيد».اهـ

وقال الإمام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ عن هذه الصِّفة:

«صحَّت عنه صلى الله عليه وسلم».اهـ

تنبيه مُهِم:

اختلف العلماء ــ رحمهم الله ــ في صِيغة التهليل الواردة في هذين الحديثين على قولين:

القول الأوَّل:

أنَّ الذَّاكر لله يقول: “لا إله إلا الله”.

فقال العلامة الألباني ــ رحمه الله ــ في كتابه “تمام المِنَّة” (ص: 228):

«التهليل لا يَتبادر مِنه إلا قوله: “لا إله إلا الله”، فإنَّه المُراد مِن اللغة، كما في “لِسان العرب”، والزيادة عليه تحتاج إلى نصٍّ هُنا، وهو مفقود.

فالظاهر: أنَّ المقصود مِن الحديث أنْ يقول: “سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبر”، خمسًا وعشرين».اهـ

واختار هذا القول أيضًا مِن العلماء:

1 ــ عبد العزيز ابن باز ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع فتاويه” (26/ 74).

2 ــ وعُبيد الله المُبارَكفوري ــ رحمه الله ــ في كتابه “مرعاة المفاتيح” (3/ 331)،

3 ــ وابن عثيمين ــ رحمه الله ــ في شرحه على كتاب “رياض الصالحين” (5/ 497).

4 ــ ومحمد علي آدم الإتيوبي ــ رحمه الله ــ في كتابه “ذخيرة العُقبى” (15/ 405).

القول الثاني:

أنَّ الذاكر لله يقول: “لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَهُ لا شريكَ لَه، لهُ المُلكُ، ولهُ الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قدير”.

واختار هذا القول مِن الأئمة:

ابن تيمية فيما ذُكِر، وابن قيِّم الجوزية ــ رحمهما الله ــ.

1 ــ حيث قال الفقيه أبو الحسن البعلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الاختيارات الفقهية مِن فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية” (ص:56):

«والتسبيح المأثور أنواع:

السادس: أنْ يُسبِّح خمسًا وعشرين، ويَحمد خمسًا وعشرين، ويُكبِّر خمسًا وعشرين، ويقول: “لا إله إلا الله، وحدَه لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”، خمسًا وعشرين».اهـ

قلت:

ولكنَّ الموجود في كتاب “مجموع الفتاوى” (22/ 493-494)، للإمام ابن ــ رحمه الله ــ لفظه:

«والأذكار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلِّمها المسلمين عقيب الصلاة أنواع:

والثاني: يقولها خمسًا وعشرين، ويَضُم إليها: “لا إله إلا الله”، وقد رواه مسلم».اهـ

2 ــ وقال الإمام ابن قيِّم الجوزية ــ رحمه الله ــ في كتابه “زاد المعاد” (1/ 289):

«وفي صفة أُخْرى: خمسًا وعشرين تسبيحة، ومِثلها تحميدة، ومِثلها تكبيرة، ومِثلها: “لا إله إلا الله، وحدَه لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”».اهـ

الذِّكر السادس:

قراءة: [ آية الكرسي. ] مرَّة واحدة.

{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }.

وذلك:

لِمَا أخرجه النسائي في “السُّنن الكبرى” (9848)، والطبراني في كتبه “المُعجم الكبير” (7532)، وَ “الدعاء” (675)، وَ “المُعجم الأوسط” (8068)، عن أبي أُمَامَة ــ رضي الله عنه ــ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلا الْمَوْتُ )).

وصحَّح هذا الحديث:

ابن حِبَّان، وأبو الفضل بن طاهر، وضياء الدِّين المقدسي، والمُنذري، والدِّمياطي، وابن عبد الهادي، وابن كثير، وابن حجَر العسقلاني، وأبو الخير ابن الجَزَري، والفتي، والسِّيوطي، وصديق حسن خان، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وغيرهم.

وقوَّاه:

الشوكاني، وعُبيد الله المباركفوري.

وحسَّنه:

مُقبل الوادعي.

