إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > العقيدة > خطبة مكتوبة بعنوان: ” الاجتماع على ولاة الأمور وأثره على الدين والأمن والاقتصاد ” ملف : [ word – pdf ]، مع نسخة الموقع

خطبة مكتوبة بعنوان: ” الاجتماع على ولاة الأمور وأثره على الدين والأمن والاقتصاد ” ملف : [ word – pdf ]، مع نسخة الموقع

  • 16 سبتمبر 2021
  • 7٬475
  • إدارة الموقع

الاجتماع على وُلَاة الأمر وأثره على الدِّين والأمْن والاقتصاد

الخطبة الأولى: ــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الذي بنعمتِهِ تَتِمُّ الصالحاتُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ خالقُ جميعِ المخلوقاتِ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ المبعوثُ بالهُدى والبيِّناتِ، فصلَّى اللهُ وسلَّمَ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ المُؤمنين.

أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:

فأُوصِيكُم ونفسِيَ بتقوى اللهِ ــ عزَّ وجلَّ ــ، فإنَّها العُدَّةُ الوافيةُ، والجُنَّةُ الواقيةُ، وخيرُ زادٍ لكُم إلى الآخِرةِ، فاتقوا اللهَ ربَّكُم في السِّرِ والعلانيةِ، وكُونوا مِن عبادِهِ المُتقينَ، واستمِرُّوا على تقواهُ إلى حينِ انتهاءِ آجالِكُم، فقد أمرَكُم بذلكَ فقالَ سبحانَهُ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }، وصحَّ أنَّ ابنَ مسعودٍ ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ قالَ عن معنى قولِهِ سبحانَهُ: { حَقَّ تُقَاتِهِ }: (( وَحَقُّ تُقَاتِهِ: أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى, وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى, وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ )).

أيُّها المسلمون:

إنَّ مصالحَ العبادِ في دِينِهِم ودُنياهُم، وإقامتِهِم وأسفارِهِم، ومع أهلِ دِينِهِم وأهلِ المِللِ الأُخْرى، لا تستقيمُ ولا تصلحُ إلا بوجودِ حاكِمٍ عليهِم، ولِهذا اتفقَ الصحابَةُ والتابعونَ ومَن بعدَهُم على وجوبِ تَنصيبِ حاكِمٍ على الناسِ، بلْ لِعظمِ شأنِ تنصيبِ الحاكِمِ وأهميَّتِهِ الكُبرَى بادرَ الصحابةُ ــ رِضوانُ اللهِ عليهم ــ حينَ ماتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى تَنصيبِ خليفةٍ عليهِم قبلَ الصلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ودَفنِهِ، فاجتمعوا في سقيفةِ بَني ساعِدةَ وبايَعوا أبا بكرٍ الصِّديقَ ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ خليفةً عليهِم، ولو لم يَكنْ على الناسِ حاكِمٌ لَسَفكَ بعضُهُم دماءَ بعضٍ، ولَأَكلوا أموالَ بعضٍ، ولَهُتِكَتِ الأعراضُ، ولم يأمَنْ على نفسِهِ وأهلِهِ ومالِهِ حاضِرٌ ولا مُسافرٌ ولا بَادٍ، ولَخَافَ الناسُ حتى في آمَنِ بِقاعِ الأرضِ وهيَ المساجدُ، ولَتَسَلَّطَ أهلُ الإجرامِ والفسادِ والإرهاب، ولنَحَرَ واضطَهدَ الأقوياءُ الضُّعفاءَ، ولتَمكَّنَتِ القبائلُ والعِرقياتُ الأكثرُ عَددًا ومالًا مِن إذلالِ مَن هُم أقلُّ رجالًا، وأضعفُ عتادًا وجُندًا، ولَتَقاتَلَ أهلُ البلدِ الواحدِ على ثرَوَاتِها، ولَحَكَمَ أهلُ الكُفر بلادَ الإسلام، ونحنُ نَرَى اليومَ بأعيُنِنا مِثلَ هذا الشرِّ إذا ضَعُفَ حاكمُ بلادٍ، وكيف تَضعُفُ معَهُ الدولةُ كُلُّها، وتَنكسِرُ هيبتُها، ويَتقسَّمُ جُندُها، فكيف إذا أُزِيلَ الحاكمُ وأُسقِطَ.

أيُّها المسلمون:

إنَّ اجتماعَ الناسِ على حاكِمِهِم المُسلِمِ ــ ولو كانَ عندَهُ خلَلٌ وتقصيرٌ وظُلمٌ واستئثارٌ، ولَه ذُنوبٌ ــ وذلك: بالسَّمعِ والطاعةِ لَه في غيرِ معصيةِ اللهِ، وعدمِ الخُروجِ عليهِ، ومُناصحتِه في السِّر لا العلَنِ والغَيبَةِ، وتَرْكِ التحريضِ عليهِ، لَمِنْ محاسِنِ الإسلامِ الكُبرَى، وأصولِ الاعتقادِ العُظمَى، وأسبابِ قُوَّةِ البلادِ دِينيًّا ودُنيويًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، وائتِلافِ أهلِهِا، وانكِسارِ شوكةِ أعدائِها.

