إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > التربية > خطبة مكتوبة بعنوان: ” وصايا جامعة نافعة في مسائل عديدة متنوعة ” ملف: [ pdf – word ] مع نسخة الموقع.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” وصايا جامعة نافعة في مسائل عديدة متنوعة ” ملف: [ pdf – word ] مع نسخة الموقع.

  • 26 مايو 2022
  • 5٬479
  • إدارة الموقع

وصايا جامعة نافعة في مسائل عديدة متنوعة

الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الذي أمرَ عبادَهُ بكُلِّ ما فيهِ خيرٌ لَهُم وصلاحُ، ونهاهُم عن جميعِ المَضَارِّ والقِباحِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ الكريمُ الفتَّاحُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ الذي جاءَ بأكملِ الأحكامِ والآدابِ المِلاحِ، فصَلواتُ اللِه وسلامُهُ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ أهلِ السَّدادِ والفلاح.

أمَّا بعدُ، فيَا عِبادَ اللهِ:

اتقوا اللهَ حقَّ التقوى، واجعلوا تقواهُ نَصْبَ أعيُنِكم في السِّر والعلَن، فقد قال سبحانَه آمِرًا لَكُم: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ }، واعلَموا أنَّ تقواهُ إنَّما تكونُ بالمُسارعَةِ إلى مغفرتِهِ ورضوانِهِ، بفعلِ الحسناتِ، وترْكِ الخطيئات قبلَ انتهاءِ الأجلِ، وحُلولِ الحسابِ والجزاءِ.

عِبادَ اللهِ:

اتقوا اللهَ في تربيَةِ أبنائِكُم وبناتِكم، أحسِنوهَا واحرِصوا شديدًا على إصلاحِها، وابذُلوا وسْعَكُم فيها، وادفعوا عنهُم أسبابَ الفسادِ، ولا تكونوا مِمَّن يُعِينُهُم على الفسادِ أو يُيَسِرُ لَهُم أسبابَهُ، وجنِّبوهُم قدْرَ استطاعتِكم مُخالَطَةَ مَن لا يُوثقُ بدِينِهِ وخُلُقِهِ وأمانتِهِ ومَدخلِهِ ومَخرَجِهِ مِن بعيدٍ أو قريبٍ، وأبعِدُوهُم عن جميعِ أماكنِ الفسادِ الدَّينِي والأخلاقِي، وفرِّقوا بينَهُم في مَضاجِعِ النَّومِ، واهتموا بألبسَتِهِم في البيتِ وخارِجِهِ، وذلِكَ لِئَلَّا يُفتَنُوا ويَقعوا في فواحِشِ المِثلِيينَ، وقبائِح اللادِينِيينَ، وبَهيميَّةِ الشَّاذِّينَ، ويكونوا لُقمَةً سهلَةً لِلفاجِرينَ، وكلُّ ذلكَ مُجلَّلًا بالرِّفقِ واللِّينِ والشَّفقَةِ والرَّحمَةِ وجميلِ الكلامِ، وبعيدًا عن العُنفِ المُفرِطِ والغِلظَةِ المُوحِشَةِ، معَ المُتابعَةِ والمُراقبَة والترغيبِ والترهيب وإظهارِ العطْفِ والحُنُوِّ، ولا تتساهلوا أو تتغافلوا فإنَّ النَّارَ المُحرِقَةَ لِلأخضرِ واليابسِ أصلُهَا مِن شرارَةٍ صغيرَة.

عبادَ اللهِ:

