إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > القرآن و التفسير > خطبة مكتوبة بعنوان: ” قصة أصحاب الكهف وبعض ما فيها من فوائد وعبر وأحكام “. ملف: [ word – pdf ] مع نسخة الموقع.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” قصة أصحاب الكهف وبعض ما فيها من فوائد وعبر وأحكام “. ملف: [ word – pdf ] مع نسخة الموقع.

  • 16 أكتوبر 2025
  • 2٬633
  • إدارة الموقع

قِصَّة أصحاب الكَهْف وبعض ما فيها مِن فوائد وعِبَر وأحكام

الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الذي أنزَلَ القرآنَ، وأكرمَ فعلَّمَهُ الصِّغارَ والكِبارَ، وزادَ في الإفضالِ فرزَقَ العملَ بِهِ الإناثَ والذُّكْرانَ، والصلاةُ والسلامُ على عبدِهِ ورسولِهِ محمدٍ المبعوثِ رحمةً ومُفقِّهًا بالسُّنةِ والقرآنِ، وعلى آلِهِ وأصحابِهِ أُولِي الفضائلِ والإحسانِ، وعنَّا معَهُم إلى آخِرِ الزَّمانِ.

أمَّا بعدُ، فيَا أهلَ الإيمانِ والقرآنِ:

إنَّ سورةَ “الكَهفِ” لَها فضائِلُ جليلةٌ، وفيها قَصَصٌ مُتعدِّدةٌ، وتضَمَّنَتْ فوائدَ وعِبَرَ مُتنوِّعةٍ جميلةٍ عَزيزَةِ.

فمِنْ فضائِلِها: تَنَزُّلُ السَّكينَةِ حِينَ قرأَهَا أحدُ الصَّحابَةِ، لِمَا صحَّ عنِ البَرَاءِ ــ رَضِيَ اللهُ عنْهُ ــ أنَّهُ قالَ: (( كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدُورُ وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ» )).

ومِنْ فضائِلِها: أنَّ حِفظَ عشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِها يَعصِمُ مِن فتنةِ الدَّجَّالِ، لِما صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ “الْكَهْفِ” عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ ))، وصحَّ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم قالَ عنِ الدَّجَّالِ: (( فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ: فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ “الْكَهْفِ” )).

ومِنْ فضائِلِها: أنَّها مِن أوائِلِ ما نزَلَ مِن القرآنِ بمكَّةَ، لِمَا صحَّ عنِ ابنِ مسعودٍ ــ رَضِيَ اللهُ عنْهُ ــ أنَّهُ قالَ: (( بَنِي إِسْرَائِيلَ ــ يَعني: الإسْراء ــ، وَالكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ )).

ومِنْ فضائِلِها: أنَّهُ يُستحَبُّ أنْ يَقرأَها الإنسانُ لِوحْدِهِ يومَ أو ليلةَ الجُمُعَةِ، لِمَا صحَّ عن أبي سعيدٍ ــ رَضِيَ اللهُ عنْهُ ــ أنَّهُ قالَ: (( مَنْ قَرَأَ سُورَةَ “الْكَهْفِ” لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ )).

أهلَ الإيمانِ والقرآنِ:

لَقدْ جاءتْ أربَعُ قِصَصٍ في سُورةِ “الكهفِ”، قِصَّةُ الفِتيَةِ أصحابِ الكَهفِ، وقِصَّةُ صاحبِ الجنَّتينِ معَ صاحِبِهِ، وقِصَّةُ مُوسى ــ عليهِ السلامُ ــ معَ الخَضِرِ، وقِصَّةُ المَلِكِ ذِي القَرْنينِ.

أمَّا قِصَّةُ أصحابِ الكهفِ، وهُمْ فِتيَةُ شبابٌ هداهُمُ اللهُ لِلإسلامِ، وإظهارِهِ بينَ قومِهِم، وفي دِيارِهِم، وإنكارِ الشِّركِ باللهِ الذي عليهِ قومُهُم، وثبَّتَهُم وقوَّاهُم اللهُ على ذلكَ، ورَبطَ على قلوبِهِم، لأنَّ مُخالفَةَ باطلِ الآباءِ والقومِ والقبيلةِ والبلادِ والكثرَةِ يَحتاجُ إلى تثبيتٍ شديدٍ مِنَ اللهِ، ولُجُوءٍ عظيمٍ إليهِ، وقد كانَ مِن شِركِ وكُفرِ قومِهِم أنَّهُم يَصرِفونَ عبادَةَ الدُّعاءِ لِغيرِ اللهِ ربِّهِم، وأَبَى هؤُلاءِ الفِتيَةُ الشبَّابُ هذا الشِّركَ والكُفرَ، أبَوا أنْ يَفعلوهُ، وأنكرُوهُ على قومِهِم، لأنَّ مَن دعا معَ اللهِ غيرَهُ فقد جعلَهُ لهُ إلهًا معَ اللهِ شاءِ أمْ أبَى، ووقعَ في الكُفرِ الأكبرِ، حيثُ قالَ اللهُ سُبحانَهُ عنهُم: { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا }، وهذه هيَ: النِّعمَةُ الكُبرى التي امتنَّ الله بِها عليهِم، وقد قالَ اللهُ سُبحانَهُ مُمتنًّا: { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ }.{ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا }، وقد ثبتَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ لِلْإِسْلَامِ )).

