لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه كان يسكت بعد قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية حتى يقرأها من خلفه
قال الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله – في كتاب “الصلاة”(ص:406-408 – طبعة: دار عالم الفوائد، وتمويل: مؤسسة الراجحي):
واختلفت الرواية عنه، هل كان يسكت بين الفاتحة وقراءة السورة أم كانت سكتته بعد القراءة كلها؟.
فقال يونس عن الحسن عن سمرة: (( حفظت سكتتين، سكتة إذا كبر الإمام حتى يقرأ, وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسورة عند الركوع )).
وصدقه أُبَيّ بن كعب على ذلك.
ووافق يونسَ أشعث الحمراني عن الحسن فقال: (( سكتة إذا استفتح، وسكتة إذا فرغ من القراءة كلها )).
وخالفهما قتادة، فقال عن الحسن: أن سمرة بن جندب وعمران بن الحصين تذاكرا، فحدث سمرة أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين، سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } فقط، فحفظ ذلك سمرة، وأنكر عليه عمران بن حصين، فكتبا في ذلك إلى أُبَيّ بن كعب فكان في كتابه: (( أن سمرة قد حفظ )).
وقال قتادة أيضاً عن الحسن عن سمرة: (( سكتتان حفظتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دخل في الصلاة، وإذا فرغ من القراءة )), ثم قال بعد: (( وإذا قال: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } )).
فقد اتفقت الأحاديث أنها سكتتان فقط:
إحداهما: سكتة الافتتاح.
والثانية: مختلف فيها.
فالذي قال: إنها بعد قراءة الفاتحة هو قتادة.
وقد اختُلف عليه، فمرة قال ذلك، ومرة قال: (( بعد الفراغ من القراءة )).
ولم يُختلف على يونس وأشعث أنها بعد فراغه من القراءة كلها.
وهذا أرجح الروايتين, والله اعلم.
وبالجملة فلم يُنقل عنه صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه كان يسكت بعد قراءة الفاتحة حتى يقرأها من خلفه, وليس في سكوته في هذا المحل إلا هذا الحديث المختلف فيه كما رأيت, ولو كان يسكت هنا سكتة طويلة يدرك فيها المأموم قراءة الفاتحة لما خفى ذلك على الصحابة، ولكان معرفتهم به ونقلهم له أهم من سكتة الافتتاح.انتهى.