احذرُوا أربابَ العَلمانيَّةِ واللبراليَّةِ واللادِينيَّةِ وأهلِ التغريبِ والإلحادِ والشُّذوذِ الجِنسِيِّ والفُجورِ، فإنَّهُم يَسعونَ جاهدِينَ لِسلخِكُم عن دِينِكُم الإسلامِ، وإبعادِكُم عن الارتباطِ بأُمَّتِكُم وبلدانِكُم، وجعْلِكُم أتباعًا أذلَّاءَ مِثلَهُم لِسادتِهِم مِن رجالاتِ ومُفكِّري الغربِ والشَّرقِ، وأداةً لِمُخطَّاطاتِهِم وأفكارِهِم وعاداتِهِم، فتُصبِحُوا أعدَاءً لِدينِكُم وحربًا على أصولِهِ وتشريعاتِهِ، وعونًا لهُم على أوطانِكُم وعاداتِ مُجتمعِكُم وقِيَمِهِ القويمَةِ، فتَحُلُّوا أخلاقَهُ، وتُفكِّكوا ترابُطَ أُسَرِهِ، وتَملؤوهُ بالعُهْرِ والفُجورِ والشهوانيَّةِ الجِنسيَّةِ البهيميَّةِ المُحرَّمَةِ القبيحَةِ شرعًا، وعقلًا، وطبْعًا.

عِبادَ اللهِ:

تَجنَّبوا مُشاهدَةَ المُحرَّماتِ في القنواتِ الفضائِيَّةِ واليُوتيوبِ والفِيسبُوكِ وتُويترَ والمواقعِ في الإنترنِت والمسارِحِ والسِّينَما والطُّرقاتِ، وحاذِروا الغِشَ والخِداعَ والتدليسَ والتغريرَ في البيع والشراء والأعمالِ الحِرَفيَّةِ والمِهنيَّةِ والعُقودِ والمُناقصَاتِ والمُضارَباتِ التجاريَّةِ، وابتعِدوا عن التشبُّهِ بالكفارِ في أفعالِهِم وأقوالِهِم عاداتِهِم، وألبستِهِم وقصِّ شُعورِهِم، وإيَّاكُم والكذبَ والغِيبَةَ، والنَّميمَةَ والسُّخريَةَ والاستهزاءَ والظُّلمَ والعُدوانَ والبَغْيَ والفجورَ والغِلَّ والحِقْدَ والحسَدَ، ولا تُؤذوا الناسَ في أبدانِهِم ولا أموالِهِم ولا أعراضِهِم، ولا في بيوتِهِم ولا طُرقاتِهِم ولا مَراكبِهِم، واعلَموا أنَّ الذُّنوبَ مِن شركياتٍ وبدَعٍ ومعاصٍ شرٌّ وضررٌ مُحقَّقٌ عليكُم في دُنياكُم وقُبورِكمُ والدَّارِ الآخِرَةِ، وإنَّها لَتُؤثِّرُ في أمْنِ البلادِ رخائِهَا واقتصادِهَا وقلوبِ أهلِها  ووِحْدَتِهِم وائتِلافِهمِ، وإنَّ ما يُصيبُ الناسَ مِن المصائبِ العامَّةِ أو الخاصَّةِ الفرديَّةِ أو الجماعيَّةِ فإنَّهُ بما كسبَتْ أيديهِم، هُمْ سبَبُهُ وهُمُ أهلُه، هُمْ سبَبُهُ حيثُ فعَلوا ما يُوجبُهُ مِن شركياتِ وبدَعٍ ومعاصٍ، وهُمْ أهلُهُ حيثُ كانوا مُستحقينَ لَهُ، لِقولِ اللهِ سُبحانَهُ: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }، وقولِهِ تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }، وقولِهِ سُبحانَهُ: { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }.

عبادَ اللهِ:

