تهنئة الكفار بأعياد دِينِهم ومُشاركتِهم فيها وإعانتِهم عليها وإهدائِهم لأجلها مُحرَّمات باتفاق العلماء
الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــ
الحمدُ للهِ الذي هدَانا لِلإسلام، ومَنَّ علينا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولًا، وجعلَنا في خيرِ الأُمَمِ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على جميعِ النِّبيينَ، وآلِ كُلٍّ وصحابتِهِم المُؤمنين.
أمَّا بعدُ، فيَا أيُّها النَّاسُ:
اتقوا اللهَ الذي خلقَكُم والجِبِلَّةَ الأوَّلِين، بالاستمساكِ بدِينِهِ الإسلامِ إلى ساعَةِ المماتِ، وأكثِروا مِن شُكرِهِ على امتنانِهِ عليكُم بنِعمَةِ الهدايَةِ لِلإسلامِ، والإخراجِ مِن ظُلمَةِ الشِّركِ ونجاستِهِ إلى نُورِ التوحيدِ وطهارتِهِ، ومِن طريقِ النَّارِ وعذابِها إلى طريقِ الجنَّةِ ونعيمِها، فالحمدُ للهِ أنْ رحمَنَا فجَعلَنا مِمَّن يُؤمنُ بِهِ، ولا يَصرفُ العبادةَ إلا لَهُ وحدَهُ، فلَهُ نَركعُ ولَهُ نَسجدُ، ووحدَهُ ندعو، وبِهِ نستغيثُ ونَستعيذُ، ولَهُ نذبحُ ونَنذرُ، وغيُرنا مُشرِكٌ بِهِ وكافرٌ، يَعبدُ وثنًا أوْ يَسجدُ لِنارٍ أوِ شمسٍ أوِ يتقرَّبُ إلى بقرَةٍ أو يَدعو آدَمِيًّا صالِحًا، يَستغِيثُ بِهِ ويطلبُ مِنهُ الفرَجَ والمَددَ وزوالَ الشدائد، أو يطوفُ لِصاحِبِ قبرٍ ويذبحُ لَهُ ويَنذرُ، أو يَعبدُ المسيحَ عيسى بنَ مريمَ ــ عليهِ السلامُ ــ وأمَّهُ، فلهُما يُصلِّي ويَسجدُ ويَتقرَّبُ، وإليهِما يَلجَأُ، وبهما يَستنصِرُ ويَحتمِي ويَستعيذُ، ومِنهما يَطلبُ حوائجَ دُنياهُ، وكَشْفَ ما بِهِ مِن ضُرٍّ، وإليهِما يتوبُ، وإيِّاهُما يَسألُ مغفرةَ ذُنوبِهِ، ألَا فاشكُروا ربَّكُمُ القائلَ سُبحانَهُ: { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ }، وتذكَّروا قولَ يُوسُفَ ــ عليهِ السلامُ ــ للسَّجِينينِ معَهُ شاكرًا ربَّهُ على نِعمَةِ الإسلامِ: { وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ }، وصحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابَهُ كانوا يَرتجزونَ في غزوةِ الأحزبِ، فيقولونَ شاكرينَ لِربِّهم سُبحانَهُ: (( اللهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا )).
أيُّها النَّاسُ:
إنَّنا قد نشاهِدُ قريبًا في الخامسِ والعشرينَ مِن هذا الشهرِ المِيلادِيِّ دِيسمبرَ احتفالاتِ جُموعٍ غفيرَةٍ مِن أهلِ الكُفرِ في كثيرٍ مِن البُلدانِ بعيدٍ دِينيٍّ عندَهُم، وهوَ الكِرِيسمِس، وقد يكونُ هذا الاحتفالُ ولِلأسفِ قائمًا وظاهرًا في بعضِ بلادِ المُسلِمينَ، وأمامَ أعيُنِ صغارِهِم وكبارِهِم وذُكورِهِم وإناثِهم، بلْ ويُعِينُهُم عليهِ بعضُ المُسلِمينَ، ودُونَكم ــ فقَّهكمُ اللهُ ــ ثلاثَ وقفاتٍ مُتعلِّقَةٍ بجميعِ أعيادِ أهلِ الكُفر دِينيَّةً كانتْ أو غيرَ دِينيَّةٍ:
الوقفةُ الأولى / عن حُكمِ تهنئَةِ الكفارِ بأعيادِهَم ومُناسباتِهِم الدِّينيةِ كعيدِ الكِريسمِس أو الفَصْحِ أو النَّيروزِ أو بُوذَا وما شابَهَها.