وقال الحُفَّاظ أبو الحسن المقدسي، والمِّزي، وابن كثير، والزَّيلعي ــ رحمهم الله ــ وغيرهم:

«إسناده على شرط البخاري».اهـ

وقال الفقيه أبو عبد الله ابن مُفلح الحنبلي ــ رحمه الله ــ: «إسناده جيد».اهـ

وقال المُحدِّث أبو بكر الهيثمي ــ رحمه الله ــ عن أحد أسانيده: «جيد».اهـ

وقال الإمام ابن قيِّم الجوزية ــ رحمه الله ــ في كتابه “زاد المعاد” (1/ 294):

«وبلغَني عن شيخنا أبي العباس ابن تيمية ــ قدَّس الله رُوحَه ــ أنَّه قال:

“ما تركتها عقيب كل صلاة”».اهـ

الذِّكر السابع:

 قراءة سور: [ المُعوِّذات. ] مرَّة واحدة فقط بعد جميع الفرائض: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء.

وذلك:

لِمَا جاء مِن طُرق عن عُقبة بن عامر ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ أَقْرَأَ الْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ )).

وفي لفظ آخَر:

(( أَنْ أَقْرَأَ بِالمُعَوِّذَتَيْنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ )).

وقد أخرج هذا الحديث:

أحمد (17792)، وأبو داود (1523)، والنسائي (1336 و 9890)، والترمذي (2903)، وابن خُزيمة (755)، وابن حِبَّان (2004)، والحاكم (929)، وابن السُّني في “عمل اليوم والليلة” (122)، والطبراني في كتابيه “المُعجم الكبير” (811 – 812)،  وَ “الدعاء” (677).

وصحَّح هذا الحديث:

ابن خُزيمة، وابن حِبَّان، والحاكم، والنَّووي، وأبو عبد الله ابن مُفلح، والذهبي، وابن حجَر العسقلاني، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وغيرهم.

وحسَّنه:

الترمذي، والبَغوي،, ومحمد بن عبد الوهاب التميمي.

تنبيه مُهِم أوَّل:

اختلف العلماء ــ رحمهم الله ــ في المُراد بالمُعوِّذات على قولين:

القول الأوَّل:

أنَّ المُراد بالمُعوِّذات سورة “الفلق”، وسورة “الناس”.

وذلك لأمرين:

الأوَّل: أنَّ الحديث قد جاءت بعض ألفاظه بالتثنية:

(( أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ أَقْرَأَ بِالمُعَوِّذَتَيْنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ )).

والثاني: أنَّ التَّعوُّذ إنَّما ورَد في سورتَي “الفلق”، وَ “النَّاس”، وأمَّا سورة “الإخلاص”، ففي وصف الله سبحانه.

وقالوا:

رواية الجمْع: (( بالمُعوِّذات )) لا تُعارِض التثنية، لأنَّ الجمْع فيها جاء باعتبار أنَّ ما يُستعاذ بالله مِنه في هاتين السورتين مُتعدِّد.

إذ فيهما الاستعاذة بالله مِن الشيطان، ومِن باقي المخلوقات التي يحصل مِنها شَر،  ومِن الغاسِق، ومِن السَّحرة، ومِن الحاسد.

القول الثاني:

أنَّ المًراد بالمُعوِّذات سورة “الفلق”، وسورة “الناس”، وسورة “الإخلاص”.

وذلك لأمور ثلاثة:

الأوَّل: رِواية الجمْع: (( أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ أَقْرَأَ الْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ )).

وقالوا:

أُدْخِلَت سورة “الإخلاص” في المُعوِّذات تغليبًا، أو لأنَّ في سورة الإخلاص تعويذًا مِن الشِّرك.

الثاني: ما أخرجه النسائي (5430-5431)، واللفظ له، والحُميدي في “مُسنده” (874)، وابن الضُّرَيْس في “فضائل القرآن” (293)، والطبراني في “المُعجم الكبير” (952)، عن عُقبة بن عامر ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ»، قُلْتُ: وَمَا أَقُولُ؟ قَالَ: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }، { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ }، { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }، فَقَرَأَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «لَمْ يَتَعَوَّذْ النَّاسُ بِمِثْلِهِنَّ» أَوْ: «لَا يَتَعَوَّذُ النَّاسُ بِمِثْلِهِنَّ» )).

