تذكرة قبل الموت والآخِرة بين السَّلفيين المُعاصرين وخُصومهم المُفترِين عليهم بأنَّهم جوَّزوا طاعة الحاكم في معصية الله
الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى.
وبعد:
فلا تَغب عن ذِهنك ــ يا مَن تَخشى الله وتَخاف عقاب الآخِرة ــ أمور أربعة:
الأوَّل: أنَّ مِن خِصال النِّفاق والمُنافق، كما أخرج البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (( وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ )).
يَعني: لم يَعدِل مع خَصْمِه ومُخالِفه، بل رَمَاه بما لم يَقُلْه أو يَفعَلْه.
الثاني: غِلَظ شأن رَمْي الناس بما لم يقولوه أو يفعلوه، لِقول الله سبحانه مُرهِّبًا: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }.
الثالث: لا تَكن مِمَّن يَحبِس نفسه يوم القيامة في رَدْغَة الخَبَال، حيث ثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ: حُبِسَ فِي رَدْغَةِ الْخَبَالِ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْمَخْرَجِ مِمَّا قَالَ )).
ورَدْغَة الخَبَال هي: عُصارة أهل النَّار.
الرابع: أنَّ حقوقُ ومظالم العِباد لا تَسقط، وسَيقف أصحابها للحساب عليها يوم القيامة، حيث أخرج البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ )).
فكيف إذا كان الظلم والافتراء والبُهتان والكذب: يتعلَّق بالدِّين، وتَديُّن المسلم، ويُلبِّس على الناس دِينهم، ويُحرِّف أحكام الشريعة، ويُفسِد أصول الدِّين وعقائده.
ثم أقول مُستعينًا بالله ــ عزَّ وجلَّ ــ القوي القدير:
انتبه ــ يا مَن تَخشى الله وتَخاف عقاب الآخِرة ــ لِهذه الأمور السَّبْعَة، وتبصَّر بها جيدًا، ولا تَغِب عنك عند إيراد هذا الموضوع، والكلام عنه:
الأمر الأوَّل:
أنَّ السَّلفيين المُعاصرين أتباع السَّلف الصَّالح أهل السُّنة والجماعةِ والحديث ــ سلَّمهم الله وصبَّرهم ــ:
لهم في باب الدِّين والشريعة خُصوم ومُخالِفون، وكذلك مَن سبَقهم مِن السَّلف الصَّالح الأوائل ومَن بعدهم مِن أهل السُّنة وأئمة الحديث والسُّنة كان لهم خُصوم ومُخالِفون.
ولِهذا يجب عليك شرعًا وعقلًا وعدلًا أنْ تَتثبَّت فيما يَنسِبه إليهم خُصومهم والمُخالِفون لهم مِن جهتين:
الأولى: مِن جهة اللفظ، هل هو صَادر عنهم أو عن أحد مِنهم أمْ لا؟
والثانية: مِن جهة فهْمك لِهذا اللفظ ومعناه إنْ ثبت عن أحد مِنهم، هل هو مُوافق للشريعة واللغة أمْ لا؟
ولا تكن أدَاة بيد غيرِك: تَظلم الناس وتفتري عليهم تَبَعًا لهم ولأقوالهم، وتَفهَم الألفاظ على ما يُوجِّهُونك إليه، ويُقرِّرُونه لك مِن معنى.
لأنَّهم بنصِّ القرآن والسُّنة: لن يُغنُوا عنك مِن الله شيئًا، ولن يَحملوا عنك ظُلمك وِزْرَك وما أخطأت بِه في حقوق الخلق.
الأمر الثاني:
أنَّ السَّلفيين المُعاصرين أتباع السَّلف الصَّالح أهل السُّنة والجماعةِ والحديث ــ سلَّمهم الله وصبَّرهم ــ:
يَنبِزُهم خُصومُهم والمُخالفون لهم اليوم بالجامية، وبالمَدخلية، ويَجعلونهم حِزبًا وفِرْقَة وتنظيمًا، تنفيرًا عنهم، وتشويهًا لهم، وصرْفًا للناس عنهم، وانتقامًا مِن رُدودِهم على مُخالفاتهم وانحرافاتهم في أصول الإسلام وعُموم أحكام الشريعة.
