إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > التاريخ والسيرة > خطبة مكتوبة بعنوان: ” أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الرفيعة وآدابه الجميلة ” ملف [ word – pdf ] مع نسخة الموقع.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الرفيعة وآدابه الجميلة ” ملف [ word – pdf ] مع نسخة الموقع.

  • 9 مارس 2015
  • 117٬775
  • إدارة الموقع

أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الرَّفيعة وآدابه الجميلة

الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــ

أحمدُ اللهَ الكريمَ على إِفْضَالِهِ، وأشكُرُهُ على تَوالِي آلائِهِ، وأشهدُ لَهُ  بالإلهِيَّةِ واستحقاقِ العبادَةِ، وأشهدُ لِعبدِهِ محمدٍ بالنُّبوَّةِ والرِّسالَةِ، وأُتَمِمُّ بالصلاةِ والسلامِ عليهِ، والتَّرَضِّي على أصحابِهِ وآلِ بيتِهِ.

أمَّا بعدُ، فيَا أُمَّةَ النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم:

لقدْ قالَ اللهُ ــ جلَّ وعلا ــ داعِيًا لَكُم ومُرغِّبًا: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }، ألَا فاقتَدُوا وتأسَّوا واهتَدُوا بِهِ صلى الله عليه وسلم في أخلاقِهِ الجليلَةِ الجميلَةِ، وأدَبِهِ الرَّفيعِ العالِي، ومُعامَلَتِهِ الزَّكيَّةِ الراقِيَةِ، فلقدْ كانَ صلى الله عليه وسلم صاحِبَ خُلقٍ عظيمٍ عالٍ كريمٍ، وأدَبٍ طيِّبٍ جليلٍ، لا نَظيرَ لَهُ فيهِ ولا مَثيلَ، ويَكفِيهِ فخْرًا أنَّ اللهَ رَبَّهُ شهدَ لَهُ بذلِكَ، فقالَ سُبحانَهُ: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }، وشهدَ لِأخلاقِهِ صلى الله عليه وسلم بالحُسنِ مَن عاشَرَهُ وخالَطَهُ وجالَسَهُ ورَآهُ، فصَحَّ عنِ البَراءِ وعنْ أنسٍ ــ رضِيَ اللهُ عنهُما ــ أنَّهما قالا: (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ))، وصحَّ أنَّ ابنَ هِشامٍ قالَ لِعائِشَةَ ــ رضِيَ اللهُ عنها ــ: (( أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ ))، وتَعنِي بذلِكَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَتأدَّبُ بما جاءَ في القرآنِ مِن آدَابٍ طيِّبَةٍ، ويَتخلَّقُ بِما ذُكِر فيهِ مِن أخلاقٍ عالِيَةٍ، ويَعملُ بما ورَدَ فيهِ مِن مَكارَمَ ومَحاسِنَ جليلَةٍ، وشَهدَ لأخلاقِهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسُ قبلَ أنْ يُبعَثَ، فصحَّ أنَّ مَلِكَ الرُّومِ هِرَقْلَ قالَ لأبِي سُفيان قبلَ إسلامِهِ يَسألُهُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (( وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَزَعَمْتَ: أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ))، وصحَّ أنَّ قُريشًا قالتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم في المَلأِ: (( مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا )), وصحَّ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم حينَ كانَ يَتعبَّدُ في غارِ حِرَاءِ قبلَ أنْ يُبعَثَ نَزَلَ عليهِ المَلَكُ جِبرِيلُ ــ عليهِ السلامُ ــ، فجَرَى بينَهُما ما جَرَى، ورجعَ إلى بيتِهِ في خوفٍ شديدٍ يَرتَعِدُ، يُخبِر زوجَهُ خَدِيجَةَ ــ رضِيَ اللهُ عنها ــ بأنَّهُ خَشِي على نفسِهِ، فقالتْ تُثَبِّتُهُ صلى الله عليه وسلم: (( كَلَّا أَبْشِرْ، فَوَاللهِ: لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ: إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ))، بلْ إنَّ تَتمِيمَ صالِحَ الأخلاقِ ومكارِمَهَا مِن مقاصِدِ بِعثِهِ وإرسالِهِ للناس، حيثُ صحَّ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ )).