ووجهْ الاستدلال مِن هذا الحديث:

أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أدخَل سورة “الإخلاص” فيما يُعتوَّذ بِه.

ورُدَّ:

بأنَّه قد حصل خلاف في أسانيد هذا الحديث، وخلاف في ألفاظه، وبعضها ليس فيه إلا ذِكر سورتي “الفلق” وَ “الناس”.

الثالث: ما أخرجه الطبراني في “المُعجم الكبير” (7532)، عن أَبِي أُمَامَة ــ رضي الله عنه ــ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ، إِلَّا الْمَوْتُ )).

زاد محمد بن إبراهيم في حديثه: و (( { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } )).اهـ

ورُدَّ على هذا الاستدلال:

بأنَّ محمد بن إبراهيم ضعيف، وزيادته لِسورة “الإخلاص” مُنكَرة.

تنبيه مُهم آخَر:

لم أقف بعد بحث مُتعدِّد وسؤال على حديث فيه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَقرأ سور المُعوِّذات بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب ثلاث مرَّات.

وقد أشار إلى نحو هذا العلامة عبد المُحسن بن حمد العبَّاد ــ سلَّمه الله ــ، وغيره مِن أهل العلم.

وكذلك لم أجد عن أحد مِن العلماء الماضين ــ رحمهم الله ــ ذِكْر القراءة ثلاثًا، لا في كتب شروح الحديث، ولا كتب الأذكار والأدعية، ولا كتب فقه المذاهب، عند ذِكرهم للأذكار والأدعية التي تُقال بعد السَّلام مِن صلاة الفريضة.

وقد ثبتت قراءة المُعوِّذات ثلاثًا في أذكار الصَّباح والمساء.

حيث أخرج أحمد (22664)، وأبو داود (5082) واللفظ له، والترمذي (3575)، والنسائي (5428)، عن معاذ بن عبد الله بن خُبيب، عن أبيه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له:

(( «قُلْ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «{ قُلْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

الترمذي، والنَّووي، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وغيرهم.

وحسَّنه:

ابن حجَر العسقلاني، وابن باز.

وذَكره الحافظ ضياء الدِّين المقدسي ــ رحمه الله ــ في كتابه:

“الأحاديث المُختارة أو المُستخرَج مِن الأحاديث المُختارة مِمَّا لم يُخرِّجه البخاري ومسلم في صحيحيهما” (248 و 249 و 250).

الدُّعاء الأوَّل:

 قول: [ اللهُمَّ أعِنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسْنِ عِبَادَتِك. ]

وذلك:

وذلك:

لِمَا أخرجه أحمد (22119 و 22126)، والبخاري في “الأدب المُفرَد” (690) واللفظ له، وأبو داود (1522)، والنسائي (1303)، وابن خُزيمة (751)، وابن حِبَّان (2021)، والحاكم (1010 و 5194 )، عن مُعاذ بن جبَل ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( أَخَذَ بِيَدِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: «إِنِّي أُحِبُّكَ»، قُلْتُ: وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ، قَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهَا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاتِكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

ابن خُزيمة، وابن حِبَّان، والحاكم، والنَّووي، والذهبي، وابن حجَر العسقلاني، وابن الطَّيب، والسَّخاوي، وابن باز، والألباني، ومُقبل الوادعي، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وغيرهم

وقال المُحدِّث أبو الحسن المؤيد الطُّوسي ــ رحمه الله ــ: «حديث عزيز حسن».اهـ

وقال الإمام ابن قيِّم الجوزية ــ رحمه الله ــ: «ثبَت».اهـ

وقال المُحدِّث أبو بكر الهيثمي ــ رحمه الله ــ: «رواه أحمد، ورجاله رجال الصَّحيح غير موسى بن طارق، وهو ثقة».اهـ

الدُّعاء الثاني:

قول: [ رَبِّي قِنِي عذَابَكَ يومَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ ــ أو يومَ تَجْمَعُ عِبَادَك. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه مسلم في “صحيحه” (709)، عن البَراء بن عازِب ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ أَوْ تَجْمَعُ  عِبَادَكَ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

مسلم، وأبو زُرعة الرَّازي، وابن خُزيمة، وأبو عوانة، وابن حِبَّان، والبَغوي، وابن المُلقِّن، وابن حجَر العسقلاني، وابن باز، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وكثيرون غيرهم.