وهذهِ التهنِّئَةُ مُحرَّمَةٌ باتفاقِ العلماءِ، حيثُ قالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ ــ رحمهُ اللهُ ــ: «وأمَّا التهنئةُ بشعائرِ الكُفرِ المُختصَّةِ بِهِ فحرامٌ بالاتفاقِ، مِثلَ أنْ يُهنِّئَهم بأعيادِهِم وصومِهِم فيقولَ: “عيدٌ مُبارَكٌ عليكَ” أو “تَهنأُ بهذا العيدِ” ونحوَهُ، وهوَ بمنزلَةِ أنْ يُهنِّئَهُ بسجودِهِ لِلصليبِ، بلْ ذلكَ أعظمُ إثمًا عندَ اللهِ وأشدُّ مَقتًا مِن التهنئَةِ بشُربِ الخمرِ وقتلِ النفسِ وارتكابِ الفرْجِ الحرامِ ونحوِهِ، وكثيرٌ مِمِّن لا قَدْرَ لِلدِّينِ عندَهُ يَقعُ في ذلِكَ، ولا يَدري قُبْحَ ما فعَلَ، فمّنْ هنَّأ عبدًا بمعصيَةٍ أو بدعَةٍ أو كُفرٍ فقد تعرَّضَ لِمقْتِ اللهِ وسَخطِهِ»، وقالَ العلامةُ العُثيمينُ ــ رحمهُ اللهُ ــ: «وإنَّما كانتْ تهنئَةُ الكفارِ بأعيادِهِم الدِّينيَّةِ حرامًا، لأنَّ فيها إقرارًا لِمَا هُم عليهِ مِن شعائرِ الكُفرِ، ورِضًا بِهِ لَهُم، وإنْ كانَ المُهَنِّئُ لا يَرضَى بهذا الكُفرِ لِنفسِهِ، لكن يَحرُمُ عليهِ أنْ يَرضَى بشعائرِ الكُفرِ أو يُهنِّئَ بها غيرَهُ، لأنَّ اللهَ لا يَرضَى بذلكَ، كما قالَ تعالى: { وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ }»، ونَقلَ الفقيهُ ابنُ الحاجِّ المالكيِّ عن الإمامِ ابنِ القاسمِ صاحبِ الإمامِ مالكٍ ــ رحمَهُمُ اللهُ ــ: «أنَّه لا يَحِلُّ لِلمُسلِمين أنْ يَبيعوا لِلنَّصَارَى شيئًا مِن مَصلَحَةِ عيدِهِم، لا لحمًا ولا إدَامًا ولا ثوبًا، ولا يُعَارُونَ دابَّةً، ولا يُعانُونَ على شيءٍ مِن دِينِهِم، لأنَّ ذلك مِن التعظيمِ لِشركِهِم، وعَونِهِم على كُفرِهِم، ويَنْبَغِي لِلسَّلاطين أنْ يَنهَوا المُسلِمينَ عن ذلِكَ، وهوَ قولُ مالكٍ وغيرِهِ، لم أعْلم أحَدًا اخْتَلَفَ في ذلِكَ». ــ ويَعني بهذا: أنَّ هذا التحريمَ قولُ جميعِ العلماءِ.
الوقفةُ الثانيةُ / عن بعضِ الصُّوَرِ المَحرَّمَةِ التي تَقعُ مِن بعضِ المُسلِمينَ أثناءَ إقامَةِ الكفارِ لأعيادِهِمُ الدِّينيَّة.
الأولى: إجابَةُ دَعوَةِ الكفارِ إلى حُضورِ هذهِ الأعيادِ، ومُشاركَتُهُم فرْحَتَها، وتَهنئَتُهُم بها، وإهداؤُهُم بمُناسَبتِها، وهذا حرامٌ باتفاقِ العلماءِ.
