إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > الخطب المكتوبة > خطبة مكتوبة بعنوان: ” خطبة مختصرة ليوم جمعة وافق يوم عيد الأضحى “. ملف [ word – pdf ] مع نسخة الموقع.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” خطبة مختصرة ليوم جمعة وافق يوم عيد الأضحى “. ملف [ word – pdf ] مع نسخة الموقع.

  • 1 سبتمبر 2017
  • 81٬933
  • إدارة الموقع

خطبة مختصرة ليوم جمعة وافق يوم عيد الأضحى

الخطبة الأولى: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصَلِّ اللهمَّ على سيِّدنا محمدٍ النِّبيِّ الأمينِ، وعلى آلِ محمدٍ وصحبِهِ وسَلِّمْ إلى يومِ الدِّينِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه.

أمَّا بعدُ، أيُّها الناسُ:

فإنَّكُم لا تَزالونَ تَنْعمونَ بالعيشِ في أيَّامٍ جليلةٍ مُبَاركةٍ، في يوم عيدِ النَّحرِ، وأيَّامِ التشريقِ، فأحسِنوا فيهنَّ العملَ، وأكثِروا مِن القُرُباتِ، وازدادُوا تَقوىً لِربِّكُم، بفعلِ أوامِرِهِ، والبُعدِ عمَّا نهاكُم عنهُ، واستمِرُّوا على ذلكَ إلى المَماتِ، طاعةً لأمْرِهِ سبحانَهُ، حيثُ قالَ ــ عزَّ شأنُهُ ــ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }، واعلَموا أنَّ اللهَ ــ جلَّ وعزَّ ــ قد نوَّهَ بهذهِ الأيَّامِ، وأنَّها أيَّامُ ذِكرٍ لَهُ، فقالَ سُبحانَهُ: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ }، وصحَّ عنِ ابنِ عباسٍ ــ رضِيَ اللهُ عنهُما ــ أنَّهُ قالَ: (( الأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ))، وهيَ أيضًا أيَّامُ أكلٍ وشُربٍ لَنَا لا صيامٍ، لِمَا ثبَتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ: (( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ ))، وأيَّامُ عِيدِنا، حيثُ ثبّتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ: (( يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ )).

وأيَّامُ التشريقِ هيَ: اليومُ الحادي والثاني والثالثُ عشَرَ مِن شهرِ ذِي الحِجَّةِ إلى غروبِ شمسِهِ، وسُمِّيَتْ بأيَّامِ التشريقِ: لأنَّ الناسَ كانوا يُشَرِّقُونَ فيها لُحومَ الأضاحِي في الشمسِ لِتَجَفَّ ولا يَدخلَها العَفَنُ والفسادُ, ويأكُلوا مِنها أيَّامًا عديدةً، وقد كُفِينا هذا الأمْرَ في زَمِنِنا بوجودِ ثلَّاجاتِ التبريدِ والتثليجِ.

أيُّها الناسُ:

لا يجوزُ صيامُ يومِ عيدِ الفِطرِ ويومِ عيدِ الأضحَى باتفاقِ العلماءِ، لا لِـمُتطوِّعٍ ولا لِناذرٍ ولا لِقاضٍ فرْضًا, ولا لِمُتمتعٍ لا يَجدُ هدْيًا، لِمَا صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: (( نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ وَالنَّحْرِ ))، ولا يجوزُ صيامُ أيَّامِ التشريقِ الثلاثةِ لا تطوُّعًا ولا فرْضًا إلا لِمَن لم يَجدِ الـهَدْيَ مِن الحُجَّاجِ، لِمَا صحَّ عن عائشةَ وابنِ عمرَ ــ رضِيَ اللهُ عنهُما ــ أنـَّهُما قالا: (( لم يُرَخَّص في أيَّام التَّشريق أنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمن لم يَجد الـهَدْيَ ))، ولِمَا صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ )).

أيُّها الناسُ:

إنَّ هذا اليومَ الجُمعةَ هوُ يومُ عيدِ الأضحَي، ويومُ الحجِّ الأكبرِ، ويومُ النَّحرِ، حيثُ يُنْحَرُ فيهِ الهَدْيُ والأضاحِي تقرُّبًا إلى الله سبحانه، وقدْ صحَّ: (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، فَقَالَ: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ، قَالَ: «هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» )).

