إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > العقيدة > خطبة مكتوبة بعنوان: « الأحكام التي يحتاج الناس إلى معرفتها أوقات نزول الأمطار ». ملف [ word – pdf ] مع نسخة الموقع.

خطبة مكتوبة بعنوان: « الأحكام التي يحتاج الناس إلى معرفتها أوقات نزول الأمطار ». ملف [ word – pdf ] مع نسخة الموقع.

  • 16 فبراير 2017
  • 19٬209
  • إدارة الموقع

الأحكام التي يحتاج الناس إلى معرفتها أوقات نزول الأمطار

الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ المُنعِمِ بالخيراتِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ المَبعوثُ بالتيسيراتِ، اللهمَّ فصَلِّ وسَلِّمْ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ.

أمَّا بعدُ، أيُّها المُسلِمونَ:

فإنَّ نُزولَ الأمطارِ على الأرضِ وما فيها مِن مخلوقاتٍ لَمِن أجلِّ نِعَمِ اللهِ، وأعظمِ ما وهَب عبادَهُ، فبالماءِ حياةُ العِبادِ والبلادِ، لحيثُ قالَ اللهُ سُبحانَهُ مُخبِرًا: { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ }، وقالَ تعالَى مُمتَنًّا: { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا }، وقالَ ــ جلَّ وعزَّ ــ مُتفضِّلًا: { وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ }.

أيُّها المُسلِمونَ:

إنَّنا نعيشُ في مَوسِمِ نُزولِ الأمطار، وإنَّ الأحكامَ المُتعلِّقةَ بنُزولِهَا كثيرَةٌ، وتدخلُ في أبوابٍ عديدَةٍ مِن الدِّينِ، وتعلُّمُها مِن تقوى اللهِ، وسُبلِ رِضَاهُ، فاتقوهُ بالفقهِ فيها لعلَّكُم تُرحَمونَ، وقد قالَ اللهُ ــ جلَّ وعلا ــ: { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ }، وقالَ سُبحانَهُ: { إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا }.

وإنَّ مِن أحكامِ الأمطارِ المُتعلِّقَةِ بالعقيدَةِ: أنَّ اللهَ هوَ المُتفضِّلُ على عبادِهِ بالمطرِ، رحمَةً مِنهُ لَهُم، وجُودًا بِهِ عليهِم، وإحسانًا إليهِم، لِدفعِ حاجَتِهِم، وسَدِّ ضَرورَاتِهِم، وإصلاحِ مَعيشَتِهِم، ونِسبَتُهُ إليهِ سُبحانَهُ وحدَهُ إيمانٌ، ونِسبَتُه إلى غيرِهِ كالنَّجومِ والكواكبِ كُفرٌ، لِمَا صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( قَالَ اللَّهُ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَبِرِزْقِ اللَّهِ وَبِفَضْلِ اللَّهِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ كَافِرٌ بِي ))، بلْ ومِن عقائِدِ كُفَّارِ الجاهليَّةِ، حيثُ صحَّ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: ــ وذَكَرَ مِنها ــ: الْاسْتِسْقَاء بِالنُّجُومِ ))، أي: اعتقادُ نُزولِ المطرِ بسببِ سقوطِ نَجْمٍ في جِهَةٍ، وطلوعِ نَجْمٍ آخَرٍ في جِهَةٍ تُقابلُهُ.

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالعقيدَةِ أيضًا: أنَّ العلمَ بوقتِ نُزولِ المطرِ إلى الأرض خاصٌّ باللهِ وحدَهُ، لا يَعلمْهُ أحدٌ، لا الأنبياءُ ولا الأولياءُ ولا أهلُ الفَلَكِ والأرصادِ ولا الكُهَّانُّ والمُنجِّمونَ والسَّحرةُ ولا غيرُهُم، لِما صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَفَاتِحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ ــ وذَكرَ مِنها ــ: وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي المَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا اللهُ ))، ويُخالِفُ هذا الحديثَ النَّبويَّ ويَضِلُّ في هذا الأمرِ فَريقانِ، أحدُهما: الصُّوفيَّةُ، حيثُ يَزعُمونَ أنَّ بعضَ الأولياءِ يَعلمونَ وقتَ نُزولِ المطرِ، والثاني: بعضُ أهلِ الأرصَادِ، حيثُ نَسمعُ مِنهُم ونَقرأُ لَهُم الجَزمَ بنُزولِ المطرِ في وقتٍ مُحدَّدٍ، وقد قالَ القاضي ابنُ الطيِّبِ المالِكيُّ ــ رحمهُ اللهُ ــ: «مَن قالَ: غدًا يَنزلُ الغيثُ ضُرِبَ وسُجِنَ واستُتِيبَ مِن ذلكَ، على هذا: نصَّ أهلُ العلمِ مِن أهلِ السُّنَّةِ والجماعِةِ».