الثانية: إرسالُ التَّهنِئَةِ بعيدِهِم عبْرَ الكُروتِ أو الهاتفِ وبرامِجِهِ، وهذا حرامٌ باتفاقِ العلماءِ.
الثالثة: إعلانُ التَهنئَةِ بأعيادِهِم عبْرَ القنواتِ الفضائية أو برامجِ التواصُلِ أو مواقعِ شَبكَةِ “الإنترنت”، وهذا حرامٌ باتفاقِ العلماءِ.
الرابعة: تأجيرُ صالاتِ الفنادقِ والخيامِ والكراسي والفُرُشِ والأنوارِ وغيرِها لِيُقيمُوا فيها وبها أعيادَهُم الدِّينيَّةِ، وهذا حرامٌ باتفاقِ العلماءِ.
لأنَّ هذهِ الأفعالَ تُعيِنُهُم على فِعلِ ما حرَّمَ اللهُ مِن كُفرياتٍ ومُحرَّماتٍ، وقد نَهَى اللهُ الجميعَ عن ذلِكَ فقالَ سُبحانَهُ: { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }.
الوقفة الثالثة / عن حُكمِ تِهنئَةِ الكفارِ بأعيادِهِم التي لا يَزالونَ يَبتدعونَها ويُحدِثونَها لإغواءِ الناسِ، ورَميهِم في مُستنقَعِ الرَّذيلَة والفُجور، وجَرِّهِم إلى التشبُّهِ بِهِم ومُتابعتِهِم في هيئاتِهِم وأفعالِهِم وأقوالِهِم وعاداتِهِم، كعيدِ الحُبِّ وأشباهِهِ، وعيدِ آخِر السَّنةِ المِيلادِيَّةِ.
وهذهِ الأعيادُ لا يَحِلُّ تهنئَتُهُم بها، ولا يجوزُ إظهارُ السُّرورِ بحلُولِها، ويَحرُمُ التجاوُبُ معها، لا بالألبسَةِ الحمراءِ، ولا بإهداءِ الورودِ والأطعمَةِ، لا معَ الأهلِ ولا معَ الغيرِ، ولا بإظهارِ زيادَةِ الحُبِّ والغَرامِ والحُنوِّ والعاطفَةِ معَ الزوجَةِ بمُناسَبتِها، ولا بتغييرِ مَظهرِ اللباسِ والبيتِ والسيارَةِ والدُّكانِ، ولا بأيِّ شَكلٍ ومَظهرٍ وفِعلٍ يُجمِّلُ هذهِ الأعيادَ ويُزيِّنُها ويُحسِّنُها في أعيُن وقلوبِ الناسِ والنِّساءِ والصِّغارِ، لأنَّهُ يُعتَبرُ استجابَةً لِمُخطَّطاتِ المُفسدِينَ، وتوسيعًا لإفسادِهِم في صُفوفِ الناسِ، وإعانَةً لَهُم على الاستمرارِ في الإفساد، وتَشبُّهًا بِهِم، وقد نَهَى اللهُ عن ذلِكَ فقالَ سُبحانَهُ: { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }، وثبتَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ مُرهِّبًا: (( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ))، ولقد كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَحرصُ شديدًا أنْ تُخالِفَ أُمَّتَهُ الكفارَ، حتى قالَ عنهُ اليهودُ كما في “صحيحِ مسلمٍ”: (( مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ ))، وقالَ اللهُ سُبحانَهُ في وصْفِ عبادِ الرَّحمنِ: { وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ }، وقد قالَ بعضُ السَّلفِ الصالِحِ: (( الزَّورُ هوَ: أعيادُ المُشرِكِينَ ))، وصحَّ أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ قالَ: (( لَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ فَإِنَّ السَّخْطَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ )).