وواقع ــ السَّلفيين المُعاصرين ــ وكتبهم وأشرطتهم الصوتية وأكابر أهل العلم الرَّاسخين الأثبات:
يَشهد ببراءتهم مِن ذلك، وبُعدِهم الشديد عنه، وتحذيرهم مِنه، وتَنفيرهم عنه، وتحريمهم له، وعَيب والتحذير مِمَّن وقع فيه، أو دعا إليه، أو أباحه.
وهي ــ بفضل الله ــ: مُتاحة وبيُسر لِتأكُّدِك وتَثبُّتك في برامج التواصل الاجتماعي المُختلفة، ومواقع الإنترنت الكثيرة، ومُتاحة أيضًا لكل أحد مِن مسلم أو كافر، وذَكَر أو أُنثى.
فلا تنظيم عندهم، ولا بيعة وعهد لَديهم، ولا مُرشِد يَحكمهم، ولا جماعة ولا حِزب يُوالُون ويُعادُون عليه، ويَصدُرون عن رأيه وفِكر رُموزه ودعاته.
بل هُم أعظم الناس منعًا للأحزاب والتَّحزُّب والجماعات، والولاء والبَراء على مُرشديها ورُموزها ودعاتها، وأشدُّهم تحذيرًا مِن ذلك.
بل إنَّه قد يَرُدّ بعضهم على بعض إذا أخطأ في مسائل الشريعة، لأنَّ حماية الشريعة وصيانتها وحفظها عن الخطأ أوْلَى وأهَم مِن حِماية أنفس مِن يُحبُّون ويُوقِّرون ويُعظِّمون.
وهذا النَّبْز للسَّلفيين المُعاصرين، وتلقيبَهم بألقاب السُّوء الكثيرة المُتنوعة:
ليس وليد اليوم، وهذا العصر، ولا تفرَّد بِه مُبتدعة أهل هذا الزَّمان، بل لا يَزال أهل البدع والأهواء يُسَمُّون ويُلقِّبُون أهل السُّنة والحق بمُسمَّيات باطلة ومُتعدِّدة ومُتنوَّعة، وألقاب سُوء وتشويه كثيرة، مُنذ نحو ألفٍ وأربع مئة سَنة.
وسَتجد هذا النَّبْز والتلقيب بألقاب السُّوء لأهل السُّنة والحق، وبيُسر:
1 ــ قد ذُكر في عدد كبير مِن كتب هؤلاء الخُصوم المُفترِين والمُخالفين للسُّنة واعتقاد السَّلف الصالح ومنهجهم.
2 ــ وفي عدد كثير مِن كُتب اعتقاد السَّلف الصالح أهل السُّنة والجماعة المُختصرة والمُتوسطة والمُطولة، وكتب التاريخ والتراجم والسِّيَر.
وسبب ذلك أنَّ السَّلف الصالح أهل السُّنة والجماعة والحديث وأتباعهم إلى اليوم ــ كما هو مَقروء ومسموع ومُشاهد ومحسوس ــ:
لم يَسكتوا عن قول الحق، ولا عن نقض الباطل والضَّلال، ولا عن الرَّد والتحذير مِن أهله ودُعاته وأحزابه وجماعاته وفِرَقه وطُرقه، سواء كانوا أهل بدع وأهواء دِينِية، أو أهل تغريب وتَبعيَّة لأهل الكُفر، أو يَهود ونصارى وأضرابهم مِن مِلل الكُفر، أو كانوا مِن بُلدانهم وقبائلهم وعشائرهم وأهليهم أو مِن غيرهم.
الأمر الثالث:
السَّمع والطاعة للحاكم المسلم ــ سواء كان بَرًّا عدْلاً صالحًا أو ظالمًا جائرًا فاسقًا ــ:
واجب بنصِّ القرآن، ونُصوص السُّنة النَّبوية الصَّحيحة المُتواترة، وإجماع واتفاق العلماء.
ولا تَكاد تجد كتابًا مِن كُتب اعتقاد السَّلف الصالح أهل السُّنة والجماعة والحديث المُطولة والمتوسطة والمُختصرة والمُتقدِّمة والمُتأخِّرة والمُعاصرة، أو كتابًا مِن كُتب شُروح الأحاديث النَّبوية إلا وهو يُقرِّر هذا الأمر والمُعتقَد، ويُؤكِّد عليه.