الدُّعاء الثالث:

قول: [ اللهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن البُخْلِ، وأعُوذُ بِكَ مِن الجُبْنِ، وأعُوذُ بِكَ أنْ أُرَدَّ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ، وأعُوذُ بِكَ مِن فِتنَةِ الدُّنيا، وأعُوذُ بِكَ مِن عَذابِ القَبْر. ].

وذلك:

لِمَا أخرجه البخاري في “صحيحه” (2822)، عن عمرو بن ميمون الأَوْدِيِّ ــ رحمه الله ــ أنَّه قال:

(( كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ المُعَلِّمُ الغِلْمَانَ الكِتَابَةَ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلاَةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ» )).

وفي لفظ آخَر للبخاري (6390)، عن مُصعَب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، كَمَا تُعَلَّمُ الكِتَابَةُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ القَبْرِ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

البخاري، والترمذي، وابن خُزيمة، وابن حِبَّان، والبَغوي، وابن حجَر العسقلاني، وأحمد شاكر، والألباني، وابن باز، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وكثيرون غيرهم.

وفي لفظ ابن خُزيمة (746)، وابن حِبَّان (2024)، وغيرهما:

(( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ))

الدُّعاء الرابع:

قول: [ اللهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن الكُفْرِ، والفَقْرِ، وعَذابِ القَبْر. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه أحمد (20409 و 20447)، وابن أبي شيبة (12030 و 29138)، والنسائي (5465 و 1347) واللفظ، له، وابن خُزيمة (747)، والبَزَّار (3675)، والحاكم (927 )، وغيرهم، عن مُسلم بن أبي بَكرَة أنَّه قال:

(( كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ».

فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ، فَقَالَ أَبِي: أَيْ بُنَيَّ، عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا؟ قُلْتُ عَنْكَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ )).

وصحَّح هذا الحديث:

ابن خُزيمة، وابن جَرير الطبري، وابن حِبَّان، والحاكم، والذهبي، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وغيرهم

وحسَّنه:

الترمذي، وابن حجَر العسقلاني.

الدُّعاء الخامس:

قول: [ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ما قدَّمْتُ وما أخَرَّتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، وما أسْرَفْتُ، وما أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ وأنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلا أنْت. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه مسلم في “صحيحه” (771-202)، مِن طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلَمَة، عن عمِّه المَاجِشُون بن أبي سلَمَة، عن الأعرَج، عن عُبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه:

(( إِذَا سَلَّمَ قَالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» )).

وعند ابن الجارود (179)، وابن حِبَّان (2025)، واللفظ له، مِن نفس الطريق عن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدَّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أنْتَ» )).

وأخرجه أبو داود (1509)، وغيره بلفظ:

(( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» )).

وصحَّح هذا الحديث:

مسلم، والترمذي، وابن خُزيمة، وابن حِبَّان، وأبو عَوانة، والنَّووي، وشُهْدة الإبري الكاتبة، وأحمد شاكر، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وغيرهم.

تنبيه مُهِم:

قال الحافظ ابن قيِّم الجوزية ــ رحمه الله ــ في كتابه “زاد المَعاد” (2/ 287-288):

«وذكر أبو داود، عن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ:

(( أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلَّم مِن الصلاة قال: «اللهمَّ اغفر لي ما قدَّمت، وما أخَّرت، وما أسرَرت، وما أعلَنت، وما أسرَفت، وما أنت أعلم به مِنِّي، أنت المُقدِّم، وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت )).

هذه قطعة مِن حديث علي الطويل الذي رواه مسلم في استفتاحه ــ عليه الصلاة والسلام ــ وما كان يقوله في ركوعه وسجوده.

ولمسلم فيه لفظان:

أحدهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله بين التشهد والتسليم.

وهذا هو الصواب.