أيُّها النَّاسُ:
إنَّهُ معَ اتفاقِ العلماءِ على تحريمِ التهنئَةِ بأعيادِ الكفارِ الدِّينيَّةِ، فقدْ وجِدَ الآنَ مِن دُعاةِ أهلِ البدَعِ والضَّلالِ المُعاصِرينَ مَن جوَّزهُ، وبعضُهُم استحبَّهُ، وجاءَ اليومَ مَن أوجبَهُ، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ مُرَهِّبًا لَنَا مِن هؤلاءِ الدُّعاةِ: (( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةُ الْمُضِلِّينَ ))، فخافُوهُم على دِينِكُم، فإنَّ ذلكَ مِن تقوى اللهِ، والكفارُ ــ وإنْ هنئُونا بأعيادِنا ــ فلا نُقابِلُهُم بالمِثلِ، فنُهنِّئَهُم بأعيادِهِم، لأنَّ أعيادَنَا مشروعَةٌ وأعيادُهُم مُحرَّمَةٌ، بلْ ومُشتَمِلَةٌ على أنواعٍ مِن الكُفرياتِ والمُحرَّماتِ الشديدَةِ، ولِهذا لا يجوزُ أنْ تُهنِّئَ أحدًا على السَّرقَةِ أو شَرِبِ الخمرِ أو الزِّنَا أو القتلِ أو أيِّ معصيَةٍ، { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }.
الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، وأنَّ عِيسى عبدُ اللهِ ورسولُهُ، وبَشَرٌ مخلوقٌ كغيرِه.
أمَّا بعدُ، أيُّها النَّاسُ:
فإنَّ بُغضَ الكُفرِ والكافرينَ والتبرُّؤَ مِنهُم مِنَ أصولِ الإسلامِ وأعظمِ العباداتِ، لِقولِ اللهِ سُبحانَهُ: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ}، وقولِهِ تعالى:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِالله وَحْدَهُ }، وقولِ النِّبيِّ صلى الله عليه وسلم الثابتِ: (( أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ: الْحَبُّ فِي الله وَالْبُغْضُ فِي الله ))، ولا رَيبَ أنَّ الكفارَ يُبغِضونَ الإسلامَ وأهلَهُ ويُعادونَهم ويَسعونَ لإضعافِهم وتمزيقِهم وإطفاءِ نورِ الإسلامِ وحَجْبِهِ عن العِباد، لِقولِ اللهِ سُبحانَهُ: { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً }، وقولِهِ تعالى: { مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ }، وقولِهِ تعالى: { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ }.
وإنَّ بُغضَنا لِلكُفرِ وأهلِهِ لا يُبيحُ لَنَا بنصِّ القرآنِ والسُّنةِ النَّبويَّةِ الثابتَةِ واتفاقِ العلماء أنْ نَعتدِيَ عليهِم في أبدانِهِم أو أعراضِهِم أو أموالِهِم، لا في بلادِنا إنْ كانوا فيها، ولا في بلادِهِم إنْ كُنَّا فيها، أمَّا بلادُنا: فلأنَّهم دخلوها بعهدٍ وأمانٍ مِن قِبَلِ الحاكمِ أو أيِّ مسلمٍ عاقلٍ بالغٍ ذَكرٍ أو أُنثَى، وأمَّا بلادُهُم: فلأنَّا دخلنا إليها بعهدٍ ومِيثاقٍ دَوليٍّ مشهورٍ بأنْ لا نضُرَّهُم فيها، وقد قالَ اللهُ تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا }، وصحَّ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَنْ قَتَلَ مُعاهِدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ )).
هذا وأسألُ اللهَ: أنْ يُباعدَ بينَنا وبينَ ما حرَّمَ علينا، وأنْ يُعينَنا على ذِكرِهِ وشُكرِهِ وحُسنِ عبادتِهِ، اللهمَّ: إنَّا نسألُكَ عِيشَةً هنيَّةً، ومِيتتةً سوِّيَّةً، ومرَدًّا غيرَ مُخْزٍ، اللهمَّ: إنَّا نسألُكَ كما هديتَنا لِلإسلامِ أنْ لا تنزِعَهُ مِنَّا حتى تتوفَّانا ونحنُ مُسلِمينَ، اللهمَّ سدِّ الوُلاةَ ونُوَّابَهُم وجُندَهُم إلى مَراضِيكَ، واغفرْ لَنَا ولأهلِينا ولِجميعِ المُسلِمينَ أحياءً وأمواتًا، إنَّكَّ سميعٌ مُجيبٌ، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لِي ولَكُم.