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالطهارَةِ: أنَّ ماءَ المطرِ طاهِرٌ في نفسِهِ ومُطَهِّرٌ لِغيرِهِ، يَرفعُ الحدَثَ الأصغرَ والأكبرَ، ويُطهِّرُ الأبدانَ والثيابَ وأماكنَ الصلاةِ مِن النَّجاسَةِ والقذَرِ، لِقولِ اللهِ سُبحانَهُ: { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ }، وقولِهِ تعالى: { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا }.

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالأذانِ: أنَّه يُشرَعُ لِلمُؤذِّنِ حينَ نُزولِ المطرِ أنْ يقولَ في أذانِهِ مرَّتين: «الصَّلاةُ فِي الرِّحَالِ» أو «صَلُّوا فِي بُيُوتِكُم»، لِثبوتِهِ في عدِّةِ أحادِيثَ، فصحَّ: (( أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ المُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقُولَ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ))، أي: صَلُّوا في أماكنِكم، ومَحَلُّ قَولِ: «صَلُّوا فِي رِحَالِكُم أو بُيوتِكُم» بعدَ آخِرِ جُملَةٍ مِن الأذانِ، لِمَا صحَّ في الحديثِ أنَّهُ: (( قَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ))، أو يقولُهَا بعدَ قولِ: «حيَّ على الفلاح»، لِمَا صحَّ عن صحابيٍّ: (( أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ»: «صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» )).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالصلاةِ: أنَّ وجوبَ شُهودِ صلاةِ الجُمُعَةِ والجماعَةِ عندَ أكثرِ الفقهاءِ يَسقطُ عن المأمومِينَ حينَ نُزولِ المطرِ الذي يَبُلُّ الثيابَ ويُتَأذَّى بِهِ، لِمَا صحَّ أنَّ ابنَ عباسٍ قالَ لِلمُؤذِّنِ في يومِ جُمُعَةٍ مَطِيرِ أنْ يقولَ في أذانِهِ: (( صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، يَعْنِي: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ))، وصحَّ أنَّ جابرًا قالَ: (( خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَمُطِرْنَا، فَقَالَ: لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ ))، أي: في مكانِهِ، وأمَّا الإمامُ: فإنَّهُ يَحضُرُ ويُصلِّي الجُمُعَةَ والجماعَةَ بمَن حضرَ مِن الناسِ، لِحديثِ ابنِ عباسٍ السابقِ، وغيرِهِ، ولِمَا صحَّ أنَّ أبا سعيدٍ قالَ: (( جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ السَّقْفُ، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي المَاءِ وَالطِّينِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ )).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالصلاةِ أيضًا: أنَّه يُباحُ عندَ أكثرِ الفقهاءِ لِلإمامِ أنْ يَجمعَ العِشاءَ معَ المغربِ إذا كانَ المطرُ نازِلًا، لِثبوتِ الجمعِ بينهُما عن أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إذْ صحَّ: (( أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ، فَيُصَلِّي مَعَهُمُ ابْنُ عُمَرَ لَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ))، وأمَّا جَمْعُ الإمامِ العصرَ معَ الظهرِ بسببِ المطرِ: فأكثرُ الفقهاءِ يقولونَ: «لا يجوزُ، لِعدَمِ ورُودِهِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابِهِ»، وذهبَ الشافعيُّ وغيرُهُ إلى جوازِهِ، وأمَّا جمعُ العصرِ مع الجمعةِ: فلا يجوز عندَ أكثرِ العلماءِ لا في مطرٍ ولا في سفرٍ، لِعدَمِ ورُودِهِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولا أصحابِهِ.

وهنا تنبيهان مُهمَّان:

الأوَّل: أنَّ بعضَ الأئمَّةِ يَجمعُونَ وقتَ المطرِ القليلِ الذي لا مشَقَّةٌ فيهِ على الناسِ في أبدانِهِم أو ثيابِهِم ولا يَتأذَّونَ بِهِ، وهذا الجمعُ لا يجوزُ، ومَن فعلَهُ أعادَ الصلاةَ الثانيةَ في وقتِها، وقد نصَّ الفقهاءُ على أنَّهُ لا بُدَّ لِجوازِ الجمْعِ: «أنْ يَبُلَّ المطرُ الثيابَ وتَلحقُ النَّاسَ مشقَّةٌ بالخروجِ فيهِ ولو قليلَة».

الثاني: أُبِيحَ الجمعُ بينَ الصلاتينِ في المطرِ لأجلِ دَفعِ الأذَى عن أبدانِ الناسِ وثيابِهِم إذا خرَجوا إلى المسجدِ وقتَ الصلاةِ الثانيةِ، وعليهِ فلا يَدخلُ في هذهِ الإباحَةِ: مَن كانَ في مكانٍ لا يَخرجُ مِنهُ إلى المسجدِ، كمَن يكونُ في البيتِ أو خيمَةٍ في البَّرِ أو سِجْنٍ أو مَقرِّ عملٍ أو مستشفًى وأشباهِ ذلِكَ، لأنَّهُ لا مشقَّةَ ولا أذىً يَلحقُهُ.