وسُمِّيَ يومُ النِّحرِ بيومِ الحجِّ الأكبرِ: لأنَّ مُعْظَمَ وأهمَّ مناسِكِ الحجِّ تكونُ في ليلتِهِ ويومِهِ، كالوقوفِ بعرفة، والمَبيتِ بمُزدَلِفَةَ، ورَميِ جَمرةِ العقبةِ، وذبحِ الهَديِ، والحلْقِ أو التقصيرِ، وطوافِ الإفاضةِ، وسَعْيِ الحجِّ.

أيُّها الناسُ:

إنَّ مِنَ السُّنَن في يومِ عيدِ الأضحَى وأيَّامِ التشريقِ الثلاثةِ تكبيرَ اللهِ ــ عزَّ وجلَّ ــ: “اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ” بعدَ السَّلامِ مِن كُلِّ صلاةِ فريضةٍ وقبْلَ أذكارِها، وفي سائرٍ الأوقاتٍ مِن ليلٍ أو نهارٍ، لِثُبوتِ ذلكَ عن سَلفِ الأُمَّةِ الصالحِ مِن أهلِ القُرونِ الأولَى، وعلى رأسِهِم أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، واتفقَّ العلماءُ على مشروعيةِ هذا التَّكبيرِ.

و “اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمد”

الخطبة الثانية: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الملِكِ الأعلَى، وسلَّمَ على محمدٍ النَّبيِّ وآلِهِ وصحبِهِ وصَلَّى.

أمَّا بعدُ، أيُّها الناسُ:

إنَّ هذهِ الجُمعةَ قد وافقَتْ يومَ عيدِ الأضحَى، وإنَّ السُّنَّةَ الواجِبَةَ أنْ يُقيمَ الإمامُ بالناسِ صلاةَ الجمعةِ وخُطبَتَها، وهوَ مذهبُ الأئمةِ الأربعةِ وغيرِهِم، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُقيمُ الجمعةَ بالناسِ يومَ العيدِ، حيثُ جاءَ في “صحيحِ مُسلمٍ”: (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بالْأَعْلَى وَالْغَاشِيَةِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ ))، وجاءتْ إقامَةُ صلاةِ الجُمعةِ بالناسِ أيضًا يومَ العيدِ في “صحيحِ البُخارِيِّ” عن خليفةٍ راشدٍ، وبمَحضَرِ الصحابةِ، حيثُ صحَّ عن أبِي عُبيدٍ أنَّهُ قالَ: (( شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ العَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ» )).

وأمَّا المَأمُومونَ الذين صَلَّوا العيدَ معَ الإمامِ: فالمُستحَبُّ عندَ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ وجماعةٍ مِن السَّلف الصَّالحِ أنْ يَشهدُوا صلاةَ الجمعة، فإنْ لم يَحضُروها فلا جُناحَ عليهِم، ويُصلُّونَ في بيوتِهم ظهرًا وجوبًا، لِمَا جاءَ عن مُعاويةُ بنِ أبِي سفيانَ أنَّهُ قالَ لِزيدِ بنِ أرْقَمٍ ــ رضِيَ اللهُ عنهُم ــ: (( أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ؟ قَالَ: صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ» ))، وصحَّحه جمْعٌ مِن المُحدِّثينَ، وقالَ أكثرُ العُلماءِ ومِنهُم أبو حنيفةَ ومالكٌ والشافعيُّ: يجبُ على مَن شهدَ صلاةَ العيدِ معَ الإمامِ أنْ يَشهدَ صلاةَ الجُمعةَ أيضًا، وضَعَّفُوا الحديثَ السابقَ في الرُّخْصَة بعدمِ حضورِ الجُمعةِ.

وأمَّا مَن لم يَشهدْ صلاةَ العيدِ معَ الإمامِ: فيجب عليه باتفاقِ العلماءِ أنْ يَشهدَ صلاةَ الجُمعةٍ، فإنْ لم يَشهدْها أثِمَ، وكانَ لِربِّهِ عاصيًا.

هذا وأسألُ اللهَ تعالى: أنْ يَحفظَنا مِن بينِ أيدِيِنا، ومِن خلفِنا، وعن أيمانِنا، وعن شمائِلنا، ومِن فوقِنا، ومِن تحتِ أرجُلِنا، وأنْ يُجنِّبَنا كيدَ الكائدينَ، ومَكرَ الماكرينَ، وأنْ يَرفعَ الضُّر عنِ المُتضَرِّرينَ مِنَ المسلمينَ، وأنْ يُصلِحَ الولاةَ ونُوابَهُم وجُندَهُم ويُوفِّقَهُم لِمَراضِيهِ، إنَّه سميعُ الدُّعاء، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لِي ولَكُم.