وما عليك ــ أيُّها المُتثبِّت حِماية لِدِينه ونفسه ــ:
إلا أنْ تُهيِّئ نفسك وتُشمِّر يديك فتفتح هذه الكتب، وستجد الأدلة على هذا الأمر والمُعتقَد مِن القرآن والسُّنة النَّبوية الصَّحيحة المُتواترة، ونَقل عشرات الإجماعات والاتفاقات.
بل إنَّ هذا الأمر:
يُعتبر أصلًا مِن أصول أهل السُّنة، مَن لم يَعتقده ويَراه كان مُبتدعًا ضالًا مُخالفًا للسُّنة، وأهل السُّنة.
الأمر الرابع:
السَّمع والطاعة للحاكم المسلم في معصية الله:
لا يجوز بدَلالة آيات القرآن، ونصوص السُّنة النَّبوية الصَّحيحة المُتواترة، وإجماع واتفاق العلماء.
وسَتجد ــ أيُّها المُتثبِّت حِماية لِدِينه ونفسه ــ:
هذا الأمر والمُعتقَد مُقرَّرًا وبوضوح شديد في عشرات ومئات الكُتب التي تَذكر اعتقاد السَّلف الصالح أهل السُّنة والجماعة والحديث، وتَشرح كتب الأحاديث النَّبوية، وغيرها.
وما عليك ــ أيُّها المُتثبِّت حِماية لِدِينه ونفسه ــ:
إلا أنْ تفتح هذه الكتب، وسَتجد الأدلة على هذا الأمر والمُعتقد مِن القرآن والسُّنة النَّبوية الصَّحيحة، والإجماعات والاتفاقات العديدة.
1 ــ وقد قال الإمام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع الفتاوى” (3/ 249):
«عليَّ أنْ أُطِيع أُولِي الأمر إذا أمروني بطاعة الله، فإذا أمروني بمعصية الله فلا طاعة لِمخلوق في معصية الخالق.
هكذا دلَّ عليه: الكتاب، والسُّنة، واتفق عليه أئمة الأُمَّة».اهـ
2 ــ وقال العلامة أبو الطيِّب القِنَّوجي ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “نظم المُتناثر مِن الحديث المُتواتر” (ص:160 ــ رقم:176)، لِلكتاني :
«وطاعة الأئمة واجبة إلا في معصية الله: باتفاق السَّلف الصالح.
لِنُصوص: الكتاب العزيز، والأحاديث المُتواترة في وجوب طاعة الأئمة، وهي كثيرة جدًا».اهـ
3 ــ وقال الحافظ ابن المُلقِّن الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “التوضيح لِشرح الجامع الصَّحيح” (18/ 64):
«فالإجماع قائم على: وجوب طاعة الإمام في غير معصية وتحريمها في المعصية، وبِه: نطقت أحاديث الباب».اهـ
4 ــ وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي ــ رحمه الله ــ في كتابه “أضواء البيان” (7/ 328-329):
«لا يجوز طاعة أُولِي الأمر إجماعًا: فيما خالف كتابًا أو سُنَّة، ولا طاعة لَهم إلا في المعروف.
كما جاءت بِه: الأحاديث الصَّحيحة عنه صلى الله عليه وسلم.
ولا نزاع بين المسلمين: في أنَّه لا طاعة لِمخلوق في معصية الخالق».اهـ
الأمر الخامس:
والله الذي لا إله إلا هو ربّ السَّماوات والأرض عالم الغيب والشهادة:
1 ــ أنَّي ما سمعت ولا قرأت تجويز طاعة الحاكم في معصية الله عن صاحب سُنَّة سَلَفِيٍّ، لا عن عالِم، ولا عن طالب علم، ولا عمَّن هو دُونهم، لا مِن المُتقدِّمين، ولا مِن المُتأخِّرين، ولا مِن المُعاصرين.
2 ــ ولا وجدت هذا الافتراء الباطل الأثيم لأحد مِنهم في رسالة أو كتاب أو موقع مَقروء، ولا في شريط وتسجيل ولِقاء مسموع.