والثاني: كان يقوله بعد السلام.

ولعله كان يقوله في الموضعين، والله أعلم».اهـ

وقال الفقيه أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المجموع شرح المُهذَّب” (3/ 465):

«ولا مُنافاة بين الروايتين فهُما صحيحتان، وكان يقول الدعاء في الموضعين، والله أعلم».اهـ

وقال العلامة الألباني ــ رحمه الله ــ في كتابه “صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم” (3/ 1021-1022- الأصل):

«قال الحافظ: “ويُجمَع بينهما بحَمْل الرِّواية الثانية على إرادة السَّلام، لأنَّ مَخرَج الطريقين واحد، وأورَده ابن حِبَّان في “صحيحه”، بلفظ: (( كان إذا فرَغ مِن الصلاة وسلَّم … )).

وهذا ظاهر في أنَّه بعد السَّلام، ويحتمل أنَّه كان يقول ذلك قبل السَّلام وبعدَه”.

قلت ــ أي: الألباني ــ:

وهذا الاحتمال لا بُدَّ مِن المصير إليه، وإلا فإحدى الرِّوايتين خطأ مِن بعض الرُّواة، أو رِواية بالمعنى.

والرواية التي عند ابن حِبَّان، قد أخرجها قبله أحمد في “المُسند” (1/ 102) بإسناد صحيح، والله أعلم».اهـ

الدُّعاء السادس:

قول: [ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، ويَسِّرْ لِي أمْرِي، وبارِكْ لِي في رِزْقِي. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه ابن أبي شيبة في “مُصنَّفه” (3033)، فقال:

حدثنا وكيع، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بُردَة، قال:

(( كَانَ أَبُو مُوسَى إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي» )).

وإسناده حسن.

وقال العلامة الألباني ــ رحمه الله ــ: «وسنده صحيح».اهـ

ــــ وقال ابن أبي شيبة في “مُصنَّفه” (29255)، أيضًا:

حدثنا وكيع، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبي موسى الأشعري ــ رضي الله عنه ــ أنَّه كان يقول إذا فرَغ مِن صلاته:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي )).

وإسناده حسن.

الدُّعاء السابع:

قول: [ اللَّهُمَّ تَمَّ نُورُكَ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَعَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَبَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، رَبَّنَا وَجْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ، وَجَاهُكَ خَيْرُ الْجَاهِ، وَعَطِيَّتُكَ أَفْضَلُ الْعَطِيَّةِ وَأَهْنَؤُهَا، تُطَاعُ رَبَّنَا فَتَشْكُرُ، وَتُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ، تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ الضُّرَّ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ، وَتُنْجِي مِنَ الْكَرْبِ، وَتَقْبَلُ التَّوْبَةَ، وَتَغْفِرُ الذَّنْبَ لِمَنْ شِئْتَ، لَا يُجْزِئُ آلَاءَكَ أَحَدٌ، وَلَا يُحْصِي نَعْمَاءَكَ قَوْلُ قَائِلٍ. ]

وذلك:

لِمَا ما أخرجه ابن أبي شيبة في “مُصنَّفه” (29257)، فقال:

حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمْرة، عن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ أنَّه كان يقول:

(( اللَّهُمَّ تَمَّ نُورُكَ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَعَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَبَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، رَبَّنَا وَجْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ، وَجَاهُكَ خَيْرُ الْجَاهِ، وَعَطِيَّتُكَ أَفْضَلُ الْعَطِيَّةِ وَأَهْنَؤُهَا، تُطَاعُ رَبَّنَا فَتَشْكُرُ، وَتُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ، تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ الضُّرَّ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ، وَتُنْجِي مِنَ الْكَرْبِ، وَتَقْبَلُ التَّوْبَةَ، وَتَغْفِرُ الذَّنْبَ لِمَنْ شِئْتَ، لَا يُجْزِئُ آلَاءَكَ أَحَدٌ، وَلَا يُحْصِي نَعْمَاءَكَ قَوْلُ قَائِلٍ )) يَعْنِي: يَقُولُ بَعْدَ الصَّلَاةِ.اهـ

وإسناده حسن أو صحيح.