إنَّ مِمَّا لا يجوزُ أنْ يَلبسَهُ المُسلمُ ذَكرًا كانَ أوْ أُنثَى الألبسَةَ التي تَحتوي على صُورٍ لِذَواتِ الأرواحِ مِن آدَمِيين وحيوانات، أوْ تَحتوي على صليبٍ، أوْ شِعارٍ دِينيٍّ لِلكفارِ أوْ شِعارٍ خاصٍّ بأهل الفِسقِ والفُجورِ كالشَّوَاذِّ المِثلِيينَ وأشباهِهِم أو شِعارٍ خاصٍّ بالأعيادِ المُحرَّمَةِ كأعيادِ الكفارِ الدِّينيَّة أوْ عيدِ الحُبِّ وأشباهِهِا أوْ شِعارٍ خاصٍّ بمُنظَّماتٍ مُنحرِفَةِ أوْ إجراميَّةِ كالماسونيَّةِ والإرهابيَّةِ والتكفيريَّةِ وأشباهِهِا أو شِعاراتِ الشِّيعَةِ الرَّافضَةِ وعُمومِ أهلِ البِدَعِ والأهواءِ، وقدْ صحَّ عن عائشَةَ ــ رضيَ اللهُ عنها ــ: (( أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟» فَقَالَتْ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ: «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَإِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ المَلاَئِكَةُ» ))، وصحَّ أنَّ عليًّا ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ قالَ لِرَجُلٍ: (( أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ لَا تَدَعَ صُورَةً إِلَّا طَمَسْتَهَا» ))، وصحَّ: (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ ))، وثبتَ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُم ))، وقالَ العلامَّةُ الصَّنعانيُّ بعدَ هذا الحديث: «والحديثُ دَالٌّ على أنَّ مَن تَشَبَّهَ بِالفُسَّاقِ كانَ مِنهُم أوْ بِالْكُفَّارِ أوْ بالمُبتدِعَةِ في أيِّ شيءٍ مِمَّا يَختصُّونَ بِه مِن مَلبُوسٍ أو مَركُوبٍ أو هَيئَة».

نفعنِي اللهُ وإيَّاكُم: بما سمعتُم، والحمدُ للهِ البَرِّ الرَّحيمِ الحميدِ المَجيدِ.

الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الخالِقِ العظيمِ، وصلاتُهُ وسلامُهُ على نبيِّهِ مُحمَّدٍ وآلِهِ وصحْبِهِ.

أمَّا بعدُ، فيَا عِبادَ اللهِ:

تَجنَّبوا الشَّحْنَاءَ والضَّغائِنَ والغِلَّ والحِقدَ والحَسَدَ والتباغُضَ فيما بينَكُم، واحرِصُوا شديدًا على صَفاءِ النُّفوسِ وتَصفيتِها مِنِ ذلِكَ كُلِّهِ، لِيَغفرَ اللهُ لَكُم، وترتاحَ نفوسُكُم، وكُونوا مِن أهلِ العَفوِ والصَّفحِ والتَّجاوُّزِ والتَّغافُلِ عنِ الزَّلاتِ والهَفوَاتِ، وأظهِرُوا الأُلْفَةَ والتآلفَ والتراحُمَ، واجتَنِبوا الفُرْقَةَ والخُصومَاتِ والمُنازعاتِ وأسبابَها، فقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ))، وصحَّ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ))، وثبتَ أنَّهُ قِيلَ لِلنبيِّ صلى الله عليه وسلم: (( أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، قَالُوا: فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ» ))، وصحَّ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ )).

عِبَادَ اللهِ:

احرِصُوا أنْ تكونَ مجالِسُكُم عامرَةً بالخيرِ والفضيلَةِ والمنفعَةِ والفائدَةِ والعلمِ والنُّورِ والمكارِمِ والفضائِلِ والشَّهامَةِ والمُرؤَةِ والعِفَّةِ والفضيلَةِ والصِّدقِ والنُّصحِ والحَياءِ والطُّهرِ والوفاءِ والرُّجولَةِ، إنْ تَحدَّث فيها مُتحدِّثٌ بالخيرِ أعنتُموهُ بالاستماعِ والإنصاتِ، وشكرتُموهُ، وصَبرتُم عليهِ وصبَّرتُم غيرَكُم، وإنْ اغتابَ أحَدٌ فيهِ أو نَمَّ أو سَبَّ أو لَعنَ أرشدتُموهُ بِرفْقٍ ولِينٍ، وصَرفتُموهُ إلى حديثٍ غيرِهِ، وإنْ حضَرَ وقتُ الصلاةِ أعنْتُم بعضًا على فِعلِها جماعَةً، وإنْ ظهرَ مُنْكَرٌ ومٌحرَّمٌّ في شاشَةِ تلفازٍ أغلقتُموهَا وأزحتمُوهُ، حتى تكونَ هذهِ المجالِسُ عندَ اللهِ لَكُم لا عليكُم، وتَنتفعونَ بها ولا تَندمونَ، وقدْ ثبَتَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا فَتَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرٍ إِلَّا تَفَرَّقُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))، واعلَموا أنَّ الصُّحبةَ والوِفاقِ والوُدَّ يَنقلِبُ يومَ القيامَةِ إلى عدَاوَةٍ وبُغضٍ إلا صُحبَةَ المُتقينَ، لِقولِ اللهَ تعالى: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }، فكونوا مِنهم، وسِيرُوا في رِكابِهَم، وتَجمَّلوا بأخلاقِهِم، والزَمَوا آدابَهم، وتذكَّرُوا بأنَّ أكثرَ المَجَالِسِ اليومَ يَشوبُهَا اللغَطُ في القولِ، ويَكتنِفُها الزَّلَلُ في الفِعالِ، ويَخدِشُها كَثْرَةُ القِيلِ والقالِ، فلا تَغفلوا أنْ تَختِمُوا خُروجَكُم مِنها بكفَّارَةِ المجلسِ، لِمَا صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَكُونُ فِي مَجْلِسٍ فَيَقُولُ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ )).

