شَحْذ الهِمَّة إلى أنَّ ذبح الأضحية أفضل مِن التصدق بثمنها النَّقدي عند أكثر علماء الأمَّة
الحمد لله، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى.
وبعد:
فقد ذهب أكثر العلماء ــ رحمهم الله ــ إلى أنَّ ذبح الأضحية أفضل مِن التَّصدُّق بثمنها على الفقراء.
مِنهم: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل.
وقال العلامة عبد الرحمن ابن قاسم الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الإحكام شرح أصول الأحكام” (2/ 523):
«وصرَّح ابن القيِّم وغيره بتأكد سُنِّيتها، وأنَّ ذبْحها أفضل مِن الصدقة بثمنها، لأنَّه صلى الله عليه وسلم وخلفاءه واظبوا عليها، وعَدلوا عن الصدقة بثمنها، وهُم لا يُواظبون إلا على الأفضل».اهـ
وقال الفقيه بدر الدين العَيني الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “البَناية شرح الهداية” (12 / 30)، في ترجيح هذا القول:
«لأنَّ إراقة الدم في هذه الأيَّام أفضل، لأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء ــ رضي الله عنهم ــ بعده ضَحَّوا فيها، ولو كان التَّصدُّق أفضل لاشتغلوا بِه.اهـ
وقال الإمام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع الفتاوى” (24/ 222):
«والنَّحر أفضل مِن الصدقة، لأنَّه يَجتمع فيه العبادتان البدنية والمالية، فالذبح عبادة بدنية ومالية، والصدقة والهدية عبادة مالية».اهـ
وقال الإمام ابن قيِّم الجوزية ــ رحمه الله ــ في كتابه “تُحفة المودود بأحكام المولود”: (ص: 65)
«الذَّبح في موضعه أفضل مِن الصدقة بثمنه، ولو زاد، كالهدايا والأضاحي، فإنَّ نفس الذَّبح وإراقة الدَّم مقصود، فإنَّه عبادة مقرونة بالصلاة، كما قال تعالى: { فَصَلِّ لِرَبِّك وانْحَر }، وقال: { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي ونُسُكِي ومَحْيَاي ومَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالمِين }.
ففي كل مِلَّة صلاة ونَسيكة لا يقوم غيرهما مقامهما، ولهذا لو تصدَّق عن دم المُتْعَة والقِران بأضعاف أَضعاف القيمة لم يَقم مقامه، وكذلك الأضحية».اهـ
ولمَّا قال الحافظ ابن المنذر النيسابوري ــ رحمه الله ــ في كتابه “الإشراف على مذاهب العلماء” (3/ 421 ــ مسألة:1697):
«وقال أحمد وإسحاق: “العقيقة أحبُّ إليَّ مِن أنْ يُتصدَّق بثمنها على المساكين”».اهـ
قال عقب ذلك:
«صدَق أحمد، إتِّبَاع السُّنن أفضل».اهـ
واختار هذا القول:
ابن تيمية، وابن قيِّم الجوزية، وابن باز، وابن عثيمين.
وكتبه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.