أُمَّةَ النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم:

إنَّ مِن أخلاقِ النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم الطَّيِّبَةِ الجَميلَةِ الجَلِيلَةِ: لِينَ الجانِبِ واستعمالَ اللِّينِ معَ المُؤمنينَ، فلا يُعامِلُهُم بالخُشونَةِ والغِلظَةِ، ولا يُقابِلُهُم بالعُنفِ والشِّدَّةِ والفَظاظَةِ، ولا يُهِينُهُم بالسِّبابِ والشِّتائِمِ، ولا يَعتدِي عليهِم بالأذِيَّةِ والضَّربِ، بلْ تَراهُ حسَنَ المُعاشرَةِ معَهُم، لَطيفَ القولِ إنْ حادَثَهُم، رَفيقًا بِهِم، سَهْلًا لا يُثقِلُ عليهِم، سَمْحًا لا يَغُمُهم، وقد قالَ اللهُ رَبُّهُ سُبحانَهُ في وصْفِهِ مُمتنًا عليهِ بذلِكَ: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ }، وصحَّ أنَّ خادِمَهُ أنسَ بنَ مالِكٍ ــ رضِيَ اللهُ عنهُ ــ قالَ: (( خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللهِ مَا قَالَ لِي: أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟ وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا؟ وَلَا عَابَ عَلَيَّ شَيْئًا قَطُّ )).(( لَا وَاللَّهُ مَا سَبَّنِي سَبَّةً قَطُّ ))، وصحَّ عنهُ أيضًا أنَّهُ قالَ: (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَذْهَبُ، وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللهِ ))، وصحَّ أنَّ الجَدَلِيَّ قالَ: (( سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ ))، وجاء في حديثٍ حسَّنَهُ جَمْعٌ مِن العلماءِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ مَنْ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ قَرِيبٍ سَهْلٍ )).

ومِن أخلاقِ النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم الطَّيِّبَةِ الجَميلَةِ الجَلِيلَةِ: الإعراضُ عنِ الجاهِلينَ والسُّفهاءِ إذا خاطبُوهُ بما لا يَليقُ مِنَ القولِ أوْ عامَلوهُ بما لا يَحسُنُ مِن المُعامَلَةِ، فيَحتمِلُ صلى الله عليه وسلم أذاهُم، ولا يَلتفِتُ إلى ما قالوا أو فعلوا، ولا يُعامِلُهُم بالمِثلِ، ولا يَمتنِعُ عن مُقابَلَتِهِم بعدَها بالإحسانِ والعدْلِ، امتثالًا لأمْرِ ربِّه ــ عزَّ وتقدَّسَ ــ: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }.{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا }، وصحَّ أنَّ عَائِشَةَ ــ رضِيَ اللهُ عنها ــ قالتْ في شأنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (( وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ ))، وصحَّ أنَّها قالتْ: (( مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))، وصحَّ عن أنسٍ ــ رضِيَ اللهُ عنهُ ــ أنَّهُ قالَ: (( كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ البُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ ))، وصحَّ أنَّ عائِشة ــ رضِيَ اللهُ عنها ــ قالتْ: (( مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْتَصِرًا مِنْ مَظْلِمَةٍ ظُلِمَهَا قَطُّ )).

وهذا الخُلُقُ وهوَ: احتِمالُ أذِيَّةِ الناسِ، ودَفعُها بالصَّفحِ والعَفوِ، ومُقابَلتُها بالصَّبرِ والحِلمِ، ورَأبُها بالقولِ اللِّينِ والفِعالِ الطَّيِّبَةِ ــ معَ ما فيهِ مِن أجْرٍ كبيرٍ، وثوابٍ عظيمٍ ــ، فهو يُصلِحُ النفوسُ، ويُزيِلُ أحقادَهَا وأضغانَهَا، فيَنقَلِبُ العَدوُ إلى صديقٍ، والمُبغِضُ إلى مُحِبٍّ، ومُتَتبِّعِ الزَّلاتِ إلى سَادّ لَهَا ساتِرٍ عليها، ويَرفَعُ قدْرَ صاحِبِهِ عندَ اللهِ وعِندَ الناسِ، ويَشُرفُ بِهِ في الأرضِ، ويُثنَى عليهِ بسبَبِهِ في حياتِهِ وبعدَ مماتِهِ، وقدْ قالَ اللهُ سُبحانَهُ مُحرِّضًا ومُشوِّقًا إلى التَّخَلُّقِ بهذا الخُلقِ النَّبيلِ الشِّريفِ: { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }.

فاللهمَّ: تَوَفَّنَا مُسلِمينَ، ولا تُخْزِنَا يومَ يُبعَثونَ، واحشُرْنَا معَ النَّبِيينَ.

الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ رّبِّ العالَمِينَ، والصلاةُ والسلامُ على جميعِ النَّبيينَ، وعلى آلِهِم وأصحابِهِم وأتباعِهِم مِنَ المؤمنينَ.

أمَّا بعدُ، فيَا أُمَّةَ النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم:

اتقوا اللهَ حقَّ تقواهُ، واعلَموا أنَّ مِن تقواهُ أنْ تَتخلَّقوا بكُلِّ خُلقٍ جميلٍ، وتُنَزِّهُوا أنفُسَكُم عن كُلِّ خُلقٍ رَذيلٍ، فإنَّ العبدَ لا يَزالُ يَترَقَّى بأخلاقِهِ الكريمَةِ، ويَرتفع بآدَابِهِ القَويمَةِ، ويَثْقُلُ مِيزانُهُ بِمكارِمِهِ، ولا يَزالُ يَسْفُلُ في أخلاقِهِ، ويَنزِلِ في آدابِهِ، ويَنحَطُّ في مَكارِمِهِ حتى يَهبِطَ إلى أسْفلِ الدَّركاتِ، وتَثْقُلَ صحيفتُهُ بالآثامِ والخَطِيئاتِ، وإنَّكُم لَتعلَمونَ ما لِلأدبِ الجميلِ، والخُلقِ الحسنِ الرَّفيعِ مِن آثارٍ طيِّبَةٍ، وقَبولٍ واحتفاءٍ، وذِكر ٍعاطرٍ ظاهرٍ، وتشريفٍ وتكريمٍ، ومنزِلَةٍ عاليَةً رفيعَةً عندَ اللهِ وعندَ عبادِهِ، وفي الدِّينِ والدُّنيا والآخِرَةِ، وتعلمونَ كثرَةَ الأحاديثِ النَّبويَّةِ المُرغِّبَّة في حُسنِ الأخلاقِ وتَتمِيمِها، والمُحرِّضَّةِ على التخلُّقِ بِها وتَطيِيبِها، والمُرهِّبَةِ مِن سُوءِ الأخلاقِ، ومِنَ التلوُّثِ بِها، والوقوعِ في أوحالِها.

حيثُ ثبتَ أنَّ صَحابيًّا طلبَ مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الوصِيَّةَ، فقالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: (( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ))، وصحَّ أنَّ رَجُلاً سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن البِرِّ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: (( الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ))، وثبتَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل عن أكثرِ ما يُدخِلُ الناسَ الجنَّةَ، فقال صلى الله عليه وسلم: (( تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ ))، وثبتَ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنَّ أحسَنَ الناسِ أخلاقًا مِن خِيارِ الأُمَّةِ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقاً ))، وثبتَ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم قالَ عن عِظَمِ أجْرِ حُسنِ الخُلُقِ: (( مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ ))، وثبتَ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ عنِ الدَّرَجَةِ العالِيِةِ التي تَحصلُ لِلمؤمنِ بسببِ حُسنِ خُلُقِهِ: (( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ ))، وثبت أنَّ أحبَّ الأُمَّةِ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأقربَهُم مجلِسًا مِنهُ يومَ القيامَةِ أحسَنُهُم خُلقًا، حيثُ قالَ صلى الله عليه وسلم: (( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا ))، وبيَّنَ صلى الله عليه وسلم منزِلِةَ حُسنِ الخُلقِ مِنَ الإيمانِ، فثبتَ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ: (( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ))، بلْ إنَّ مَن حَسَّنَ خُلقُهُ مَوعودٌ ببيتٍ في أعلَى الجنَّةِ، حيثُ ثبتَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ )).

اللهمَّ: أحسَنْتَ خَلْقَنَا فأحسِنْ خُلُقَنَا، اللهمَّ: اهدِنَا لأحسَنِ الأخلاقِ لا يَهدِي لأحسَنِها إلا أنتَ، واصرِفْ عنَّا سيِّئَها لا يَصرِفُ عنَّا سَيِّئَها إلا أنتَ، اللهمَّ: إنَّا نعوذُ بِكَ مِن الشِّقاقِ والنِّفاقِ وسُوءِ الأخلاقِ، اللهمَّ: ارفعِ الضُّرَ عنِ المُتضرِّرينَ مِنَ المُسلِمينَ، اللهمَّ: اغفِرْ لَنَا ولأهلِينا ولِجميعِ المُسلِمينَ أمواتًا وأحياءً، إنَّكَ سميعُ الدُّعاءِ، وأقولُ هذا، وأستغفِرُ اللهَ لِي ولَكُم.