عبادَ اللهِ:

إنَّ نَصيحَةَ المُسلمِ لِلمُسلمِ بالكلامِ أوِ الكتابَةِ إذا رَأى مِنهُ خطأً أوْ تقصيرًا أوْ تَعدِّيًا أوْ ظُلمًا أوْ ضَلالًا أو انحرَافًا في عقيدتِهِ أوْ عبادَتِهِ أوْ بيعِهِ أوْ مِهنتِهِ أوْ أخلاقِهِ أوْ صُحبتِهِ أوْ عِشْرَتِهِ لأهلِهِ أوْ منهجِهِ أوْ فقهِهِ وعِلمِهِ لتَدُلُّ على حُسْنِ السَّريرَةِ، وبُعدِ القلبِ عن أمراضِ الغِلِّ والحِقدِ والحسَدِ، ومحبَّةِ الخيرِ لِلناسِ، وقوَّةِ الإيمانِ، وطِيبِ النَّفسِ، وجميلِ التربيَّةِ، وعظيمِ الشَّفقَةِ، وشديدِ الرَّحمَةِ، حيثُ أحبَّ لأخيهِ مِن الخيرِ ما أحبَّ لنفسِهِ، فأرْشدَهُ إليهِ بالنَّصيحَةِ ورَغَّبَهُ فيهِ، وكَرِهَ لَهُ مِنَ الشَّرِ ما كَرِهَ لِنفسِهِ فحَذَّرَهُ مِنهُ ورَهَّبَهُ عنهُ وأبانَ لَهُ وجْهَ الحقَ، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ))، وصحَّ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ ))، وصحَّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الصحابَةِ قالَ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ شِئْتُمْ لَأُقْسِمَنَّ لَكُمْ بِاللَّهِ: أَنَّ أَحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يُحَبِّبُونَ اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ بِالنَّصِيحَةِ )).

اللهمَّ: أعنَّا على الاستمرارِ والإكثارِ مِن طاعتكَ إلى حينِ الوفاةِ، اللهمَّ: اغفرْ لَنَا ولأهلِينا وجميعِ المُسلِمينَ، اللهمَّ: احقِنْ دِماءَ المسلمينَ في كلِّ مكانٍ، وارفعِ الضُّرَ عنْهُم والكُروبَ، وأعذْنا وإيَّاهُم مِن الفتنِ ما ظهرَ مِنها وما بطَنَ، اللهمَّ: وفِّق وُلاةَ أُمورِ المسلمينَ لِمَرَاضِيكَ، وأزِل بِهمُ الشِّركَ والبدَعَ والآثامَ والظلمَ والعُدوانَ والبَغْيَ والفُجورَ والفسادَ والتغريب، اللهمَّ: اجعلنا مِمَّن إذا أُعطِيَ شَكَرَ، وإذا أذْنَبَ استغفَرَ، وإذا ابتُليَ صبَرَ، وأعِنَّا على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسْنِ عِبادَتِك، إنَّكَ سميعُ الدُّعاءِ، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لِي ولَكُم.