3 ــ ولم أجد عنهم إلا تحريم طاعة الحاكم في معصية الله، وذِكر الأحاديث النَّبوية الصَّحيحة في التحريم، ونَقل إجماع العلماء واتفاقهم على التحريم.
4 ــ وما وجدت رَميَهم والكذب والافتراء عليهم بأنَّهم يُجِيزون طاعة الحاكم في معصية الله إلا عن طائفة مِن خُصومهم مِن الإخوان المسلمين والسُّروريين والقطبيين والعلمانيين واللبراليين والتغريبيين والسِّياسيين، وعن بعض أتباعِ هؤلاء، وعن المُتأثِّرين بِهم، والمُتعاطِفين معهم، ومجاهيل لا يُدرى مَن هُم، ولا يُعرفون.
الأمر السادس:
أنَّ هؤلاء القوم المُفترِين بهذا الكلام وكثير غيره على السَّلفيين المُعاصرين لو كانوا أهل دِين قوي وصِدق وعدل وشرَف في الخصومة:
لَرَدُّوا على السَّلفيين المُعاصرين أتباع السَّلف الصالح أهل السُّنة والجماعة والحديث بطريقة العلم، وألفاظ العلم، وأدلَّة الشريعة.
بحيث:
يأتون بما يَرونه مِن الأقوال أو الأفعال خطأً، ويَذكرون قائله ومصدره بالجُزء والصفحة، ولا يُعمِّمُون الخطأ على الجميع حتى لا يَظلموا كثيرًا، ثم يُبيِّنون وجْه مُخالفته للشريعة، ثم يُقيمون الدلائل بنصوص الشرع على أنَّه خطأ، ويَنقلون عن السَّلف والأئمة حجْم هذا الخطأ في الشريعة لِيُعلَم تأثيره في الحُكم على الشخص المَردود عليه.
ولكن ــ ولِلأسف الشديد ــ:
عدَلوا إلى غير هذا السبيل الشرعي العادل في التعامل مع السَّلفيين المُعاصرين، وهَجموا بالافتراء وعلى الكُل، وسَرَحوا بالنَّبْز بالباطل، والتلقيب بألقاب السُّوء، وحكموا بالأحكام الجائرة التي قد لا تُقال إلا في أكابر أهل الضَّلال والشَّر والفساد.
وهكذا يَفعل مَن خوَت حُجَّته، وانكسر صِدقه، ومال عدله لِهواه، وأعرَض عن الطريق السَّوي المُقنع المانع مِن الإثم إلى غيره.
الأمر السابع:
إنَّ مِن الأسباب التي جرَّت ودفعت بعض الناس إلى الكذب والافتراء على السَّلفيين المُعاصرين بأنَّهم يُجِيزون طاعة الحاكم في معصية الله هذه الأربعة:
السَّبب الأوَّل: وجُود الخلاف في الدِّين والاعتقاد والمنهج بين هؤلاء القوم المُفترِين وبين السَّلفيين أهل السُّنة والجماعة أتباع السَّلف الصالح.
السَّبب الثاني: كثرة رُدود السَّلفيين أهل السُّنة والجماعة أتباع السَّلف الصالح على أحزاب وجماعات هؤلاء القوم المُفترِين، وعلى رُموزها ومشيختِها ودُعاتها وطُرقها ومُحلِّليها وسِياسيِّها والمُتأثِّرين بفكرهم وطرحهم في باب السَّمع والطاعة للحاكم المسلم، وما يَتبعه مِن أحكام الخروج عليه، وتأليب الناس ضدَّه قولًا وفِعلًا، والعمل عند ظُلمه وجَوره واستئثاره.
السَّبب الثالث: كون هذه الأحزاب والجماعات دِينيَّة كانت أو تغريبية أو غيرهما في الأصل وحقيقة الأمر سياسية.
يَعني: تُريد الحُكم، وتتطلَّبه كغيرها، وتسعى إليه بالتحريض على الحُكام الموجودين، والمظاهرات والثورات ضدَّهم، وتشويه صورتهم، وقد تفعله باسم الإسلام والعدل، وتحتج له بأدلَّة مِن الشريعة غير صحيحة أو صحيحة قد حُرِّفت دلالتها والمعنى المُستنبط مِنها.
