إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > البدع > خطبة مكتوبة بعنوان: ” ربنا الله في السماء فوق عرشه هكذا قال الله ورسوله والصحابة والسَّلف خلافًا للشيعة الرافضة والجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية والصوفية “.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” ربنا الله في السماء فوق عرشه هكذا قال الله ورسوله والصحابة والسَّلف خلافًا للشيعة الرافضة والجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية والصوفية “.

  • 12 مارس 2020
  • 5٬721
  • إدارة الموقع

ربنا الله في السماء فوق عرشه هكذا قال الله ورسوله والصحابة والسَّلف خلافًا للشيعة الرافضة والجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية والصوفية

الخطبة الأولى: ــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ أوَّلًا وآخِرًا، وظاهرًا وباطنًا، وعلى كلِّ حال، وصلَّى اللهُ على محمدٍ النَّبيِّ الأُمِيِّ، وعلى الأخيار الطيبين مِن الأصحاب والآل.

أمَّا بعد، عِبادَ الله:

فإنَّ مِن جُملةِ اعتقاد السَّلفَ الصالحَ أهلَ السُّنةِ والجماعةِ والحديثِ: «أنَّ الله ــ جلَّ وعزَّــ في السماء، فوقَ السماءِ السابعة، مُستوٍ على عرشِه المجيد، استواءً يَليقُ بجلالِه وعظمته»، وقد دلَّ على هذهِ العقيدةِ: القرآنُ العزيز، والسُّنةُ النَّبوية الصَّحيحة، وأقوالُ الصحابةِ ــ رضي الله عنهم ــ الثابتة، وإجماعُ سَلفِ الأُمَّةِ الصالح مِن أهل القرون الثلاثة الأولى واتِّفاقُهم، حتى قال الحافظُ الذَّهبيُّ الشافعيُّ ــ رحمه الله ــ: «مقالةُ السَّلفِ، وأئمةِ السَّنة، بلِ الصحابةُ، واللهُ ورسولُه، والمؤمنونَ: أنَّ اللهَ ــ عزَّ وجلَّ ــ في السماء، على العرش، وأنَّ الله فوقَ سماواته».

فمِن نُصوصِ القرآنِ الدَّالة على هذا الاعتقاد: قولُ اللهِ ــ جلَّ وعلا ــ: { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا }، وقولُه تعالى: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }، وعرشُه سبحانه فوق السماء السابعة، وقولُه ــ تبارك وتقدَّس ــ عن طلَبِ فرعونَ مِن هامان: { فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ }، وقال الإمامُ الدَّارِمِيُّ ــ رحمه الله ــ بعد هذه الآية: «ففي هذه الآيةِ بيانٌ بَيـِّنٌ، ودَلالةٌ ظاهرةٌ: أنَّ موسى كان يَدعو فرعونَ إلى معرفة الله بأنَّه فوقَ السماء، فمِن أجْلِ ذلك أمَرَ ببناءِ الصَّرحِ، ورامَ الإطلاعَ إليه».

ومِن نُصوصِ السُّنة النَّبوية الدَّالة على هذا الاعتقاد: ما أخرجه الإمامُ مسلمٌ عن معاويةَ بنِ الحَكَمِ ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّئِبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ فَقَالَ: ائْتِنِي بِهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ اللهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ ))، وعلَّقَ إمامُ المسلمينَ في زمنِه أبو عثمانَ الصابونِيُّ ــ رحمه الله ــ على هذا الحديث فقال: «فَحَكَم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامها وإيمانها لمَّا أقرَّت بأنَّ ربَّها في السماء»، وأخرجَ الإمامُ البخاريُّ عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً ))، بل قد بلغت الأحاديثُ النَّبويةُ الدَّالةُ على أنَّ الله في السماء، فوقَ عرشه، أعلى درجاتِ الصِّحة والشُّهرة والكثرة عند علماء الحديث، فبلغت التَّواتُر، حيث قال عنها الإمامُ المُحدِّثُ الذَّهبِيُّ الشافعيُّ ــ رحمه الله ــ عنها: «وأمَّا الأحاديثُ المُتواتِرةُ المُتوافرةُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكثَر مِن أنْ تُستَوعب».

ومِن أقوالِ الصحابةِ ــ رضي الله عنهم ــ الدَّالة على هذا الاعتقاد: ما أخرَجه الإمامُ البخاريُّ عن أنسٍ ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( كَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ))، وصحَّ أنَّ ابن عمر ــ رضي الله عنه ــ قال: (( لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال أَبُو بَكْرِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ إِلَهَكُمُ الَّذِي تَعْبُدُونَ، فَإِنَّ إِلَهَكُمْ قَدْ مَاتَ, وَإِنْ كَانَ إِلَهَكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ فَإِنَّ إِلَهَكُمْ لَمْ يَمُتْ )).

وأمَّا الإجماع، أي: إجماع السَّلفِ الصالحِ أهل السُّنةِ والجماعةِ والحديث، واتِّفاقهم، فقد قال الإمامُ ابنُ بطَّةَ ــ رحمه الله ــ: «وأجمَعَ المسلمونَ مِن الصحابةِ والتابعينَ وجميعِ أهلِ العلمِ مِن المؤمنين: أنَّ اللهَ تباركَ وتعالَى على عرشه، فوقَ سماواته، وعِلمُه محيطٌ بجميع خلقه»، ونَقلَت الإجماعَ على ذلك أيضًا أعدادٌ غفيرةٌ مِن العلماء، مِن مُختلَف البلدان، والأزمان، والمذاهب الفقهية.