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالزَّكَاةِ: أنَّ زكَاةَ الحُبوبِ والثِّمارِ التي تُسقَى بماءِ المطرِ هوَ العُشرُ، لأنَّهُ لا كُلفَةَ في سَقْيِةِ، وما سُقِيَ بكُلفَةٍ ومشَقَّةٍ فزَكَاتُهُ نَصفُ العُشرِ، لِمَا صحّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ )).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقةِ بالزَّكَاةِ أيضًا: أنَّ منعَ النَّاسِ زكَاةَ أموالِهِم مِن أسبابِ مَنْعِ المطرِ عنهُم، لِقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الثابتِ: (( وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا )).

هذا: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }.

الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الرَّاحمِ، والصَّلاةُ على النبيِّ الصَّائمِ القائِمِ، وصحابتِهِ الأكارِمِ.

أمَّا بعدُ، أيُّها المُسلِمونَ:

فإنَّ مِن أحكامِ نُزولِ الأمطارِ المُتعلِّقَةِ بالأذكَارِ: أنَّهُ يُستحَبُّ أنْ يقولَ العبدُ عندَ نُزولِ المطرِ وبعدَهُ ما ثبتَ في السُّنةِ النَّبويَّةِ مِن أدعيةٍ وأذكارٍ، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا رَأَى المطرَ قالَ: (( اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا ))، وصحَّ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( قَالَ اللهُ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ )).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالأذكَارِ أيضًا: أنْ يُقالَ عندَ سماعِ الرَّعدِ ما صحَّ عنِ ابنِ الزُّبيرِ: (( أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ» ))، وما ثبتَ عنِ ابنَ عباسٍ أنَّهُ قالَ: (( مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ فَلْيَقُلْ: «سُبْحَانَ مَنْ سبَّحَتْ لَهُ» )).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالتَّيَمُّنِ: أنَّه يُستحَبُّ التَّيَمُّنُ بالمطرِ بكشفِ شيءِ مِن اللباسِ عن البَدنِ لِيُصيبَهُ المطرُ، وتعريضُ شيءٍ مِن المَتاعِ والثيابِ لَهُ، لِمَا صحَّ عن أنسٍ أنَّهُ قالَ: (( أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ، فَحَسَرَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ ))، وصحَّ أنَّ ابنَ عباسٍ: ((كَانَ إِذَا مَطَرَتِ السَّمَاءُ يَقُولُ: يَا جَارِيَةُ أَخْرِجِي سَرْجِي أَخْرِجِي ثِيَابِي، وَيَقُولُ: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا})).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالدُّعَاءِ: أنَّه يجوزُ لِخطيبِ الجُمُعَةِ أنْ يَدعوَ اللهَ في الخُطبَةِ بنُزولِ المطرِ إذا احتاجَ الناسَ إليهِ، ويَرفعُ يديهِ في هذا الدُّعاءِ، ويَرفعُ الناسُ أيديَهُم معَهُ، ويُؤمِّنوا سِرًّا على دعائِهِ، لِمَا صحَّ: (( أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» ))، وفي لفظٍ صحيحٍ آخَرٍ: (( فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ يَدْعُو وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَهُ )).

ومِن أحكامِهِا المُتعلِّقَةِ بالدُّعَاءِ أيضًا: أنَّه نُقِلَ عن جماعَةٍ مِن السَّلفِ الصَّالحِ الدُّعاءُ عندَ نُزولِ المطرِ، فقال الإمامُ الشافعيُّ ــ رحمهُ اللهُ ــ: «وَقَدْ حَفِظْتُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ طَلَبَ الْإِجَابَةِ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ»، وثبتَ عن عطاءٍ تِلميذِ الصحابَةِ أنَّهُ قالَ: (( ثَلَاثُ خِلَالٍ تُفَتَّحُ فِيهِنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَاغْتَنِمُوا الدُّعَاءَ فِيهِنَّ ــ وذكرَ مِنها ــ: عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ ))، وورَدَ الدعاءُ عندَ المطرِ في عِدَّةِ أحاديثَ ضَعيفَةٍ، وبعضُ العلماءِ قوَّاها بالطُّرق.

اللهمَّ: إنَّا نعوذُ بكَ مِن دعاءٍ لا يُسمَعُ، وعلمٍ لا يَنفَعُ، وقلبٍ لا يَخشَعُ، ونفسٍ لا تَشبَعُ، اللهمَّ: إنَّا نسألُكَ عِيشَةً سَوِيَّة، ومِيتَتَةً نَقِيَّةُ، ومَرَدًّا غيرَ مُخْزٍ، اللهمَّ: وفِّق الحُكامَ ونُوَّابَهُم وجُندَهُم لِخيرِ الإسلامِ والمُسلِمينَ، وارفعِ الضُّرَ عن المُتضرِّرينَ مِنَ المُسلِمينَ، واغفِر لَنَا ولأهلِينا ولأحياء وأموَاتِ المُؤمِنينَ، إنَّكَ سميعُ الدُّعاءِ، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لِي ولَكُم.