ــــ وأخرجه أيضًا الطبراني في كتابه “الدعاء” (2/ 1068 ــ رقم:734) فقال:

حدثنا عثمان بن عمر الضَّبِّي، ثنا عبد الله بن رجاء، أنبأ إسرائيل.

ح وحدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أحمد بن يونس، ثنا زُهير بن معاوية.

ح وحدثنا أبو خليفة، ثنا الوليد الطيالسي، ثنا شُعبة.

كلهم عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمْرة، عن علي ــ رضي الله عنه ــ أنَّه كان يقول دُبُرَ الصلاة:

(( تَمَّ نُورُكَ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَعَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَبَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، رَبَّنَا وَجْهُكَ أَكْرَمُ الْوُجُوهِ، وِجَاهُكَ خَيْرَ الْجَاهِ وَعَطِيَّتُكَ أَنْفَعُ الْعَطَايَا، تُطَاعُ رَبَّنَا فَتُشْكَرُ وَتُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ، تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وَتَكْشِفُ الضُّرَّ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ، وَتُنْجِي مِنَ الْكَرْبِ، لَا يُجْزِي بِآلَائِكَ أَحَدٌ، وَلَا يُحْصِي نِعَمَكَ قَوْلُ قَائِلٍ )).

الدُّعاء الثامن:

قول: [ اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْتَهْدِيكَ لِأَرْشَدِ أَمْرِي، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ فَتُبْ عَلَيَّ، اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي فَاجْعَلْ رَغْبَتِي إِلَيْكَ، وَاجْعَلْ غِنَائِي فِي صَدْرِي، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقَتْنِي، وَتَقَبَّلْ مِنِّي، إِنَّكَ أَنْتَ رَبِّي. ]

وذلك:

لِمَا أخرجه ابن أبي شيبة في “مُصنَّفه” (29268)، فقال:

حدثنا عَبيدَة بن حُميد، عن الرُّكين بن الرَّبيع، عن أبيه قال:

(( كَانَ عُمَرُ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْتَهْدِيكَ لِأَرْشَدِ أَمْرِي، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ فَتُبْ عَلَيَّ، اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي فَاجْعَلْ رَغْبَتِي إِلَيْكَ، وَاجْعَلْ غِنَائِي فِي صَدْرِي، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقَتْنِي، وَتَقَبَّلْ مِنِّي، إِنَّكَ أَنْتَ رَبِّي» )).

وجاء في كتاب “سلاح المؤمن في الدعاء” (638)، لابن الإمام:

(( وَاجْعَلْ غِنَايَ فِي صَدْرِي )).

وإسناده حسن إلى الرَّبيع بن عُميلة الفزاري، وهو ثقة.

وقد وثقه: ابن مَعين، وابن سعد، والعِجْلي، وابن حِبَّان، والذهبي، وابن حجَر العسقلاني.

ولم أجد مَن ذكر روايته عن عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ.

وقد رَوى عن:

علي بن أبي طالب، وحُذيفة بن أُسيد الغفاري، وسمُرة بن جُندب، وعبد الله بن مسعود، وعمَّار بن ياسر ــ رضي الله عنهم ــ.

وقال الإمام البخاري ــ رحمه الله ــ في كتابه “التاريخ الكبير” (3/ 270 – رقم:922):

«رَبيع بن عُميلة الفزاري الكوفي، سمع ابن مسعود، وكان في أهل الرِّدة زمَان خالد بن الوليد».اهـ

وقال المُحدِّث مُغلطاي ــ رحمه الله ــ في كتابه “إكمال تهذيب الكمال” (4/ 344 ــ ترجمة رقم: 1552):

«وقال البخاري في “تاريخه الكبير”: “كان في ــ وفي نُسخة مِن ــ أهل الرِّدة زمَن خالد بن الوليد».اهـ

وهذا يَدُلُّ على أنَّه قد عاصر عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ، لأنَّ حروب الرِّدة كانت في أوِّل عهد أبي بكر الصديق ــ رضي الله عنه ــ.

ومات خالد ــ رضي الله عنه ــ في خلافة عمر.