ولمَّا لم يستطيعوا إظهارَ دِينِهِم وإفرادَ ربِّهِم وحدَهُ بعبادَةِ الدُّعاءِ في أرضِهِم، وبينَ قومِهِم وأهلِيهِم، اعتزَلُوا قومَهُم وأَوَوا إلى الكَهفِ الذي سُميِّتِ السُّورَةُ باسمِهِ، والكهفُ هوَ: الغَارُ المفتوحُ في الجَبلِ، فأكرمَهُم اللهُ تنجيَةً لهُم، ولِجعْلِهِم آيَةً، بنومٍ عميقٍ لِمِئاتٍ مِنَ السِّنين، كما قالَ سُبحانَهُ: { وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا }، بِلا أكلٍ فيهِ ولا شُرْبٍ، ولا يَسمعونَ فيهِ مَنْ حولَهُم، ولا يتضرَّرونَ بِهِ في أبدانِهِم ولا عُقولِهِم، ويَتقلَّبُونَ في هذا النومِ على الجَنبِ الأيمنِ والأيسرِ، وهوَ: أكملُ النَّومَاتِ، حتى أنَّ مَن رَآهُم ظنَّ أنَّهُم أيقاظٌ وليسُوا بِرُقودٍ، والشمسُ تُصيبُهُم حين تَطلُعُ وتَغْرُبُ، فنفعَهُمُ التقليبُ، ونفعَتْهُمُ الشمسُ، فما عطَبَ ولا فسَدَ ولا أنتَنَ لَهُم جسَدٌ، وحُمُوا بكلبٍ يحرُسُهُم، وخوفٍ شديدٍ وفِرارٍ لِمَن رَآهُم، فضلًا مِنَ اللهِ عليهِم، ورحمةً بِهِم، وتسلِيَةً وتثبيتًا لِمَن كانَ مِثلَهُم، حيثُ قالَ اللهُ سُبحانَهُ: { وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ }، وقالَ تعالى: { إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا  فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا }، وقالَ سُبحانَهُ: { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا }، وهذه: نِّعمَةُ أُخْرَى وكُبرى أكرمَهُمُ اللهُ بِها، وتفضلَّ بِها عليهِم.

ثُمَّ أيقظَهُمُ اللهُ مِن هذا النَّومِ العميقِ الطويلِ الذي لم يَشعُروا بِهِ وبمُدَّتِهِ الكبيرةِ جدًّا، حتى تسائَلُوا عنهُ فيما بينَهُم على عادَةِ الناسِ المعروفَةِ في السُّؤالِ عنْ مُدَّةِ نومِهِم، وظنَّ أحدُهُم أنَّهُ كانَ يومًا كاملًا أو بعضَ يومٍ، لأنَّهُم دخلوا الغَارَ في أوَّلِ النَّهارِ واستيقظوا مِن النَّومِ في آخِرِ النَّهارِ، ولأنَّ آثارَهُ على أبدانِهِم وعقولِهِم ليستْ بآثارِ النَّومِ الطويلِ، وإنَّما كآثارِ النَّومِ العاديِّ التي يَعرِفُهَا الإنسانُ مِنْ نفسِهِ، ثُمَّ أرْجَعُوا العِلمَ بِمُدَّتِهِ إلى اللهِ ربِّهِم وحدَهُ، العالِم بكُلِّ شيءِ، وكُلِّ أحدٍ، وكُلِّ زَمَنٍ، ثُمَّ بَعثوا مِنهُم مَن يَشتري لَهُم طعامًا بمَا كان لَدَيهِم مِن الوَرِقِ ــ أي: الفِضَّةِ ــ التي كانتْ معهُم حينَ تَركوا أرضَهُم وقومَهُم فارِّينَ خوفًا على دِينِهِم، حيثُ قالَ اللهُ سُبحانَهُ عنهُم: { وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا }، وهذه: نِّعمَةُ أُخْرَى وكُبرى أكرمَهُمُ اللهُ بِها، وتفضلَّ بِها عليهِم.