فمِمَّن حَكَى إجماعَ السَّلفِ الصالحِ على ذلكَ مِن علماءِ الحنفيَّةِ: الإمامُ أبو نَصرٍ السِّجزيُّ، والإمامُ ابنُ أبي العِزِّ الدِّمشقيُّ.

ومِمَّن حَكَى إجماعَ السَّلفِ الصالحِ على ذلكَ مِن علماءِ المالكيةِ: الإمامُ ابنُ أَبِي زيدٍ القيروانيُّ، والإمامُ ابنُ أبِي زَمِنِين، والحافظُ ابنُ عبد البَرِّ النَّمري.

ومِمَّن حَكَى إجماعَ السَّلفِ الصالحِ على ذلكَ مِن علماءِ الشافعيةِ: الإمامُ المُزَنِيُّ، والإمامُ أبو بَكرٍ الإسماعيليُّ، والحافظُ الذَّهبيُّ.

ومِمَّن حَكَى إجماعَ السَّلفِ الصالحِ على ذلكَ مِن علماءِ الحنابلةِ: الإمامُ حرْبٌ الكِرمانِيُّ، والإمامُ مُوفَّقُ الدِّينِ ابن قُدامة.

بل حتى الفِطرةَ التي في النُّفوس تَدُلُّ على أنَّ الله في السماء، حيث قال الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ المالكيُّ ــ رحمه الله ــ:«ومِن الحُجَّةِ أيضًا في أنَّه ــ عزَّ وجلَّ ــ على العرش، فوقَ السماواتِ السَّبعِ: أنَّ المُوحِّدينَ أجمعينَ مِن العربِ والعجَمِ إذا كرَبهم أمْرٌ، أو نَزَلَتْ بِهم شِدَّة، رَفعوا وجوهَهم إلى السماء، يَستغيثونَ ربَّهم تبارك وتعالى»

عِبادَ الله:

إنَّ العقيدةَ السُّنِّيةَ السَّلفيةَ القائلةَ: “بأنَّ الله في السماء، على العرش”، والتي دلَّتْ عليها نصوصُ القرآنِ والسُّنةِ، وأقوالُ الصحابةِ، والإجماعُ، والفِطرة، قد أنكرَها أهلُ البدعِ والضَّلال: مِن الشِّيعةِ الرافضة، والجَهميةِ، والمُعتزِلةِ، والصُّوفيةِ، والأشاعِرةِ، والمَاتُرِيديَّة، فيقولونَ حين يُسألونَ عن ربِّهم: أين هو؟: “إنَّ الله في كل مكان”، أو “في السماء وفي الأرض”، وبعضُ عوامِّهم يقولون: “في قلوبِ عبادِه المؤمنين”، تعالَى عمَّا يقولونَ علوًّا كبيرًا.

الخطبة الثانية: ــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الذي عِلا في سمائه، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبدُه ورسوله، وبِربِّي ــ جلَّ وعلا ــ أستعين.

أمَّا بعد، عِبادَ الله:

فإنَّ أئمةَ المذاهبِ الأربعةِ جميعًا يَعتقدونَ ويُقرِّرونَ: “أنَّ الله ــ جلَّ وعلا ــ في السماء، فوق السماء السابعة، على عرشه”.

حيث قال مُطيعٌ البَلْخِي ــ رحمه الله ــ: «سألَتُ أبا حَنيفةَ عمَّن قال: لا أعرفُ ربِّي في السماءِ أمْ في الأرض؟ فقال: قد كفر، لأنَّ اللهَ يقول: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }، وعرشُه فوقَ سبعِ سمواته، قلتُ: فإنْ قال: إنَّه على العرش، ولكنْ يقول: لا أدري العرشُ في السماءِ أمْ في الأرض؟ قال: هو كافر، لأنَّه أنكرَ أنَّه في السماء، فمَن أنكرَ أنَّه في السماء فقد كفر»، وقال الإمامَ مالكَ بنَ أنسٍ ــ رحمه الله ــ: «اللهُ في السماء، وعلمُه في كلِّ مكان، لا يَخلو مِن علمِه مكان»، وقال الإمام الشافعيِّ ــ رحمه الله ــ: «القولُ في السُّنةِ التي أنا عليها ورأيتُ عليها أصحابَنا الذين رأيتُهم مِثل: سفيان، ومالك، وغيرهما ــ: الإقرارُ بأنَّ اللهَ على عرشهِ في سمائِه»، وقيلَ للإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ ــ رحمه الله ــ: «اللهُ ــ عزَّ وجلَّ ــ فوقَ السماءِ السابعةِ على عرشه، وعلمه في كل مكان؟ فقال: نعم، على العرش، وعلمُه لا يَخلو مِنه مكان».

ألَا فاتقوا الله ــ عبادَ الله ــ بمعرفةِ هذهِ العقيدةِ السُّنيَّةِ السَّلفيةِ في حقِّ ربِّكم سبحانه، واعتقادِها وتعلِيمِها لأهليكم صغارًا وكبارًا، ومُوتوا عليها، تَسْعدوا في دنياكم، وفي قبوركم، وفي أُخْرَاكم.

اللهم أكرِمنا وجميعَ المسلمين بالتوحيد والسُّنة إلى الممات، وجنِّبنا الشرك والبدع والمعاصي، ووفِّق ولاةَ أمورِ المسلمينَ لِنَشْرِ ونُصْرةِ عقيدة السَّلف الصالح في جميع البلدان، اللهم ارفع الضُّر عن المتضرِّرين مِن المسلمين في كل مكان، وارحم موتانا وموتاهُم أجمعين، إنَّك سميعُ الدعاء، وأقول هذا، وأستغفر الله لِي ولكم.