والسَّلفيون أهل السُّنة أتباع السَّلف الصالح:
قد وقفوا حَجَر عَثرة بين هذه الأحزاب والجماعات دِينيَّة كانت أو تغريبيَّة أو سياسة وبين عوام الناس في هذا الباب حتى لا يَنجرِفوا معهم، ويَنخدِعوا بِهم، ولا يكونوا حطبًا ووقودًا لِمصالحهم.
وذلك:
1 ــ ببيان مُصادَمة هذه الأقوال والأفعال للقرآن والسُّنة النَّبوية وآثار الصحابة والسَّلف الصالح والإجماع، وأنَّها شَرٌّ على الدِّين والدنيا، والعِباد والبلاد والاقتصاد.
2 ــ وبيان ضلال هؤلاء القوم المُفترِين، وانحرافهم عن الشريعة، ومُخالَفتهم لِنصوص القرآن والسُّنة النَّبوية والإجماع، وللسَّلف الصالح مِن الصحابة فمَن بعدهم، ولأُصول الإسلام وثوابته وعقائده ومنهجه الصَّحيح.
السَّبب الرابع: ضَعف الدِّين والتديُّن عند كثير مِنهم، لا سيِّما الرُّموز والدُّعاة والمَشيخة وأهل العمائم.
ومِن دلائل ذلك: أنَّه قد ظهرت عليهم وفيهم الشِّركيات والبدع والمعاصي، والتهاون الشديد في أحكام الشريعة وأصولها وواجباتها، والتساهل الكبير في دماء المسلمين وأموالهم، ودماء وأموال أهل بلدانهم، وأمْن المُجتمع.
بل إنَّ أكثر مُرشدي إحدى هذه الجماعات والأحزاب الذين تولَّوا زعامتها عندهم شِرك أكبر، ويُعتبَرون مِن الصُّوفية الغُلاة، ولهم مُخالفات عديدة في أصول الدِّين والاعتقاد وثوابت الإسلام.
ورُدَّ على شِركِيَّاتهم ومُخالفاتهم في أصول وثوابت الدِّين والشريعة مِن قِبَل عديدين.
ووُثِّقت شركياتهم ومُخالفاتهم في الاعتقاد وأصول الإسلام مِن كتبهم، وكُتب أتباعهم، وصوتيات لهم أو لأتباعهم، ومِن الكتب التي ترجَمت لهم، وبأقلام تلامذتهم وأتباعهم ومُحبِّيهم.
وهؤلاء القوم:
علاجهم صعب، لأنَّهم يَنقِدون ويُخطِّؤون في هذا الباب بالكذب والافتراء والبُهتان، والحَمِيَّة لأهوائهم وجماعاتهم ورُموزهم وأنفسهم.
ومِن ضعف الدِّين، واختلال المنهج:
أنْ يُضَحِّي المَرء بنفسه ودِينه وآخِرته لأجل حزبٍ وجماعة وحُكم، وهَوَى نفسٍ، ورَأيٍ وموقفٍ واختيار، وبُغضٍ وكُره لأقوام.
وليس بيد السَّلفيين أهل السُّنة والجماعة أتباع السَّلف الصالح في كل زَمَن وبلد أمام الكذب والافتراء عليهم:
إلا انتظار يوم القيامة الكبرى لِلقصاص مِن هؤلاء القوم بالحسنات والسيئات، وعقوبة الله الشديدة على الكذب والافتراء والبُهتان والظلم والفُجور في الخُصومة.
مع دفع هذا الباطل عن أنفسهم بقدر استطاعتهم، وما يَسعهم مِن التبيين، وبطريقة العلم وأدلته وأدبه، وعلى سبيل العدل والصدق.
والاستمرار على طريقة سلفهم الصالح في الرَّد على الباطل والضَّلال والانحراف وأهله ودُعاته وكُتبه وصوتياته ومجالسه، وبقال الله سبحانه، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وقال الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ.
والاستيقان بأنَّ رُدودَهم على أهل الباطل والضَّلال والانحراف قد آتت أُكلها، وظهرت ثمارها وفوائدها، فأثَّرت فيهم، وأضعفت مدَّهم، وفضحَت أحزابهم ورُموزهم وأشخاصهم، وكشفت ضلالهم، وفاء وأفاق بسببها الآلاف والملايين مِن المسلمين.
وكتبه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.