وفي الآيتينِ: جوازُ التوكيلِ في الشِّراءِ، وجوازِ شِراء وطلبِ أطيَبِ وأزْكَى الطعامِ والشَّرابِ ما لمْ يَصِلْ حَدَّ الإسرافِ والتبذيرِ، وإلى التفاخُرِ، والابتعادُ عن أماكنِ الضَّررِ على الدِّينِ والدُّنيا والبَدَنِ، واستعمالُ التلطُّفِ والكِتمانِ الذي يَدرأُ عن الإنسانِ الاعتداءَ والشَّرَ والفِتنَ، واتِّخاذُ الأسبابِ والوسائلِ الواقيَةِ مِن كيدِ أو تهييجِ العدوِّ على الدِّينِ أوِ النفسِ أوِ المالِ أوِ الأهلِ أوِ البلدِ أو الدَّولَةِ، واحتياطُ الإنسانِ لِنفسِهِ بأخذِ مالٍ معَهُ إذا ترَكَ بلدَهُ، وبيانُ أنَّ مَن عادَ إلى الكفرِ بعدَ إيمانِهِ أو كانَ كافرًا فلَنْ يُفلِحَ أبدًا.

اللهمَّ إنَّكَ قُلتَ: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ } وإنَّك لا تُخلِفُ المِيعادَ، وإنَّا نسألُكَ كما هديتَنا لِلإسلامِ أنْ لا تَنزِعَهُ مِنَّا حتى تتوفانا ونَحنُ مسلمونَ.

الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ، وسلامٌ على عبادِهِ الذينَ اصْطفَى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ العليُّ الأعلَى، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ المُرتَضَى.

أمَّا بعدُ، فيَا أهلَ الإيمانِ والقرآنِ:

إنَّ الفِتيَةَ الشَّبابَ حين كانوا في الكهفِ أطلعَ اللهُ عليهِم الناسَ ووجَدُوهُم ورَأَوهُم، لعلَّ هؤلاءِ القومَ يَنتفعُونَ، فيُومِنونَ باللهِ، ويَعلمونَ أنَّ القيامةَ آتيَةٌ بِلا رَيبٍ، فيَعملونَ لَها، وأنَّ اللهَ يَدفعُ ويُدافِعُ عنْ أهلِ الإيمانِ، ويُنجِّيهِم مِن كيدِ وإجرامِ الكافرينَ، وحينَ رأوهُم تنازعُوا واختلفوا فيهِم وفيما يَصنعوا جِهتَهُم، فرَأى قومٌ أنْ يَبنُوا عليهم بُنيانًا بِسَدِ بابِ كَهْفِهِم وتركِهِم على حالِهِم، وقالَ أصحابِ الغلَبَةِ والكلمةِ والنُّفوذِ لَنَجْعَلَنَّ عليهِم مسجدًا، واتخاذُ وجعلُ المساجدِ على قبورِ أو أماكنِ الصَّالِحينَ مِن وسائلِ الشِّركِ، وطرائقِ المُشركينَ، وأفعالِ اليهودِ والنصارَى، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ ))، وثبتَ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ ))، ألَا فاتقوا اللهَ ــ عِبادَ اللهِ ــ ولا تتَّخِذوا المساجدَ على قبورِ الصَّالِحينَ، فإنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَرزُقْهُ العلمَ الذي يُفرِّقُ بِهِ بينَ الحقِّ والباطلِ، والتوحيدِ والشِّركِ، والسُّنةِ والبدعَةِ،فقد قالَ اللهُ سُبحانَهُ: { إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ }.

اللهمَّ: لا تُهلكنا بذُنوبِنا وآثامِنا، ولا تُلهِنا بدُنيانا عن دِينِنا وآخِرتِنا، اللهمَّ: صَرَّف قلوبَنا وأسماعَنا وأبصارَنا وجوارِحَنا إلى مراضيك، وقوِّنا بالاعتصامِ بالتوحيدِ والسُّنة، وباعدَ بينَنا وبينَ الشِّركِ والبدعِ والمعاصي والفسادِ والدُّعاةِ إلى ذلكَ، اللهمَّ: لَيِّن قلوبَنا قبلَ أنْ يُليِّنَها الموتُ، واجعلْها خاشعةً لِذكْرِكَ، وما نزَلَ مِن الحقِّ، اللهمَّ: اغفرْ لِلمُسلمينَ والمُسلماتِ الأحياءِ مِنهُم والأمواتِ، وارفَعِ الضُّرَ عنْ كُّلِّ مُسلمٍ مُتضرِّرٍ، إنَّكَ سميعٌ مُجيبٌ، وأقولُ هذا، ء وأستغفرُ اللهَ لِي ولَكم.