فاحمَدوا اللهَ ــ عبادَ اللهِ ــ واشكُروا لَهُ: أنْ أكرمَكُم بالانتِماءِ والعَيشِ والسَّكنِ في بلادٍ حُكَّامُها يَحكمونَ بشريعةِ الإسلامِ، وتتحاكمُونَ قضاءً إليها، ويُقرِّرونَ التوحيدَ ويَنشُرونَهُ ويُدرَّسُ في المساجدِ وجميعِ مراحلِ التعليمِ وقِطاعاتِ الدولَةِ، ويَنهونَ عن الشِّركِ، ويَمنعونَ مظاهرَهُ ودُعاتَهُ، ويَسعونَ إلى تقويةِ البلادِ اقتصاديًّا وعسكريًّا وأمنِيَّا، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ اللهَ ))، وإنَّ نُكرَانَ المَعروفِ والجميلِ والإحسانِ والفضلِ مِنْ أسبابِ دُخولِ النَّارِ، لِمَا صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِالله؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ )).

أيُّها المسلمون:

كُفُّوا ألسنَتَكُم وأقلامَكُم وتغريداتِكُم عن الطعنِ في حُكامِكُم، وعنْ غِيبَتِهِم وذِكرِ مثالِبِهِم والتحريضِ عليهِم، فإنَّكُم مَنهِيوُّنَ شرْعًا عنِ ذلكَ شديدًا، وهوَ مُحرَّمٌ عليكُم، ومِنَ الأسبابِ الكُبرَى لِفسادِ الدِّينِ والدُّنيا على البلادِ والشُّعوبِ والمُجتمعاتِ، وقدْ رَأيتُم وعايَشتُم وسمِعتُم وقرأتُم ما حلّ بالمسلمينَ مِن فتنٍ كِبارٍ، وكُروبٍ شِدادٍ، وشُرورٍ عِظامٍ، وقتلٍ واقتتالٍ، وذهابِ أمْنٍ، وضَعفِ اقتصادٍ، وتدميرِ بُلدانٍ، وتَشرُّدٍ في الأرضِ، وتَسلُّطِ أعداءٍ، وتكفيرٍ وتفجيراتٍ، بسببِ ترْك التعامُلٍ مع الحُكَّامِ وِفْقَ ما جاءَ بِهِ الشرعُ والشريعَةُ، وكانَ عليهِ سَلفُ الأمَّةِ الصَّالحِ، ترْكُوا هذا التعامُلَ الشرعِيَّ إلى أفكارِ وأقوالِ وأُطرُوحِاتِ ومُخطَّطاتِ جماعاتٍ وأحزابٍ ذاتِ مُسمَّياتٍ دِينيِّةٍ وفِكريَّةٍ ولا دِينيِّةٍ، وكلامِ مُنَظِّرِيها ودُعاتِها ورُموزِها ومُفكِّريِها، وقدْ ثبتَ عنْ أنسٍ ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ أنَّهُ قالَ: (( نَهَانَا كُبَرَاؤُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «لَا تَسُبُّوا أُمَرَاءَكُمْ وَلَا تَغِشُّوهُمْ وَلَا تَبْغَضُوهُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاصْبِرُوا فَإِنَّ الْأَمْرَ قَرِيبٌ» ))، وثبتَ أنَّ ابنَ كُسَيْبٍ قالَ: (( كُنْتُ مَعَ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ تَحْتَ مِنْبَرِ ابْنِ عَامِرٍ وَهُوَ يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَقَالَ أَبُو بِلَالٍ: انْظُرُوا إِلَى أَمِيرِنَا يَلْبَسُ ثِيَابَ الفُسَّاقِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ» ))، وثبتَ أنَّ رجلًاتكلَّمَ على أميرٍ وأغلظَ القولَ لَهُ، فقالَ لَهُ عِياضُ بنُ غَنْمٍ ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ: (( أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ نَصِيحَةٌ لِذِي سُلْطَانٍ فَلَا يُكَلِّمُهُ بِهَا عَلَانِيَةً، وَلْيَأْخُذْ بِيَدِهِ، وَلْيُخْلِ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَهَا قَبِلَهَا، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ وَالَّذِي لَهُ» وَإِنَّكَ لَأَنْتَ الْمُجْتَرِئُ: أَنْ تَجْتَرِئَ عَلَى سُلْطَانِ اللَّهِ )).

{ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }.

الخطبة الثانية: ــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ، وسلامٌ على عِبادِهِ الذينَ اصْطَفَى.

أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:

فإنَّ التَّفرُّقَ في الدِّينِ إلى أحزابٍ وجماعاتٍ وتنظيماتٍ وطُرقٍ صُوفيَّهٍ لَمِنْ غِلاظِ المُحرَّماتِ وأشدِّهِا ضَررًا على الدِّينِ والدُّنيا والعِبادِ والبلادِ، لِمَا جاءَ في ذلكَ مِنْ وعيدٍ شديدٍ، حيثُ صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ مُقسِمًا باللهِ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ» ))، وبَرَّأَ اللهُ رسولَهُ صلى الله عليه وسلم مِن التفرُّقِ في الدِّينِ، فقالَ سبحانَهُ: { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ }، وزَجَرَ اللهُ المُؤمنينَ عنهُ وبيَّنَ لَهُم أنَّهُ مِنَ التَّشبُّهِ بالمُشركينَ، فقالَ تعالى: { وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }، ووعَدَ اللهُ عليهِ بالعذابِ العظيمِ، فقالَ سبحانَهُ: { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }، وأقبَحُ مِنْ ذلكَ وأشنعُ وأظلَمُ وأطْغَى: أنْ يُتفرَّقَ الناسُ إلى تياراتٍ لا دِينيَّةٍ تغريبيَّةٍ، مِن لِبرالِيةٍ وعَلمانيَّةٍ وانحلالِيَّةِ إلحادِيَّةٍ وشُيُوعِيَّةٍ وأشباهِها مِمَّا جاءَ بِهِ أهلُ الكفُرِ، وقدْ قالَ اللهُ تعالَى: { فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ }، وقالَ سبحانَهُ: { مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ }، وقالَ تعالى: { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً }.

أيُّها المسلمون:

إنَّ نصيحَةَ الحاكِمِ لو كانتْ حقًّا وبالحقِّ فإنَّها شرْعًا لا تكونُ في العلَنِ ولا مِن خَلفِهِ ولا في غَيبَتِهِ، بلْ تكونُ في السِّرِ وأمَامَهُ، وبالمُكاتباتِ السِّريةِ إليهِ، وبضوابطِ الشريعةِ وآدابِها معَهُ، والحاكِمُ بذلِكَ هوَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا نَحنُ، حيثُ صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ نَصِيحَةٌ لِذِي سُلْطَانٍ فَلَا يُكَلِّمُهُ بِهَا عَلَانِيَةً، وَلْيَأْخُذْ بِيَدِهِ، وَلْيُخْلِ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَهَا قَبِلَهَا، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ ))، وعلى هذا الطريقِ سَارَ الصحابَةُ ــ رضيَ اللهُ عنهُم ــ، فصحَّ أنَّهُ قِيلَ لأُسَامَةَ ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ: (( أَلاَ تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فَقَالَ: أَتُرَوْنَ أَنِّى لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ ))، وثبتَ أنَّ ابنَ جُمْهَانٍ قالَ: (( لَقِيتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقُلْتُ له: إِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ وَيَفْعَلُ بِهِمْ، فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ وَإِلَّا فَدَعْهُ ))، وثبتَ أنَّهُ قيلَ لابنِ عباسٍ ــ رضيَ اللهُ عنهُما ــ: (( آمُرُ إِمَامِي بِالْمَعْرُوفِ؟ فَقَالَ: َإِنْ كُنْتَ وَلَا بُدَّ فَاعِلًا فَفِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، وَلَا تَغْتَبْ إِمَامَك ))، وإنَّما جعَلَتِ الشريعةُ نُصْحَ الحاكِمِ بهذهِ الطريقَةِ رحمةً بالنَّاسِ، وتقليلًا لِلشُّرورِ والفِتنِ والمفاسِدِ عنِ الأمَّةِ، وتكثيرًا لِلمصالِحِ الدِّينيِّةِ والدُّنيويِّةِ إلى العِبادِ والبلادِ، وحِفظًا لِلبلادِ ووَحْدَتِها وائتِلافِها مِنْ أطماعِ طُلابِ الحُكمِ والخَوَنَةِ لأوطانِهِم والأعداءِ وذُيولِهِم وأتباعِهم.

اللهمَّ: وفِّقْ وُلاةَ أمورِ المسلمينَ لِلعملِ بشريعتِكَ ونُصرتِها ونشرِها في الأرض، واقمَعْ بِهمْ أهلَ الشَّرِ والإجرامِ والإفسادِ والإرهابِ والبدعِ والضلالاتٍ، وارزُقهُم نُوَّابًا وعمَّالًا وجندًا صالحينَ مُصلِحينَ ناصحينَ أمينينَ صادقينَ، اللهمَّ: جنِّبنا الشِّركَ صغيرَهُ وكبيرَهُ واقبِضْنا إليكَ مُوحِّدِينَ سُنيِّينَ مُتَّبعِينَ، ربَّنا هَبْ لنَا مِن أزواجِنا وذُرِّياتِنا قُرَّةَ أعيُنٍ واجعلْنا لِلمُتقينَ إمامًا، واغفرْ لِلمسلمينَ والمسلماتِ الأحياءِ مِنهُم والأمواتِ، وارْفعِ الضُّرَ عنِ المُتضرِّرينَ مِنهم في فلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ، إنَّكَ سميعُ الدُّعاءِ، وأقولُ هذا، وأستغفِرُ اللهَ لِي ولَكُم.