وابنُه الرُّكين، قد رَوى عن بعض الصحابة ــ رضي الله عنه ــ.

كأبي الطُّفَيل عامر بن واثلة، وعبد الله بن الزُّبير، وعبد الله بن عمر بن الخطاب.

ــــ هذا، وقد كتبت رسالة بعنوان:

«إينَاس البحَّاثة بأقوال العلماء في استحباب الدُّعاء بعد الانتهاء مِن صلاة الفريضة».

ذَكرت فيها أنَّ المُراد بلفظ “دُبُر الصلاة” عند عُموم العلماء، والمشهور عنهم، وبينهم:

بعد السلام مِن الصلاة، وليس قبله بعد الانتهاء مِن التشهد.

ودلَّلت على ذلك بما تيسَّر.

فمَن رام الإطلاع على هذه الرسالة فهي موجودة في موقعي على شبكة الإنترنت.

تنبيهات مُهِم:

عن قول: [ اللهُ أكبر ] ثلاث مرَّات متواليات بعد السَّلام مباشرة.

هذا الذِّكر محل خلاف بين العلماء ــ رحمهم الله ــ، وأكثرهم لم يذكروه مع أذكار بعد الصلاة.

وإلى مشروعيته هذا التكبير ذهب جمْع مِن أهل العلم مِن السَّلف الصالح، فمَن بعدهم.

وذلك:

لِمَا أخرجه البخاري (842)، ومسلم (583)، عن ابن عباس ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( مَا كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ )).

وصحَّح هذا الحديث:

البخاري، ومسلم، وأبو زُرعة الرَّازي، وابن خُزيمة، وابن حِبَّان، والبَغوي، وابن حجَر العسقلاني، والألباني، ومحمد علي آدم الإتيوبي، وغيرهم.

وبوَّب عليه الإمام أبو داود ــ رحمه الله ــ في “سُننه” (1002):

«باب التكبير بعد الصلاة».

وبوَّب عليه الإمام النسائي ــ رحمه الله ــ في “سُننه” (1335):

«باب التكبير بعد تسليم الإمام».

وبوَّب عليه الإمام أبو نعُيم الأصبهاني ــ رحمه الله ــ في كتابه “المُسند المُستخرَج على صحيح الإمام مسلم” (1293):

«باب رفع الصوت بالتكبير بعد التسليم».

وبوَّب عليه الحافظ ابن حِبَّان ــ رحمه الله ــ في “صحيحه”(2232)، فقال:

«ذِكر إباحة تكبير المأمومين عند فراغ الإمام مِن الصلاة».

وهكذا فَهِم مِنه جماعة مِن السَّلف الصالح ــ رحمهم الله ــ.

حيث قال الحافظ ابن رجب الحنبلي البغدادي ــ رحمه الله ــ في كتابه “فتح الباري” (5/ 233-23):

«ورواه الإمام أحمد، عن سفيان، عن عمروٍ، بِه، وزاد: قال عمرو: قلت له:

(( إنَّ الناس كانوا إذا سَلَّم الإمام مِن صلاة المكتوبة كبَّروا ثلاث تكبيرات، وهكذا هنا ثلاث تهليلات )).

وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله ــ يعني بِه: الإمام أحمد بن حنبل ــ يقول:

ثنا علي بن ثابت، ثنا واصِل، قال: (( رأيت علي بن عبد الله بن عباس إذا صلَّى كبَّر ثلاث تكبيرات )).

قلت لأحمد: بعد الصلاة؟ قال: هكذا.

قلت له: حديث عمرو، عن أبي مَعبد، عن ابن عباس: (( كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير ))، هؤلاء أخذوه عن هذا؟

قال: نعم.

ذكره أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في كتابه “الشافي”.

فقد تبيَّن بهذا:

أنَّ معنى التكبير الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الصلاة المكتوبة هو: “ثلاث تكبيرات متوالية”».اهـ

ــــ وقال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مُصنَّفه” (3121 أو 3104):

حدثنا الثقفي، عن يحيى بن سعيد، قال:

(( ذَكَرْتُ لِلْقَاسِمِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَكَرَ لِي: «أَنَّ النَّاسَ كَانُوا إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرُوا ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، أَوْ تَهْلِيلَاتٍ» فَقَالَ الْقَاسِمُ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، لِيُضَيِّعَ ذَلِكَ )).

وإسناده صحيح.

وأخرجه أيضًا:

البيهقي في كتابه “معرفة الآثار” (3892) مِن طريق الشافعي، عن عبد الوهاب الثقفي، بِه.

وابن الزُّبير هو: عبد الله بن الزُّبير بن العوام ــ رضي الله عنهما ــ، أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفقهائهم.

والرَّجل مِن أهل اليمن ــ رحمه الله ــ يَحكِي حال الناس في ذلك الوقت مع هذا التكبير أو التهليل.

وهذا الأثر مُحتمل.

ورجَّح بعضهم في هذا الأثر لفظ التهليل.

لِمَا أخرجه مسلم في “صحيحه” (594) عن أبي الزُّبير، قال: كان ابن الزُّبير ــ رضي الله عنهما ــ يقول في كلِّ دُبُرِ صلاةٍ حين يُسَلِّم:

(( «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ، وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».

وَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ» )).

واختار التكبير بعد الصلاة مِن العلماء المُعاصرين:

1 ــ عُبيد الله المباركفوري ــ رحمه الله ــ في كتابه “مرعاة المفاتيح” (3/ 315 ــ رقم:966).

2 ــ ومُقبل بن هادي الوادعي ــ رحمه الله ــ، حيث كان يَفعله.

وقال العلامة عُبيد الله المباركفوري ــ رحمه الله ــ في كتابه “مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح” (3/ 314-315 ــ عند حديث رقم:966):

«واختلفوا في بيان المُراد بالتكبير:

فقيل: المُراد بْه قوله “الله أكبر”، مرَّة أو ثلاثًا بعد السَّلام.

فكان صلى الله عليه وسلم يقول “الله أكبر”، مرَّة أو مُكررًا إذا فرغ مِن الصلاة.

والمعنى: كنت أعرف بسماع “الله أكبر” انصرافه وفراغه مِن الصلاة.

وقيل: المُراد التكبير الذي ورَد مع التسبيح والتحميد عشرًا أو أكثر.

فيحتمل أنَّه كان بدءه بالتكبير قبل التسبيح والتحميد لِمَا ورد: (( لَا يَضُرُّكَ بَأَيِّهَنَّ بَدَأَتَ ))».اهـ

قلت:

أخرج البخاري (842)، ومسلم (583)، مِن طريق، سفيان بن عُيينة:

عن عمرو بن دينار، عن أبي مَعْبَد مولى ابن عباس، عن ابن عباس ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:

(( مَا كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ )).

وأخرج البخاري (841)، ومسلم (583)، مِن طريق، ابن جُريج:

عن عمرو بن دينار، عن أبي مَعْبَد مولى ابن عباس، عن ابن عباس ــ رضي الله عنه ــ:

(( أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ المَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ» )).

وقال الحافظ ابن حجَر العسقلاني الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “فتح الباري” (2/ 326) في الجمع بين اللفظين:

«قوله (( بالتكبير )) هو أخَصُّ مِن رواية ابن جُريج التي قبلها، لأنَّ الذِّكر أعَمُّ مِن التكبير.

ويُحتمل أنْ تكون هذه مُفسِّرة لذلك، فكان المُراد: أنَّ رفع الصوت بالذِّكر ــ أي: بالتكبير ــ.

وكأنَّهم كانوا يَبدءون بالتكبير بعد الصلاة قبل التسبيح والتحميد».اهـ

وسفيان بن عُيينة ــ رحمه الله ــ:

أعلم الناس بعمرو بن دينار، قال ذلك أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعين ــ رحمها الله ــ.

وأثبت الناس في عمرو بن دينار، قاله أحمد بن حنبل ــ رحمه الله ــ.

وأحفظ مِن ابن جُريج لحديث عمر بن دينار، قاله أبو حاتم الرَّازي ــ رحمه الله ــ.

 

وكتبه:

عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.